تزوير امتحانات الثانوية في السودان

18 مارس 2015
طلاب السودان (فرانس برس)
+ الخط -


انطلقت أمس الأول الاثنين، امتحانات شهادة الثانوية السودانية، وهي الشهادة الأهم في البلاد التي تضع الأسر السودانية في حالة استنفار كل عام، بعد شهور من الدروس الخصوصية والمراجعات للطلاب.

ما لم يكن في الحسبان، أن "50" من طلاب الشهادة السودانية بإحدى المدارس الخاصة في العاصمة الخرطوم، وجدوا أنفسهم يجلسون في مركز امتحانات وهمي، وبأرقام جلوس وهمية وفي امتحان مزور.

استيقظ محمد باكرا بكل نشاط، وبدأ سريعا مراجعة مادة التربية الإسلامية، ووالدته بجانبه تراقب ابنها الذي تفصله عن الجامعة بضعة أشهر.

شردت الأم بخيالها بعيدا وهي تفكر: أية كلية سيختار؟ الطب، الهندسة، الآداب، ورافقته إلى باب المدرسة حيث مقر الامتحانات، وهي تدعو له وتنصحه ألا يتوتر وأن يركز جيدا في الامتحان، ومحمد بكل حماس يستمع لوالدته قبل أن يودعها إلى قاعة الامتحان.

يقول لـ"العربي الجديد": أجبت عن كل الأسئلة والامتحان لم يخرج عن ما ركزت فيه، وبت واثقا أنني سأحرز أعلى درجة. لم يكن عندي خطأ واحد. "لكني تفاجأت عند مراجعة ورقة الامتحان مع جاري إبراهيم، بعد نهاية الامتحان باختلاف ورقة الأسئلة".

شكاوى عدة وصلت إلى وزارة التربية والتعليم من ذوي الطلاب الخمسين الذين تعرضوا للنصب، وبدورها تحركت الوزارة وتم إيقاف إدارة المدرسة ومعلميها وقدمت بلاغات بالنيابة العامة.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم أمس الثلاثاء، اتخاذ أقصى الإجراءات القانونية والإدارية لحسم التجاوزات مستقبلا.

وقالت إدارة الامتحانات والتقييم في بيان وصل "العربي الجديد"، إن المدرسة الخاصة تجاوزت الضوابط المعمول بها في امتحانات الشهادة الثانوية وزورت أرقام الجلوس لخمسين طالبا، فضلا عن أنها لم تكمل إجراءات التسجيل لدى الإدارة العامة لامتحانات السودان، وعمدت إلى إجراء امتحان صوري للطلاب.

وأكد وزير التربية والتعليم، عبد المحمود النور، أن معالجات طارئة تمت لتمكين الطلاب من الاستمرار في الامتحانات حتى لا تضيع عليهم السنة الدراسية، وأشار إلى تكوين لجنة لمراجعة جميع المدارس الخاصة التي سبق وأصدرت الوزارة في شأنها ملاحظات، تصل لدرجة إغلاق بعضها لمخالفتها للمعايير الموضوعة.

وأُثارت القضية الأوساط السودانية، ولاسيما أن امتحانات الشهادة الثانوية تمثل المراحل الأخيرة في التعليم المدرسي، وحدثا تتنظره الأسر السودانية وتوليه اهتماماً كبيراً، ويتوج مجهوداتها طيلة أيام المدرسة باعتبار أن الجامعة مرحلة فاصلة بين الطفولة والكبر.

وتقول أم كلثوم "ربة منزل"، أن الحادثة أدخلت عليهم الشك في المدارس الخاصة برمتها، وفي حقيقة النسب التي تعلن بتفوقها وتصدرها لقائمة المدارس واحرازها المراكز الأولى. وأوضحت: "الحادثة تفتح الشك حول مدى تعمد تلك المدارس في كشف الامتحانات لطلابها، للاستثمار بجذب عدد أكبر العام المقبل.

وأضافت: "كما أن الحادثة كشفت خللا في الوزارة وفي رقابتها للامتحان. "كيف يعقل أن تكتشف مركزاً وهمياً بعد بدء الامتحانات".

ويقول الباحث الاجتماعي وحيد الدين عبد الرحيم لـ"العربي الجديد"، إن للحادثة مردوداً نفسياً سيئاً وخطيراً على الطلاب والمجتمع عموماً، وتؤثر سلبا في مصداقية المعلم ومكانته لدى المجتمع. "كما أنه يقلل الثقة في آليات التربية الخاصة بالامتحانات".

وأكد أن الخطوة تتطلب إجراء تأهيل نفسي للطلاب المتضرريين لتلافى خطورة الحادثة مستقبلا. "لا بد أن يرافق أولئك الطلاب إبان الامتحانات باحثون نفسيون لبث الطمأنينة"، على حد قوله.

المساهمون