سلّة مخاوف من أثمان "التقارب" الأميركي ــ الإيراني

03 نوفمبر 2014
يترقّب العالم الخطوات الأميركية تجاه إيران (Getty)
+ الخط -
كشف مصدر سياسي أميركي، رفض الإفصاح عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، أن "القلق الإسرائيلي من أي تقارب أميركي مع إيران، يكاد يتطابق مع القلق السعودي والتركي". وأشار إلى أنه "قد لا يكون هناك تنسيق بين هذه الدول، لكن إدارة الرئيس باراك أوباما تواجه ضغوطاً سياسية منفصلة من الأطراف الخارجية الثلاثة، تتمحور حول الملف النووي الإيراني والتحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية (داعش)". وجاء كلام المصدر، عقب لقاءات تشاورية أميركية ـ إسرائيلية جرت في البيت الأبيض هذا الأسبوع.

وذكر المصدر أن "مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس، حاولت قدر الإمكان طمأنة نظيرها الإسرائيلي يوسي كوهين، أثناء المباحثات بين الجانبين. وشدّدت أن الولايات المتحدة لن توقّع أي اتفاق مع إيران في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي ما لم يتضمن الاتفاق ضمانات كافية، تمنع طهران من حيازة السلاح النووي".

وأضاف المصدر "أطلعت رايس الفريق الإسرائيلي الزائر على تفاصيل مهمة، تتعلق بسير المفاوضات مع إيران في حضور مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان، ونائب رئيس الأركان الأدميرال جيمس وينفيلد، وممثلين لوزارات الخارجية والدفاع والمالية، إضافة إلى سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل دان شابيرو. والتزمت رايس للوفد الإسرائيلي بالتنسيق والتشاور المستمرّ، حول الملفات الحساسة وعلى رأسها ملفا المفاوضات مع إيران والتحالف الدولي ضد داعش".

وتابع المصدر "تخشى إسرائيل من أن تؤدي حاجة أوباما لإيران في ملف داعش، إلى تقديم تنازلات لها في الملف النووي، في حين تخشى إدارة أوباما من لجوء إسرائيل إلى تحريك أصدقائها في الكونغرس الأميركي، لشنّ حملة ضد الاتفاق المحتمل مع إيران، ولذلك فإن اطمئنان إسرائيل أمر ضروري للغاية".

أما السعودية وتركيا، فـ "لا يقتصر قلقهما على ملف إيران النووي فقط، بل إدراك إمكانية ما يُمكن أن تجنيه إيران إقليمياً، من موافقتها على تجميد مشروعها النووي أو التخلّي عنه نهائياً"، وفق المصدر. وأوضح قائلاً "الأتراك يخشون من أن يكون الثمن بقاء (الرئيس السوري بشار) الأسد حليف إيران في السلطة للأبد، وتتحوّل بسببه طهران إلى ماردٍ إقليمي في المنطقة".

ويؤكد أن "السعوديين يشاركون الأتراك في ذلك، لكن الأتراك أكثر وضوحاً في التعبير عما يريدونه من إدارة أوباما". ورفض المصدر تأكيد أو نفي، ما إذا كانت المشاورات الأميركية الإسرائيلية قد تطرقت في أي وقت من الأوقات، إلى مسألة بقاء الأسد أو الإطاحة به، واكتفى بالقول إن "إسرائيل تبدو أقل اكتراثاً من تركيا والسعودية في مسألة الإطاحة بالأسد، وما يهمها أكثر هو الإطاحة بداعش ومنع إيران من صنع قنبلة نووية".

من جانبه، أقرّ المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، في تصريحات أدلى بها لقناة "سي إن إن" الأميركية، أن "الولايات المتحدة قدمت تنازلات للسعودية وتركيا، اللتين يهمهما إنهاء حكم الأسد المدعوم من إيران". وأضاف "يتمّ تدريب المعارضين المعتدلين في تركيا والسعودية وأماكن أخرى في المنطقة، حتى وإن كان الهدف من تدريبهم هو محاربة داعش بالدرجة الأولى، إلا أنهم معارضون كذلك لنظام الرئيس الأسد". في إشارة غير مباشرة إلى أن هذا الأمر قد يرضي السعودية وتركيا، لما يتضمنه من احتمال الاستفادة منهم مستقبلاً في أي عملية محتملة للإطاحة بالأسد.

وقال إن "ما ينقله (السفير السعودي لدى واشنطن عادل) الجبير، لنا من آراء تصالحية منسوبة للملك ومستشاره خالد التويجري، تُناقض ما يسمعه دبلوماسيوننا في جدة والرياض من سعود الفيصل وتركي الفيصل وبندر بن سلطان". وأضاف "هؤلاء الأمراء وآخرون، يحذروننا مما يؤمنون به أو يصفونه بالمراوغة الإيرانية، ولكنهم في ذات الوقت يفاوضون إيران ويتفاهمون معها في بعض القضايا".

ورفض المصدر إيراد أمثلة على أية قضايا غير معلنة، يتفاوض بشأنها سعوديون مع الجانب الإيراني، لكنه لفت إلى أن "القصر الملكي السعودي يتفق مع إدارة أوباما في أن تجميد المشروع النووي الإيراني، يجب أن يكون له الأولوية المُطلقة من بين كل المخاطر المحتملة التي قد تسببها إيران، في حين أن هناك أجنحة متعددة داخل الأسرة الحاكمة، يولي بعضهم جلّ اهتمامهم لمخاطر أقل من المشروع النووي، ولا يرغبون في إدماج إيران أو احتوائها في المنطقة خشية إعطائها دوراً إقليمياً على حساب الدور السعودي".

وأشاد المصدر بمسؤولي دولة الإمارات قائلاً "أصدقاؤنا في دولة الإمارات أكثر عقلانية من بعض حلفائنا الآخرين في السعودية وإسرائيل وتركيا، لأنهم يفهمون فسيفساء المجتمع الإيراني وأساليب صنع القرار السياسي في طهران بشكل واعٍ ودقيق". وعند سؤاله عن الأسلوب الذي يعتقد أن مسؤولي الإمارات يريدون من الولايات المتحدة ومن المجتمع الدولي اتباعه مع إيران، امتنع المصدر عن التعليق.

وفي السياق، أشار دبلوماسي أميركي رفيع المستوى، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الإدارة الأميركية تتلقّى منذ أشهر إشارات متناقضة من السعودية، بشأن كيفية التعامل مع إيران، تنمّ عن تباين حاد في المواقف داخل السعودية ذاتها، وعدم وجود استراتيجية موحدة متفق عليها بين أجنحة الحكم".

وأوضح أن "الملك عبد الله بن عبد العزيز ومستشاريه المقرّبين، يتبنون وجهة نظر معتدلة، ترحّب بإدماج إيران اقتصادياً وسياسياً، في علاقات تعاون تساعد على تقليص حدّة العداء وامتصاص بؤر التوتر، في حين أن أعضاء بارزين في العائلة السعودية المالكة، يعربون دوماً عن فقدانهم الثقة بطهران ويحذرون من مراوغة المسؤولين الإيرانيين، كما يتهمون إدارة أوباما بعدم فهم إيران والسذاجة السياسية في التعامل معها".

المساهمون