قلعة نزوى

07 ديسمبر 2015
قلعة نزوى في عُمان (Getty)
+ الخط -
فريدةٌ متفردة تلك القلعة المنيعة نزوى في عُمان، وتحديدًا في وسط المدينة التي تحمل اسمها نزوى. تتضاعف ضخامتها بسبب ارتفاعها المبهر وبسبب شكلها الدائري غير المألوف، الذي يزيد من إشعاع الصلابة والقوّة، لكأن الحجر وحده لا يكفي للدلالة على مناعتها، فكان لا بدّ من هذا الشكل البسيط ظاهرًا، إلا أنه حاملٌ معاني سحرية، تخبّر قصّة القلعة. 

بناها الإمام، سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، حوالي عام 1650، بعدما أوقع من الهزيمة شرّها في "سادة البحار الشرقية"، أي البرتغاليين الذين كانوا يسيطرون على مياه الخليج العربي وما يسمّى اليوم بالمحيط الهندي، إذ كان اسمه في الخرائط القديمة البحر العربي.
أن توقع الهزيمة بعدوّك، بالذي قدم إلى أرضك محتلًا، ليس بالأمر الهيّن. وإن درجت العادة على تخليد المناسبة بيوم للنصر والفرح، فثمة جانبٌ آخر محرّك: الغنائم بلغة الأمس العربي، والمكاسب بلغة اليوم. كذا ارتبطت الغنائم بتلك القلعة، إذ إن تكاليف بنائها جاءت من أحد انتصارات سيف بن مالك اليعربي.

كان الإمام كحاكم يستحقّ اللقب والاحترام، عارفًا بالطبيعة العمانية وتضاريسها، كذا فإن ولاية نزوى الواقعة في داخل البلاد لا على ساحلها اللازوردي، تميّزت بموقعها. من هنا كان لا بدّ للقلعة التي ستحمل اسم الولاية، أن تكون أبعد من قلعة منيعة.

كذا كان جزء كبير من البناء الدائري واقعًا تحت الأرض، فما نراه فوقها لا يمثّل إلا نزرًا من الحصن الدائري. لكأن مدينة كاملة في جوفه، بسلالمه الكثيرة، وآباره الاثنتي عشرة، وتلك الفتحات التي لها وظيفة دفاعية فاتكة؛ فتحات لصبّ الزيت المغلي، وأخرى لصب الدبس المغلي كذلك، وفتحات لسكب الماء المغلي أيضًا. سوائل حارقة ستغرق وتشوّه بل تقتل، من يحاول الدخول إلى قلعة نزوى.

فضلًا عن تلك الأفخاخ المنصوبة في جوف المكان، فالمتسلل إليه، لئن سلم من السوائل الحارقة، سيجد نفسه سجينَ فخّ حجري، قادته إليه التعرجات والممرات الكثيرة الأدنى إلى المتاهة التي لا تقهر في هذا البناء الأسطوري. وبالطبع يضمّ المكان زنازين وزنازين من أجل هؤلاء الذين سوّلت لهم أنفسهم التسلّل إلى القلعة الفريدة.

وثمة تلك الشقوق الطولية التي تزنّر محيط قلعة نزوى، ومنها يُطلق النشّابون سهامهم صوب المعتدي والغازي، وثمة فتحات أكبر خصيصًا للمدفعية التي ترمي العدو بالبارود.

المساهمون