القدس عاصمة السياحة الإسلامية.. جدل حول الاحتفالية

14 يوليو 2014
المحال التجارية في القدس المحتلة شبه خالية (كريغ وكر/Getty)
+ الخط -

شكّل قرار مجلس "التعاون الإسلامي" اعتبار القدس عاصمة السّياحة الإسلامية لعام 2015، حالة من الفتور لدى المقدسيين، مستذكرين تجربة "القدس عاصمة الثقافة العربية 2009"، التي يصفونها بالفاشلة، أمام سطوة الاحتلال ومنعه فعاليات المدينة المقدسة من دون تصريح، بفعل ما فرضته اتفاقية "أوسلو" على عمل السّلطة الفلسطينية في القدس المحتلة.

ويختصر أمين سر "الغرفة التجارية العربية الصناعية" في القدس حجازي الرشق، رأيه في هذا الإعلان من منظمة التعاون الإسلامي "لا سياحة تحت الاحتلال"، فكل شيء مرهون بإذنه، حتى لو كان أسبوعاً للتسوق في شارع صلاح الدين، فلا ضمانات بإغلاقه.

في سوق اللحامين، أحد الأسواق الشهيرة في البلدة العتيقة، انضم تاجر اللحوم، الحاج ظاهر الشرباتي، إلى نحو 400 صاحب محل، أغلقوا محلاتهم في أقل من عقدين بفعل الركود الاقتصادي، وملاحقة الضريبة الإسرائيلية للتجار.

وأضاف الشرباتي لـ"العربي الجديد"،  "اضطررت لإغلاق محلي، قبل أسبوع، هرباً من ضريبة المسقفات (الأرنونا)، التي تستنزف مداخيلنا بالشراكة مع ضريبة الدخل، وحفرت أرضيات المحل، لإقناع بلدية الاحتلال بإغلاقه".

ولم يكترث الشرباتي بالحدث الإسلامي الذي ينتظر القدس المحتلة العام المقبل، وقال: لن نستفيد من قدومهم شيئاً، هؤلاء يذهبون إلى الفنادق والمراكز التجارية الإسرائيلية.

 

وتسود القناعة لدى قطاع كبير من المقدسيين أن دعوة العرب والمسلمين الى زيارة مدينتهم، لا تعدو كونها شعاراً للاستهلاك السياسي لا أكثر، ولا جدوى منها في وقت تتحكم فيه سلطات الاحتلال في المعابر، وفي تصاريح الدخول للقدس المحتلة وحتى الأراضي الفلسطينية.

في حين أن من كانت وجهته الى القدس لدعم مواطنيها، ذهب في الاتجاه المعاكس ليدعم السيطرة اليهودية على المدينة، ويدعم اقتصادها.

يروي أحد موظفي الأوقاف، والذي فضّل عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، اصطحابه العام الفائت وفداً عربياً إلى البلدة القديمة للاطلاع على أوضاع التجار المقدسيين ومحاولة مساعدتهم، ولو بالتسوق من محلاتهم، إلا أنه فوجئ بزيارتهم المجمع التجاري الإسرائيلي "ماميلا" في باب الخليل.

وتابع: تسوق الوفد العربي هناك بما قيمته 50 ألف دولار، في حين لم يكلف نفسه عناء شراء سجادة أو مسبحة، أو حتى قارورة زيت سيرج من شارع السلسلة.

ولتأكيد صحة ذلك، يستحضر المقدسيون تجارب الماضي من زيارات وفود عربية، ومن فشل فعاليات خطط لها العرب لدعم المدينة المقدسة، بعد أن تخلوا عن دعم مقاومة أهلها للاحتلال.

ويوضح رجل الأعمال المقدسي محمد قرش، أن مثل هذه الفعاليات، تعتبر نوعاً من الهروب إلى الأمام والتخلي التدريجي عن مقاومة الاحتلال. وأكد أن "القدس لم تستفد من تسميتها عاصمة للثقافة العربية".

ويتجلى واقع السّياحة في المدينة المقدسة في أسواقها الشهيرة، التي باتت شبه خالية من روادها الأجانب، باستثناء بعض المقاهي والمطاعم السياحية، في حين تتوجه الوفود الكبيرة منهم باتجاه الأسواق اليهودية.

ويرافق السياح الأجانب مرشدون وأدلاء سياحيون من اليهود، مزودين بروايات أسطورية مزعومة عن التاريخ اليهودي في المدينة المقدسة، وتنعت سكانها الشرعيين من الفلسطينيين العرب بـ"اللصوص".

 

في أسواق المدينة المقدسة، تسمع الكثير من عبارات الغضب على تخلّي العرب، وحتى السلطة الفلسطينية عن دعمهم، وتعزيز صمودهم، ويسود الاعتقاد لديهم أنهم "منسيون، بينما إسرائيل تحول المليارات لدعم مستوطنيها في القدس".

ولفت أحد التجار المقدسيين في شارع السلسلة، سعيد الصالحي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنهم "إذا حضروا هنا للاستعراض فقط لا نريدهم، ما جدوى قدومهم إلى القدس ثم تسوقهم في المحلات اليهودية".

تفاؤل السلطة بالقرار

مع ذلك، هناك من المسؤولين الفلسطينيين من يرى في القرار خطوة إلى الأمام لدعم القدس وأهلها، كما يقول مستشار رئيس ديوان الرئاسة، أحمد الرويضي، لـ"العربي الجديد".

 وشدّد الرويضي على أن "أي حدث يتعلق بالقدس سيكون إيجابياً، وعليه فإن الوفود الإسلامية التي تأتي إلى القدس تخلق حالة من الرّعب لدى الاحتلال، وتنعكس بالفائدة الاقتصادية على تجار المدينة ومواطنيها.

ويتفق الأمين العام "للتجمع الوطني المسيحي" ديمتري دلياني، مع كلام الرويضي، مؤكداً أن "الحدث سيضيف دعماً للقدس المحتلة، كما يبرز هويتها الإسلامية والعربية".

أما على أرض الواقع، فالصورة تختلف تماماً في المدينة المقدسة، فهناك مئات المحلات المغلقة بفعل الضرائب، وبعضها عرضة للتسريب إلى جمعيات استيطانية يهودية، وبعض المطاعم السياحية أغلقت منذ سنوات، ناهيك عن تحكم الاحتلال في المدينة وأهلها، الأمر الذي يجعل هموم المقدسيين أكبر من التهليل بإعلانها عاصمة السياحة الإسلامية يستفيد منها الاحتلال على حساب أهل المدينة.