العالم يكذب يومياً

01 ابريل 2015
كذبة أبريل Roger Viollet /Getty
+ الخط -

يحدثوننا عن الكذب باعتباره نقيصة، بينما الكذب جزء أساسي في تفاصيل حياة البشر، يحذروننا من الكذب باعتباره معصية، بينما الكذب ملح الناس في كل المجالات.

يكذب السياسي يومياً على الشعوب، تعرف الشعوب أنه كاذب لكنها تصدقه، ويكذب الاقتصادي يومياً على عماله وعملاءه، يدركون أنه يكذب، لكنهم لا يملكون حياله إلا التصديق.

يكذب الفنان يومياً على الجمهور، يعرفون أنه يكذب، لكنهم يعيشون معه الكذبة، يخرج على الشاشة ليروي لهم حكايات وقصصاً، يعرفون أنها خيالية، لكنهم ينغمسون فيها ويعايشون تفاصيلها ويحرصون على استكمالها وصولاً إلى نهاية القصة، بالأحرى نهاية الكذبة.

يتغنى المطرب بكلمات الحب والغرام، أو اللوعة والهجران، كثير منهم لا علاقة له بما يصدر على لسانه من مشاعر أو عواطف، بعضهن تغني للإبن بينما هي لم تنجب أصلاً، كثيرون يغنون للوطن أو الجيش، بينما علاقتهم بالوطن تنحصر في جني أرباح الحفلات لا أكثر.

تتحدث النجمة "العجوز" عن قصة حب جديدة تعيشها، بينما لا قصة ولا مؤشرات على قصة، هي نفسها التي لازالت حريصة على الظهور في أعمالها الفنية بمظهر الشابة، أو الأنثى المرغوبة، بعضهن تجاوزن الخمسين لكنهن قدمن لنا أدوار طالبات الجامعات، كلنا يعرف أنهن يكذبن، لكننا نتابعهن ونتجاوز عن الكذبة.

يطاردنا النجم الكبير ليل نهار، عبر تصريحات صحافية وتليفزيونية وإذاعية، بدروس وحكم حول الفضيلة والصدق والإخلاص، بينما هو في الواقع أبعد ما يكون عن تلك الصفات؛ منغمس في الرذيلة والكذب والنفاق.

يتشدق الإعلامي المعروف بحرصه على حقوق الفقراء والضعفاء والمهمشين، يواصل التأكيد على أنه سيظل يصدح بالحق مهما تعرض لتهديدات أو تضييق، نعرف جميعاً أن الأوامر تأتيه هاتفياً ليتكلم في هذا الموضوع، ويسكت عن تلك القضية، أن يثني على هذا، وأن يهاجم آخر، لكن جمهوراً كبيراً يواصل متابعته، بل إن كثيراً منهم يصدقه.

نكذب على شريك الحياة، وعلى أطفالنا، وعلى رؤسائنا في العمل، وعلى كل من نتعامل معهم يومياً، هم أيضاً يبادلوننا الكذب بكذب، الأخطر أننا كثيراً ما نكذب على أنفسنا، بعضنا للأسف أدمن الكذب على نفسه، ربما بات الأمر ضرورة ملحة لتستمر الحياة.

نتعايش جميعاً مع أكاذيبنا، نواصل جميعاً التحقير من شأن الكاذبين، لا نتوقف عن التحذير من الكذب، لكننا أيضاً لا نتوقف عن عاداتنا الخاطئة، وأكاذيبنا المتواصلة.

بعضنا بات يكذب أكثر مما يقول الصدق؛ البعض بات الكذب هو أسلوبه في الحياة، لا شك أن الحياة فيها الكثير من الأكاذيب الرائجة، حتى أن البعض بات مقتنعاً أن الحياة نفسها ليست إلا أكذوبة.

لا ضير إذاً أن نحتفي في الأول من أبريل/ نيسان، بـ"يوم الكذب العالمي".
المساهمون