بيوت حاصبيا

09 أكتوبر 2014
نشطت جمعيات تُعنى بالتراث على حماية المنازل (العربي الجديد)
+ الخط -
لحاصبيا اللبنانية حكايتها مع تاريخ المنطقة، وهي التي كانت عاصمة الحكم الشهابي في وادي التيم. التاريخ ما يزال حاضراً في القرية الصغيرة الواقعة في محافظة النبطية الجنوبية. فرغم دخول بعض الحداثة والطراز العمراني الجديد إلى القرية، إلا أنها ما تزال محافظة على البيوت التراثية، التي تعد إحدى ميزاتها.
تختصر البيوت التراثية في بلدة حاصبيا حكاية تاريخ وجغرافيا بلدة بكاملها. بلدة تتمتع بطبيعة جميلة وبيوت تاريخية وقلعة شهابية يتجاوز عمرها 3500 عام، إذ تتعرف إلى الوجه الآخر من الحياة، وعلى نمط آخر من البيوت التراثية العتيقة ذات الحجارة المعقدة والنوافذ الخشبية، والتي يسعى الأهالي إلى الحفاظ عليها.
على أطلال الزمن تقف بيوت حاصبيا القديمة التراثية التي تختزل الزمن والعصور، من البيزنطي للعثماني والشهابي وغيرها من الحضارات التي عبرت من "حاصبيا" بلدة السلام.
تشبه حاصبيا إيطاليا بأزقتها الضيقة، وبيوتها المتلاصقة، وأدراجها العملاقة التي تحملك من حي إلى آخر أكثر جمالاً. قد يكون لهذا التشابه ارتباط بالتاريخ السياسي للحكم في هذه المنطقة، قبل أن تتحول البلدة إلى عاصمة للحكم الشهابي. في ذلك الحين، كان الحكم لـ "المعنيين"، الذين لجأوا إلى إيطاليا لمواجهة الحكم العثماني، وعادوا ونقلوا معهم بعض التراث المعماري من تلك البلاد.
تختلف بلدة الزيتون والحمضيات عن غيرها من قرى الجنوب اللبناني إن لجهة طابعها التقليدي الذي يذكرك بالحياة القروية وسهرات الأنس الشعرية التي كانت تعقد داخل بيوت مقبّبة بقرميد أحمر وحجارة حفرت أناقة العمارة اللبنانية بعقودها ونوافذها الخشبية وأسقفها الخشبية وجدرانها الطينية، أو لجهة البساطة التي يمتاز بها أهلها والذين على قلتهم تمكنوا من تكوين هوية نوستالجية لحاصبيا.
من مرجعيون باتجاه الحاصباني، تطل حاصبيا، بلدة "المير بشير الشهابي"، التي ترتفع 700 متر عن سطح البحر، حديقة عامة ومساحات خضراء تواكب رحلتك، محال تجارية، وطرق ضيقة باتجاه السوق العتيقة ذات المحال المتلاصقة والأبواب المرتفعة، ثمة سوق لصناعة الأحذية وبيع زيت الزيتون، خلع ثوبه واستبدله بمحال خضار وهواتف خلوية وملابس.
يذكر أحد كبار حاصبيا أنهم كانوا يأتون بالجلود من صيدا، ويعمدون إلى توزيعها على حرفي مهنة صناعة الأحذية، حيث كان السوق يكتظ بالوافدين إليه من مختلف المناطق اللبنانية لأن صناعة الأحذية مشهورة جداً في حاصبيا.
حاصبيا بلدة تملك كل مواصفات الجمال ومقومات السياحة، فيها الطابع التراثي والقلعة الشهابية ومزار روبين شقيق النبي يوسف، والبياضة الدرزية وكنيس يهودي وكنائس، ويكفي أن هواءها عليل، ولكن رغم جمالية وأناقة تصاميم بيوتها التراثية، فإن أهلها غادروها ظناً منهم أن الحداثة أجمل.
ورغم وجود المنازل إلا أنك تلحظ أنه تم بناء عمارات حديثة فوقها لتندمج الهندسة الحديثة بين الماضي والحاضر نظراً لما تشكله تلك المنازل من ذوق رفيع أبهر كافة زوار البلدة. في أحد المنازل، تنهمك ورد في ري ورودها، تعتني بها، تقطن في منزلها القديم الذي يفوق عمره المائة عام وربما أكثر. تؤكد تمسكها بالبقاء في المنزل رغم مغريات الحداثة الكثيرة، ومحاولات المقاولين السعي إلى التوسع العمودي عبر هدم البيوت والاستطالة في العمران.
لقد نشطت جمعيات تُعنى بالتراث اللبناني على حماية المنازل التراثية في حاصبيا، حيث تعمل على تصويرها فوتوغرافياً لأرشفتها وإدراجها في ملصقات تراثية، تتضمن المنازل العتيقة، وتفاصيل البيوت الطينية، والبيوت ذات الأسقف الخشبية والقرميدية، والهدف منها حماية حضارة لبنان العريقة.
ولفتت مشرفة على إحدى الجمعيات التراثية أن مشروعها ينطلق من رغبة لديها بحفظ إرث الأجداد، وبهدف وقف هجمة التدمير المتصاعدة للمعالم الأثرية والأبنية القديمة ولا سيما الحجرية والقرميدية، وتعتمد الخطة على أرشفة المواقع التراثية بالصور الفوتوغرافية، إلى إصدار كتيب عن البلدة، وكذلك إقامة مسرح شارع.
ويعتبر الجنوب اللبناني من الأماكن المكتظة بالآثار والمتاحف التراثية والمنازل التي عبرها التاريخ، وكوّن لبنان بعراقته، إلا أن الإهمال الرسمي وعدم الإدراك الشعبي لأهمية الأبنية التراثية، ساهما في تشويه تاريخ المنطقة العمراني.
--------
بلدة تتمتع بطبيعة جميلة وبيوت تاريخية وقلعة شهابية يتجاوز عمرها 3500 عام
---
تشبه حاصبيا إيطاليا بأزقتها الضيقة، وبيوتها المتلاصقة، وأدراجها العملاقة التي تحملك من حيّ إلى آخر أكثر جمالاً
---
حاصبيا بلدة تملك كل مواصفات الجمال ومقومات السياحة، فيها الطابع التراثي والقلعة الشهابية ومزار روبين شقيق النبي يوسف، والبياضة الدرزية وكنيس يهودي وكنائس
دلالات
المساهمون