صباح يوم إجازتها الأسبوعي صرخت ابنتي الكبرى في وجه شقيقتها وهو أمر بات معتادا أخيراً، ثارت وعلى وجهها ارتسمت كل أمارات الغضب، شاهدتها تستسلم لعصبيتها وتواصل صراخها غير عابئة بوجودي، ولا طلبي بالكف عن الصراخ، وحاولت الانتقال لمرحلة النقاش هذا.
في واحدة من جلسات السيدات، حكت إحداهن عن صديقة انفصلت عن زوجها بلا خلافات، وقالت إن علاقتهما أفضل من فترة زواجهما وأنهما يخرجان معاً ومع أطفالهما، وأردفت إنه كان طلاقاً ناجحاً.
قبل أيام كان يوم ميلاد ابنتي الصغرى، توقفت كثيراً وفكرت هل نحتفل بهذا اليوم وكيف لنا ذلك وأبوها لم تكد تمر على وفاته ثلاثة أشهر ونصف الشهر، فكيف نحتفل ونضحك ونرقص وهو هناك وحيد؟
لم تكن هذه الرسالة الأولى المعطرة بالمحبة بل مؤخراً تصلني رسائل شبه يومية كلها رقة وعذوبة وأمنيات غاية في الجمال، يبدو أن الفتاة التي تسطرها تنفق وقتاً ليس بالقليل في هندمتها وبث روح الأمل فيها
لم يخطر ببالي أن تترك ابنتي حضني من أجل لعبة، ولكنها فعلتها، تخطيت الفكرة سريعاً وانتظرت دوري في العناق وأمسكتها بقوة وأعطيتها حضناً ثانياً وثالثاً ورابعاً، حتى ملت هي وقالت "كفاية كده"!
هل كنا ننتظر أن تنهار إسراء أمام الكاميرا لنعرف أنها موجوعة لدرجة البكاء؟! أم كنا نتجاهل وجعها ونحاول تمرير فكرة أننا أقوى من سجونهم ومن بطشهم ومن ظلمهم؟! وهل يجب أن نسجن ظلماً ونحرم حتى من حقنا في البكاء؟!
تعيش المرأة القوية في صراع دائم مع الرجل، فهي تثير غيرته واستفزازه ربما لأنها تظهر ضعفه وجبنه في أحيان كثيرة، أو لأنها تنافسه في منطقة قوته التي يعتبرها حلبة سباقه التي وجب أن يفوز فيها دوماً
لا ألوم أطفالنا على عدم معرفتهم بفلسطين، فلم تعد نشرات الأخبار تكتظ بأخبار الشهداء والأسرى والجرائم التي يقترفها الاحتلال، ولم يعد النقاش حول فلسطين حدثاً يومياً في منازلنا
أجلس وأصدقائي وتشغلنا الحيرة بين العودة والبقاء!.. فقد حلمنا بوطن يحترمنا ويقدر إنسانيتنا وكنا مستعدين لدفع ما يطلبه منّا في سبيل حياة كريمة لنا ولأبنائنا هناك بين جنباته وفي أحضان الأهل فأجبرنا على الرحيل بعيداً.