الجزائر: سوق السيارات المستعملة في الإنعاش

24 يوليو 2020
تراجع حاد لمبيعات السيارات المستعملة (فرانس برس)
+ الخط -

دخلت أسواق السيارات المستعملة في الجزائر "غرفة الإنعاش"، جراء الركود المتواصل الذي عصف بها، بسبب تناقص الطلب، منذ بداية "فيروس كورونا" قبل 4 أشهر، بعدما كان من أكثر الأسواق حيوية وربحية في العقود الأخيرة.

وبعد غلق الأسواق الأسبوعية لبيع السيارات المستعملة، بقرارٍ حكومي لكبح تفشي جائحة كورونا، ازدادت وضعية تجار السيارات المستعملة المعتمدين والناشطين خارج القانون حرجا، بسبب عزوف الجزائريين على الشراء، ومنهم من اضطر لتغيير نشاطه لضمان قوت عائلته.

يؤكد جمال الدين، بائع معتمد للسيارات المستعملة في محافظة البليدة (60 كلم جنوب العاصمة) أنه "منذ 4 أشهرٍ انتقلت السوق إلى الركود للإنعاش، فلا بيع ولا شراء".

ويضيف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد": منذ بداية تفشي كورونا نهاية فبراير/شباط المنصرم، بدأت العروض تنقص من أسبوعٍ إلى آخر، ثم انعدامها تماما منذ شهر، ولا ندري مصير السوق إذا تواصل هذا الحال.

ويكشف جمال الدين أنه يعرض سيارات منذ أكثر 4 أشهرٍ، لم يقترب مني ولا زبون لفحصها أو السؤال عن ثمنها.

وختم البائع: "الملاحظ في كل أسبوع أن حجم العرض والطلب يتراجع، وحتى بعض الذين يتنقلون بين البائعين المعتمدين هم في الأصل، قناصو فرص وسماسرة.

ويرجع مرتادو أسواق السيارات المستعملة الركود الذي ضرب الأسواق إلى الحالة الصحية والاقتصادية التي تمر بها الجزائر في الأشهر الأخيرة، والتي جعلت الجزائريين يفضلون الاحتفاظ بأموالهم عوض المغامرة بشراء سيارات أو عقارات قد يتهاوى سعرها بين لحظة وأخرى.

إلى الشرق من الجزائر العاصمة، في مدينة القليعة التي يوجد بها، ثاني أكبر أسواق الجزائر للسيارات، والمشهورة ببائعي السيارات المستعملة، لا يبدو الحال أفضل، ركود تام يخيم على الساحة التي تعرض فيها السيارات.

يقول حمزة أسعدان، بائع سيارات مستعملة، إنه "لم تمر حالة من الركود مثيلة لهذه التي تمر بها السوق منذ العشرية السوداء "سنوات الإرهاب"، نحن نتعامل بـ"فيسبوك"، ولا يوجد طلب كبير، الكل يسأل عن الأسعار فقط".

وحول تأثير ركود أسواق السيارات المستعملة على الأسعار، يؤكد نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن الأسعار تراجعت بين 100 ألف دينار (840 دولار) و300 ألف دينار جزائري (2600 دولار) ويصل إلى أكثر من 500 ألف دينار (4500 دولار) على السيارات الفاخرة، و هو انخفاض ضئيل مقارنة بحجم الركود.

وتعتبر سوق السيارات المستعملة ملاذ الجزائريين الوحيد بعد توجه الحكومة لغلق مصانع تجميع السيارات المعتمدة، منذ يناير/ كانون الثاني المنصرم، وذلك إلى حين طرح دفتر شروط جديد، منتظر خلال شهر أغسطس/ آب المقبل.

وإلى ذلك، يقول دحمان، أحد المواطنين القلائل الباحثين عن سيارة مستعملة، إن "الأسعار لا تعكس حالة السوق، رغم نقص الطلب، والبائعون خاصة من يحترف مهنة بيع وشراء السيارات لا يريدون تخفيض الأسعار، خوفا من الخسارة".

وتشير بيانات الديوان الجزائري للإحصائيات لسنة 2016، إلى أن عدد السيارات في الجزائر، يبلغ نحو 5.9 ملايين سيارة، منها 1.9 مليون سيارة متداولة في السوق المستعملة.

وحسب أكرم خلف الله، الخبير في سوق السيارات، فإن "ركود سوق السيارات المستعملة يعود أساسا للحالة الوبائية، فقبل الجائحة كانت الأسواق تسير بوتيرة عادية".

وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "المواطنين يخشون وضع أموالهم في سيارة، لأنهم يريدون الاحتفاظ بها نقدا، لإنفاقها وقت الحاجة على السلع والخدمات الضرورية، فالجزائري لا يثق في البنوك وسحب أمواله، ولا يعقل أن يضعها في سيارة أو إنفاقها في أي مشروع آخر، هناك تخوف من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية جراء تواصل تفشي كورونا، فالعديد من الجزائريين باتوا يخافون أيضا من فقدان وظائفهم ومصدر عيشهم".

وتابع خلف الله قائلا: "ارتفاع أسعار السيارات المستعملة بدأ مطلع 2016، مع بداية تطبيق ما يعرف بنظام رخص الاستيراد، الذي وضع سقف ما يتم استيراده سنويا بـ 82 ألف سيارة، فأسواق السيارات المستعملة يسيرها أشخاص يستغلون نقص العرض من المركبات الجديدة". 

ورغم رفعها الحظر عن استيراد السلع والخدمات، إلا أن الحكومة الجزائرية رفضت تحرير استيراد السيارات الجديدة، حماية لمصانع تجميع السيارات المعتمدة في البلاد والبالغ عددها 5 مصانع، هي "رينو" و"هيونداي" بالإضافة إلى "فولكسفاغن" و"سوزوكي" و"كيا"، ولا تزال هذه المصانع تنشط خارج القانون، بعد نهاية رخصة الاعتماد نهاية 2018.

المساهمون