توتر في شرق الفرات: مواجهات بين "قسد" و"الجيش الوطني"

18 سبتمبر 2020
تنفذ "قسد" مداهمات واسعة في الباغوز (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تشير معطيات ميدانية إلى أن الاستقرار الأمني في شرق الفرات، شمالي شرق سورية، بعيد المنال في المدى المنظور، إذ لا تزال خطوط التماس بين فصائل المعارضة السورية و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) تشهد اشتباكات محدودة، تعكس التباين الكبير بين الطرفين. مع العلم أن "قسد" تنشط في ريف دير الزور الشرقي، بحثاً عن خلايا نشطة وعناصر تابعة لتنظيم "داعش".

وشهدت خطوط القتال بين "الجيش الوطني السوري" التابع للمعارضة السورية، و"قسد" حالة توتر واشتباكات خلال ليل الأربعاء - الخميس، في أحدث تصعيد من نوعه بين الطرفين. وكشفت مصادر محلية أن اشتباكات وقصفاً مدفعياً متبادلاً جرى على محاور قرية باب الخير ومزرعة حمدوش، في ريف الحسكة. وأفادت أن فصائل "الجيش الوطني" أطلقت قنابل مضيئة في سماء المنطقة، بهدف الكشف عن أية عمليات تسلل.


وقعت اشتباكات متفرقة بين "الجيش الوطني" و"قسد" في ريف الحسكة

من جانبه، ذكر موقع "الخابور" المحلي، أن فصائل تابعة لـ"الجيش الوطني" قصفت مواقع لـ"قسد" قرب بلدة أبو رأسين في ريف مدينة رأس العين الشرقي. ولم يقتصر التوتر على ريف الحسكة، فشهد ريف الرقة الشمالي قصفاً مدفعياً متبادلاً بين فصائل "الجيش الوطني" وقوات النظام، تزامناً مع تحليق طائرات استطلاع وأخرى مقاتلة تركية. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن المدفعية التركية استهدفت موقعاً لقوات النظام والمليشيات الموالية لها في المنطقة، ولم ترد أنباء عن وقوع خسائر في صفوف قوات النظام، التي تتخذ من منطقة عين عيسى مركز تجميع لعناصرها، قبل توزيعهم على نقاط عدة، خصوصاً في محافظة الحسكة. وانعكس التوتر في شرقي الفرات على غربه، فشهدت محاور قريتي مرعناز والعقلمية في ناحية شرا، التابعة لمدينة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، قصفاً متبادلاً بين "قسد" وقوات المعارضة السورية.

وكانت نقطة تركية في منطقة الغزاوية قرب عفرين، تعرّضت قبل أيام لقصف مدفعي من قبل "قسد"، أدى إلى وقوع إصابات في صفوف الجيش التركي، الذي ردت مدفعيته على مصادر النيران. ولا تزال "قسد" تسيطر على مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي وقرى عدة في محيطها في منطقة غربي نهر الفرات، إلى جانب مدينة منبج والقسم الأكبر من ريفها.

في غضون ذلك، سيّر الجانبان التركي والروسي، أمس الخميس، دورية عسكرية مشتركة في محيط مدينة عين العرب، في ريف حلب الشرقي، وذلك في سياق الاتفاق المبرم بين موسكو وأنقرة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، والذي أوقف الجيش التركي عملياته العسكرية في شرق الفرات بمقتضاه. ووفق مصادر محلية، فقد شاركت في الدورية 4 مدرعات روسية و4 تركية إلى جانب مروحيتين روسيتين. وجابت الدورية قرى جارقلي، قران، صليب، بوبان، سفتك، تل شعير، سوسان، قوله، بيندر، مشكو، جبنة، قبل العودة إلى نقطة البداية في قرية آشمة. ورغم الاتفاق التركي الروسي لا تزال منطقة شرقي نهر الفرات ميدان اشتباكات بين فصائل "الجيش الوطني" المدعومة من الجيش التركي، وبين قوات "قسد" التي تتلقى دعماً كبيراً من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.


تعتقل "قسد" معارضين لها في ريف دير الزور بحجة انتمائهم لداعش

ونفّذت "قسد" أول من أمس الأربعاء، حملة مداهمات واسعة في قرية الباغوز، بريف دير الزور الشرقي، بحثاً عن أشخاص متهمين بالانتماء لتنظيم "داعش". وكانت الباغوز آخر معقل للتنظيم في منطقة شرقي الفرات قبل سقوطها بيد "قسد" مطلع عام 2019. ومع أن "قسد" تؤكد أنه لا تزال هناك خلايا وذئاب منفردة للتنظيم في أماكن عدة، في ريف دير الزور الشرقي، إلا أن مصادر محلية تؤكد أن هذه القوات تتخذ من تهمة الانتماء أو التعاون مع التنظيم ذريعة لاعتقال معارضين لها في الريف الذي يشطره نهر الفرات من الوسط، وتسيطر فيه مليشيات إيرانية على مناطق جنوبي النهر. وأكدت المصادر أن طائرات مسيرة تابعة للتحالف الدولي، رافقت القوة المداهمة للباغوز التي فتشت أحياء سكنية في القرية.

وسبق أن أعلنت قوى الأمن الداخلي "الأسايش" التابعة لـ "لإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرقي سورية، يوم الاثنين الماضي، عن إلقاء القبض على خلية لتنظيم "داعش" مكونة من سبعة أشخاص في بلدة الشحيل في ريف دير الزور الشرقي. وفي السياق، داهمت "قسد" يوم الأربعاء المعابر النهرية التي تربط بين المنطقة التي تقع شمالي نهر الفرات ويطلق عليها السكان المحليون اسم "الجزيرة" وبين المنطقة الواقعة جنوبي النهر وتُدعى "الشامية" الخاضعة لسيطرة المليشيات الإيرانية.

وذكرت مصادر أن "قسد" صادرت قوارب وعبارات نهرية تستخدم للتهريب بين المنطقتين، خصوصاً إلى "الشامية"، التي يعيش من بقي فيها من سكان في ظروف معيشية بالغة الصعوبة، وهو ما تتخذه المليشيات سبباً للضغط عليهم لتغيير معتقداتهم مقابل مساعدات مادية. ولا يزال ريف دير الزور الشرقي الخاضع لقوات "قسد" يشهد توتراً بينها وبين بعض عشائر هذا الريف الذي شهد عدة عمليات اغتيال بحق وجهاء عشائريين، كانت السبب الرئيسي لهذا التوتر في ظل تهديدات من قبل شيوخ عشائر لإنشاء كتائب عسكرية من أبناء المنطقة لحفظ الأمن. وكان "مجلس دير الزور العسكري" التابع لـ"قسد"، قد نفى يوم الثلاثاء الماضي، الأنباء عن تعرض القيادية في "قسد" ليلوى العبد الله لمحاولة اغتيال بدراجة نارية في ريف دير الزور الشرقي. وذكر المجلس في بيان أن العبد الله تعرضت لحادث سير أسفر عن وفاة سائق الدراجة النارية.