مائدة العيد: ارتفاع الأسعار قيّد فرحة العرب في الأعياد

28 ديسمبر 2015
ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الدول العربية (Getty)
+ الخط -
في مناسبات الأعياد، تجتمع العائلات العربية حول مائدة الطعام. إذ إن للمناسبات والأعياد قدسية معيّنة تقرّب العائلة من بعضها، وتجمع الأصدقاء. وفي مناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، تحاول العائلات الاحتفال وتحضير مائدة تحتوي على أطعمة مختلفة، لبث جو من التفاؤل والبهجة.
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المنطقة العربية، فإن العديد من العائلات تحاول السهر في البيت، وتحضير المائدة بأقل التكاليف، وخاصة أن أسعار تذاكر السهر في المطاعم والفنادق تبلغ في المتوسط ما بين 300 و600 دولار، حيث تكفي هذه المبالغ لإطعام أسرة مدة أشهر.
هذا العام، تشهد المنطقة العربية ظروفاً اقتصادية صعبة بسبب الصراعات والحروب، وقد انعكست هذه الأوضاع الاقتصادية سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين، إذ إن تحضير مائدة عيدي الميلاد ورأس السنة تتخطى أجور ذوي الدخل المحدود في العديد من الدول، في ظل ارتفاع الأسعار، وارتفاع نسب التضخم.

تكاليف مرتفعة
في الأراضي الفلسطينية، تستعد العائلات لقضاء عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة بأجواء بعيدة عن التوترات الأمنية المتصاعدة. وبحسب العادات والتقاليد، فإن مائدة العيد تتضمن أصنافاً عديدة، أبرزها حبش العيد، ومأكولات أخرى، تختلف أسعارها عن باقي أيام السنة. ويبدأ سعر الديك الرومي من 80 دولاراً ويصل إلى 100 دولار، إذ إن بعض المطاعم تقوم بطهي الديك الرومي، وتقدمه مع بعض الخضار، فآليات إعداده في المنزل تعتبر صعبة، كما أن بعض العائلات تفضّل شراء اللحوم بدلاً من الدجاج. بالإضافة إلى ذلك، تتزيّن المائدة بأنواع مختلفة من السلطات والفاكهة، بسعر يبدأ من 20 دولاراً، بالإضافة إلى الحلويات، وهنا تراوح أسعار الحلويات بين 20 دولاراً وتصل إلى ما يقارب 40 دولاراً للكيلوغرام الواحد، وبالمتوسط تصل كلفة مائدة العيد في الأراضي الفلسطينية إلى أكثر من 130 دولاراً.
في لبنان، لا يمكن لذوي الدخل المحدود أن يحتفلوا بالأعياد كما هو مطلوب، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار، خاصة في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة. ففي هذه الفترة تقفز أسعار المأكولات بشكل جنوني. وبالمتوسط تبلغ قيمة تحضير مائدة العيد لأربعة أفراد إلى نحو 100 دولار، تتضمن المأكولات التالية: دجاجاً، أو ديكاً رومياً، بعض المقبّلات بسعر يصل إلى 20 دولاراً، بالإضافة إلى وجود الحلويات كقالب الحلوى، الذي يراوح سعره بين 20 و30 دولاراً.

في الأردن، تحاول جميع الطبقات الاجتماعية أن تتأقلم مع قدرتها على الإنفاق وارتفاع الأسعار، وخاصة أن نسب الفقر في المملكة الأردنية، وبحسب تقارير البنك الدولي، وصلت إلى 37% من مجموع تعداد السكان. تحاول هذه الطبقات الفقيرة قدر الإمكان تأمين جميع احتياجات العيد وبأقل كلفة ممكنة، وبالمتوسط، يصل سعر تحضير مائدة العيد لأربعة أفراد إلى 60 دولاراً، حيث تحاول العائلة تأمين المأكولات الخاصة بالعيد، كشراء اللحوم والدجاج، وبعض المقبلات والأطباق الأخرى، بالإضافة إلى الفاكهة والحلويات.
في تونس، فإن تكاليف تحضير مائدة العيد تختلف من فئة اجتماعية إلى أخرى، إذ إن الأغنياء يحتفلون بالأعياد في الفنادق والمطاعم، أما الطبقات الاجتماعية المحدودة الدخل، وخاصة الفقراء، فعادة تحتفل بمناسبة الأعياد في المنازل مع الأقارب والأصدقاء، ويقومون بتحضير مائدة بسيطة تتضمن بعض الأصناف المميّزة للعيد، وبالمتوسط، يبلغ تحضير مائدة العيد في تونس إلى ما يقارب 60 دولاراً، حيث يقدم على المائدة طبق من الدجاج أو اللحم، بالإضافة إلى المقبلات والسلطات والفاكهة، ناهيك عن الحلوى التي تقوم بإعدادها سيدة المنزل.
وفي العراق، تحتفل العائلات بدورها بعيدي الميلاد ورأس السنة، ورغم أن الاحتفالات هذا العام ليست كالسابق بسبب الحرب ضد داعش، وتهجير المئات من العائلات، إلا أن للعيد في العراق ميزة خاصة. فالعائلات العراقية تجتمع بكل أفرادها، من الصغار حتى الكبار، يتناولون أطباقاً مختلفة، بعضها يصنع خصيصاً لمناسبة الأعياد. ومن هذه الأطباق، الديك الرومي، وطبق البرياني (الأرز مع اللحم). كما تحرص العائلة العراقية على أن تتضمن المائدة أصنافاً معينة من الحلويات، حيث تحاول ربة المنزل تحضيرها بنفسها. وبحسب كلارا الجزراوي، وهي من سكان محافظة نينوى، فإن الأعياد هذا العام كانت بشكل مختصر للغاية، بسبب الحرب، وفقدان الكثير من الأحبة، وتقول: "حاولنا قدر الإمكان تحضير مائدة العيد بأقل كلفة، لأن الأسعار مرتفعة للغاية، إذ إن تحضير مائدة العيد يتطلّب بين 150 و200 دولار".
يشير الخبير باسم جميل أنطوان إلى أن الضائقة الاقتصادية التي يعانيها المواطنون في الدول العربية، بسبب الحرب وارتفاع نسب البطالة، وغياب الاستثمارات، أدت إلى تقليص النفقات، بحيث تحاول العائلات قدر المستطاع تأمين احتياجاتها من السلع الأساسية بأسعار منخفضة، ولذا فإن مظاهر الاحتفالات تتلاشى عاماً بعد عام".

اقرأ أيضاً:"يلا نفطر سوا" تسعد المنكوبين في غزّة
المساهمون