بروباغاندا الجيش الكرتوني

30 أكتوبر 2014
في انتظار القطار الخفيف (علاء غوشة)
+ الخط -

تتوالى تصريحات رئيس حكومة الاحتلال وغيره من كبار المسؤولين بأنهم سيواجهون "أعمال الشغب" التي تتصاعد حدتها منذ الصيف الماضي في القدس المحتلة بالقبضة الحديديّة، وقبلها القبة الحديديّة (لاعتراض صواريخ المقاومة) خلال عدوان "الجرف الصامد" ، وقبلها "عمود السحاب" و"الرصاص المسكوب" وغيرها الكثير من المسميّات الغارقة في التهويل، حتى نظن أن جنرالات الاحتلال وقعوا بالصدفة على مجلة  "جريندايزر".

الاستعراض لا يقتصر على التسميات، نجدهم يوثقون اعتداءاتهم وعمليات بسط سيطرتهم على الأرض في محاولة لطمأنة مستوطنيهم وتصعيد حربهم النفسية على المقدسيين؛ كملاحقة ثلاثة شبان بطائرة مروحية بعد أن رشقوا القطار الخفيف بالحجارة في حي شعفاط، الضرب الهستيري لشابين من قبل أمن القطار نفسه، إعدام الشهيد الشلودي بعد حادث الدهس قبل أيام، اقتحامات المسجد الأقصى والاستخدام المفرط للسلاح وخاصة قنابل الصوت والرصاص المطاطي، إضافة لتسخير بعض الصحف والمواقع  "الفلسطينية"  منبراً لتمرير وعرض هذه البروباغاندا، والتي كان آخرها الإعلان عن مشروع قانون جديد يقضي بفرض عقوبة سجن تصل إلى 20 عاماً على أي شخص يُدان بإلقاء الحجارة بقصد "الإيذاء الخطير".

في الوقت الذي تنجح فيه سلطة التنسيق الأمني في قمع أي حراك شعبي من شأنه أن يوسع المواجهة أو ينقلها إلى الضفة الغربية، يصل سقف مطالب رئيسها محمود عباس إلى الدعوة لردع الاحتلال ومواجهته "بالصدور العارية"، فشعارات السلطة يجب أن تكون ناعمة وخالية من التحريض في خُطة محكمة لاستجداء العطف الدولي. بينما ترفع الأحزاب والفصائل السياسية الأخرى من حدّة شعاراتها في ظل غياب أي دعم حقيقي لهذه الانتفاضة، وانشغال المنطقة العربية بحروبها وصراعاتها الداخلية.

يخوض فتية القدس وطلبتها انتفاضتهم لوحدهم، يواجهون المُحتل بالحجارة والزجاجات الحارقة والألعاب النارية، بعد أن تبيّن أن للأخيرة، الأكثر حضوراً هذه الأيام، وقعاً كبيراً في ترهيب "الجيش الذي لا يُقهر"، ولا ننسَ الجانب الاستعراضي لهذا السلاح، وما يتركه من بهجة ونشوة الانتصار بعد بثّ عمليات "القصف" على مواقع التواصل الاجتماعي لتصل إلى مستوطني الاحتلال وجنرالاته فتشكل بروباغندا عفوية تبطل فعالية "القبضة الحديدية".

بعد نحو أربعة أشهر من الانتفاض الشبابي المقدسي المتواصل، والتصعيدات الخطيرة التي تشهدها مدينة القدس المحتلة، سيما بعد انتهاء العدوان الأخير على غزة، تجد حكومة الاحتلال نفسها عاجزة عن إعادة الاستقرار إلى "العاصمة"، كيف ذلك بعد أن اكتشف المقدسيون سلاح الألعاب النارية، فلا شيء في الدنيا يضاهي مشهد الجنود وهم يهربون، ولا شيء يضاهي مشهد المستوطنين وهم ينتظرون على الأرصفة ليسلكوا طرقاً التفافية لمستوطناتهم.

المساهمون