التغطية الطبيّة تتصدّر اهتمام المصريين

17 ديسمبر 2014
التأمين يشمل السيارات والسكن والطب (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
بقي قطاع التأمين على هامش الاقتصاد المصري لعشرات السنين، بحيث اقتصر عمله على تغطية الشركات الكبيرة ومتوسطة الحجم. لكن، منذ سنوات، أصبح التأمين خدمة أساسية في مصر، يطلبها الأفراد كما الشركات، وذلك نظراً لارتفاع حدة العنف من جهة، ولزيادة حاجة الشركات للخدمات التأمينية من جهة أخرى.

 ارتفاع الاصول 
هكذا، ارتفعت قيمة أصول شركات التأمين من 6.6 مليارات دولار أميركي في عام 2013 إلى 7.7 مليارات دولار خلال عام 2014، مسجلة معدل نمو 15.1%، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية، المنوطة بالإشراف على قطاع التأمين في مصر.
يقول نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الدكتور محمد معيط، إنه على الرغم من التحديات التي عاشها الاقتصاد المصري خلال السنوات الأربع الماضية، حقق قطاع التأمين نمواً في عدد من المؤشرات.
ويضيف معيط، لـ"العربي الجديد"، أن استثمارات القطاع ارتفعت من 5.87 مليارات دولار في 2013 إلى 6.8 مليارات دولار في 2014، بمعدل نمو 14.6%، مصحوباً بنمو حقوق حَمَلة وثائق التأمين بنسبة 11.4%، لتصل إلى 5.3 مليارات دولار. فضلاً عن زيادة صافي الدخل من الاستثمارات إلى 700 مليون دولار بنسبة ارتفاع 23.3%.
وفي غمرةِ ذلك النمو، ارتفعت قيمة الأقساط التي تلقتها شركات التأمين من 1.7 مليار دولار إلى 1.96 مليار دولار خلال العام الحالي، بزيادة قدرها 12.1%، بالاضافة إلى وصول رؤوس أموال شركات التأمين إلى 741 مليون دولار.
هذا التحسن القوي في مؤشرات التأمين في مصر، تزامن مع إطلاق هيئة الرقابة المالية على عام 2014 لقب عام التأمين، إذ أجرت تعديلات في اللائحة التنفيذية للقانون المنظّم لعمل شركات التأمين، تستهدف تقنين عمل شركات التأمين الطبي واخضاعها لرقابة الهيئة.
ويشير نائب رئيس هيئة الرقابة المالية إلى تمتع التأمين الطبي والاستشفائي بفرص نمو هائلة، حيث تضاعف حجم القطاع من 80.14 مليون دولار في عام 2009 إلى 168 مليون دولار في نهاية 2013. ويشرح أن "هذا النمو مدفوع بثلاثة عوامل رئيسية، في مقدمتها اتساع مظلة التأمين الطبي مع توجه الدولة للتأمين على المواطنين وارتفاع عدد الوثائق المُصدرة، وأخيراً زيادة قيمة تكاليف التأمين الطبي"، حسب معيط.

تطوير القوانين 
ووفقاً للجمعية المصرية لإدارة الرعاية الصحية، فهناك أكثر من مليونِ مُشترك بخدماتِ التأمين الطبي. وتستحوذ شركات الرعاية الصحية التي تزاول نشاط التأمين على 70% من حجم السوق، مقابل 30% لشركات التأمين التي تمتلك فرعاً للتأمين الطبي. إذ يقدّر حجم الأقساط السنوية التي يسددها مُشتركو التأمين الطبي 350 مليون دولار.
من جهة أخرى، قامت هيئة الرقابة المالية بتطوير الأُطر القانونية لإدارة واستثمار أموال صناديق التأمين الخاصة التي تؤسسها النقابات والهيئات والجمعيات المختلفة لتوفير تعويضات أو مرتبات دورية أو مزايا مالية أو معاشات لأعضاء الصندوق.
وتنبُع أهمية هذه الصناديق من ضخامة أصولها، إذ تتجاوز قيمتها 5.6 مليارات دولار موزعة على 606 صناديق، تتنوع بين صناديق الزمالة، والادخار والاستثمار، العلاج الطبي، والمعاشات التكميلية، حسب البوابة الإلكترونية للهيئة العامة للرقابة المالية.
ووسط سخونة الأحداث السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد، فرضت أنواع جديدة من الوثائق نفسها على شركات التأمين، ولعلّ أبرزها وثائق التأمين ضد العنف السياسي.
فبعد أن رفضت شركات التأمين تعويض الشركات التي تعرضت للإحراق والسطو إثر موجة الانفلات الأمني في 2011 بحجة أن التأمين لا يغطي مخاطر العنف السياسي، لجأت شركات التأمين لطرح وثيقة تخاطب هذا النوع من المخاطر الجديدة في السوق المصرية.
ويؤكد رئيس الاتحاد المصري للتأمين، عبد الرؤوف قطب، أن السوق المصرية تتميّز بتنوّع شركات التأمين ما بين شركات تقدم خدمات التأمين على الممتلكات لمقابلة احتياجات الشركات، بالإضافة إلى التأمين على الحياة والتأمين التكافلي المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وتقدم هذه الشركات وثائق تأمينية متعددة أحدثها وثائق العنف السياسي.
ويُكمل قطب، لـ"العربي الجدبد"، أن القطاع الحكومي يستحوذ على ما بين 55% إلى 60% على الأقل من محفظة قطاع التأمين داخل مصر بكافة أنواعه، في حين تقتسم شركات القطاع الخاص الـ40% المتبقية.
ويضيف قطب: "تلعب شركات التأمين دوراً حيوياً في تدعيم الاقتصاد الوطني عبر توظيف أموالها في تأسيس شركات جديدة والمساهمة في المشروعات الكبرى وعلى رأسها المشروعات المرتقب تأسيسها بمحور قناة السويس".
ورغم مؤشرات النمو التي حظي بها قطاع التأمين، إلا أنه يواجه تحديات صعبة لاستكمال مشوار النمو. ويحدد قطب التحديات في عاملين أساسيين، الأول انخفاض وعي المواطنين بأهمية الخدمات التأمينية، والثاني هو ارتفاع قيمة التعويضات التي تحمّلتها شركات التأمين خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة ارتفاع وتيرة المشكلات الأمنية.
ويظهر هذا بوضوع في قيمة التعويضات التي سددتها شركات التأمين خلال العام الحالي، إذ بلغت 965 مليون دولار، طبقاً للهيئة العامة للرقابة المالية.
ولم تقف شركات التأمين عند حدود آليات الاستثمار التقليدية مثل تأسيس مشروعات أو رصد ودائع في المصارف، بل سمحت الهيئة لها بتأسيس صناديق استثمار وجذب مستثمرين جدد فيها من خلال شركات إدارة الصناديق الاستثمارية.
ويُعبّر مدير الاستثمار في شركة رويال للتأمين، أحمد حسني، عن أهمية هذه الخطوة قائلاً إن "شركات التأمين تمتلك سيولة كبيرة وتتطلّع إلى تنويع قنوات استثمارها لتقليل المخاطر. وبالفعل بدأ العديد منها التوجه نحو إصدار صناديق استثمارية لتوظيف جانب من أموالها، فضلاً عن جذب أموال مستثمرين آخرين".
المساهمون