أظهرت الزيارة التي اختتمها، اليوم الأربعاء، أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى أنقرة، ولقائه مع المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس، عبد الله غل، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، تناغماً قطرياً ـ تركياً، وتنسيقاً مشتركاً يسعى للبناء على الإنجاز الذي حققته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة التي صمدت، لليوم العاشر، في وجه العدوان الإسرائيلي، وكشفت عن عدة مفاجآت، أهمها وصول مدى صواريخها إلى معظم الأراضي الفلسطينية داخل الخط الأخضر، ونجاحها في تسيير طائرات من دون طيار في سماء فلسطين المحتلة، وفشل العدوان الإسرائيلي في استهداف منصات الصواريخ الفلسطينية، منذ بداية الهجوم على غزة.
وقد حملت الزيارة، الثانية للشيخ تميم بن حمد إلى تركيا منذ تولّيه مقاليد الحكم في البلاد، عنواناً رئيساً، يتمثّل بضرورة وقف الحريق في غزة، ولجم العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني هناك، ودعوة المجتمع الدولي إلى مساندة مبادرة تحقّق المطالب الفلسطينية وتدعمها، في مقدمتها رفع الحصار الإسرائيلي الجائر عن قطاع غزة، وفتح جميع المعابر، والبحث في إنشاء ميناء تجاري تحت إشراف دولي، بشكل مؤقت، في قطاع غزة، وهو مقترح قدمه وزير الخارجية القطري، خالد العطية، في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، أول من أمس الاثنين، والذي بحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
التحرك القطري ـ التركي المشترك، والذي جاء مبكراً منذ بدء العدوان، يسير في اتجاه بلورة مبادرة واضحة لوقفه، في ظل الظروف الاقليمية الصعبة والمعقدة في المنطقة، ووسط انقسام المجتمع الدولي تجاهه، حيث لم يسجل موقف دولي وعربي موحّد لوقفه، ولمنع الاعتداءات التي تطال المدنيين، والتي قتلت منهم أكثر من مئتين، وأصابت أكثر من 1500، فضلاً عن الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية.
وقد سعت الدوحة وأنقرة إلى صياغة مسوّدة اتفاق تهدئة، ينهي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قبل الإعلان عن المبادرة المصرية التي رفضتها فصائل المقاومة الفلسطينية، واعتبرتها تكافئ العدو الإسرائيلي، ولا تستجيب لمطالب الشعب الفلسطيني.
وكان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد طالب، في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمّل المسؤولية ولجم آلة الحرب الإسرائيلية وسياسة العقاب الجماعي لقوات الاحتلال على قطاع غزة. كما أكد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أن الأمة لن تسكت عن ظلم يقع في جوارها، في إشارة منه إلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأضاف، في تصريحات صحافية: "لن تدير هذه الأمة ظهرها لقصف الناس في غزة". وطالب إسرائيل بتوقيع وثيقة مكتوبة حول رفع الحصار عن غزة، شرطاً لتوقيع اتفاق التصالح مع بلاده وإعادة العلاقات الطبيعية بينهما. وقال إن موضوع التعويضات الخاصة بضحايا "أسطول الحرية" الأتراك الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي، "لا يزال في مرحلة الحديث والمفاوضات". كما أن وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، اعتبر الحياد في قضية فلسطين دعماً للاحتلال الإسرائيلي، وصرح بأنه "لا يمكن أن نبقى غير مبالين تجاه ما يحصل من عدوان في غزة".
وستتواصل الاتصالات القطرية ـ التركية في موضوع غزة، وخصوصاً أن وزيري الخارجية في البلدين تلقيا ثالث اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في أيام قليلة، بهدف البحث في مبادرة توقف إطلاق النار، لا سيما في ظل فشل المبادرة المصرية في وقف العدوان الإسرائيلي.