الخليل تودّع أبو عيشة والقواسمة... وتتوّعد بالانتقام

23 سبتمبر 2014
والدتا الشهيدين حملتا الجثمانين على أكتافهن (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

يغلق الاحتلال باغتيال الفلسطينيَّين عامر أبو عيشة ومروان القواسمة، صباح اليوم في مدينة الخليل، ملفاً مفتوحاً منذ نحو مئة يوم، مع الشابين اللذين يتهمهما بخطف وقتل ثلاثة من المستوطنين في يونيو/حزيران الفائت، لكن عائلتا الشهيدين توعدتا بالانتقام من المحتل والمتعاونين معه، وسيبقي الملف كما الجرح مفتوحاً حتى أمد بعيد.

والدتا الشهيدين، أبو عيشة والقواسمة، وجهتا أصابع الاتهام مباشرة نحو التنسيق الأمني والمتعاونين مع الاحتلال، لكن ألمهنَّ الكبير لم يمنعهما من حمل جثمانيّ ابنيهما من مسجد الحسين وسط الخليل إلى مقبرة الشهداء، في مشهد فلسطيني نادر.

حملت الوالدتان جثماني ولديهما على أكتافهن، وسط مئات المشيعين، في مدينة تُعتبر الأكثر محافظةً في الضفة الغربية، لكن بمقتضى التقاليد تنحى المواطنون جانباً وأخلوا لهما الطريق نحو المقبرة، لتقود الوالدتان التشييع مشياً على الأقدام لمسافة تجاوزت الكيلومترين، وسط هتافات تطالب "كتائب القسام" الذراع العسكري لحركة "حماس"، بالانتقام.

تقول أم عامر أبو عيشة لـ"العربي الجديد": "لقد حرموا أباه وأشقاءه الأسرى من تشييعه، لكنني أنا من سأشيّعه وأحتفل به، عامر يستحق عرساً في يوم شهادته".

وتكمل الأم بصبر: "سأحتفل بشهادته، كما احتفلت بشهادة شقيقه قبل عقدين من الزمن"، مناشدة "كل رجل فلسطيني حر أن ينتقم من الخونة والمتعاونين" الذين قادوا جيش الاحتلال إلى ابنها.

ومثلها أم مروان القواسمة، حملت جثمان ابنها بالصبر والدعاء، وتوعّدت الخونة والمتعاونين الذين وشوا بمكان اختباء ابنها.

وكان جيش الاحتلال قد نفذ عملية عسكرية كبيرة في الخليل، استمرت نحو ثماني ساعات، استخدم فيها الطائرات والآليات العسكرية الثقيلة، ومئات من جنوده، لاغتيال أبو عيشة والقواسمة، اللذين كانا يختبئان في "منجرة" في شارع الجامعة وسط الخليل.

وعلى مدار ثماني ساعات تمت مصادرة كل كاميرات المحلات التجارية في الشارع، وتفجير نحو تسعة من المنازل والمحلات التجارية بشكل جزئي عبر قذائف الـ"أنيرغا"، والجرافات الإسرائيلية، لتسفر العملية عن استشهاد الشابين، اللذين بقيا في اشتباك عسكري مع الجنود حتى اللحظات الأخيرة، بعدما قام الاحتلال بحرق "المنجرة" التي اختبئا فيها، وإجبار عناصر الإطفاء الفلسطيني على إخماد الحريق وإخراج جثة أحدهما التي كانت متفحمة، وتعود للشهيد أبو عيشة.

ويؤكد أفراد العائلتين وشهود عيان أن الإحتلال عمد للتمثيل بجثتي الشهيدين، إذ استخدم الآليات الثقيلة في حملهما، وقبل ذلك في تهشيم الجثتين.

ويقول بلال القواسمة شقيق الشهيد مروان: "لقد كانت جثة شقيقي مهشمة، وكان جزء كبير من دماغه مفقود، إضافة لتكسير عظام قفصه الصدري". وتابع: "أما جثمان الشهيد أبو عيشة فقد كان متفحماً لدرجة أن يديه كانتا غير موجودتين".

وقال أحد أصحاب المحال التجارية التي تقع فوق "المنجرة" مباشرة، ويدعى شوقي أبو حديد، "قمت بجمع أجزاء من جسد ودماغ الشهيد القواسمة، الذي كان متناثراً أمام المحل".

كما أكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الاحتلال قامت بالتمثيل بالجثتين، بعد الإجهاز عليهما واستخدام الآلات الثقيلة في نقلهما وسحلهما".

وعرض بعض المواطنين ملابس وأحذية ممزقة للشهيدين، كانت مبللة بالدماء، في إشارة إلى أن الشهيدين أصيبا أكثر من مرة قبل أن يستشهدا.

وكان أبوعيشة والقواسمة مختبئَين، في حي أبو كتيلة الذي لا يبعد سوى 500 متر عن منزليهما، وفي شارع رئيسي في الخليل. وتمكن الشابان من الاختفاء على مدار أكثر من مئة يوم، وسط تكتم شديد رغم الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة، والبحث عنهما بشراسة متناهية في مدينة الخليل وبلداتها وقراها النائية.

وأكدت العائلتان أنه لم يكن يوجد أي تواصل بينهما وبين أولادهما، وقال أحد أقارب الشهيد القواسمة: "لقد أنجبت زوجته منذ أيام طفلة، واستشهد مروان دون أن يعرف إن كانت زوجته قد أنجبت أم لا".

من جهتها، وجّهت حركة "حماس" في كلمة ألقاها عن الحركة الشيخ شفيق القواسمة أصابع الاتهام نحو التنسيق الأمني الذي تقوم به السلطة.

وقال القواسمة في كلمة للحركة في مقبرة الشهداء: "كان الشهيدان في مأمن فمن الذي دلّ الاحتلال عليهما".

وتابع:"جميع أهل الخليل يعرفون أن هناك تعاوناً أمنياً ضد المقاومة، يقوم به أولئك الذين باعوا أنفسهم للشيطان منظمين وغير منظمين، فرادى وجماعات".

وتتهم قوات الاحتلال الشهيدين أبو عيشة والقواسمة، بالوقوف وراء عملية خطف وقتل المستوطنين الثلاثة والتي أعقبها عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، وعدوان على قطاع غزة راح ضحيته أكثر من ألفيّ شهيد.

المساهمون