حصلت الحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد، على ثقة البرلمان التونسي بنسبة عالية، مع نيلها 168 صوتاً. وتجاوزت بذلك كل الحكومات السابقة، على الرغم من الانتقادات والتحذيرات التي واجهها الرئيس المكلف. ووجّه الحلفاء قبل الخصوم رسالة إلى الشاهد، مفادها أن الدعم والمساندة لا تعني "شيكاً على بياض" في المرحلة المقبلة. ورأى البعض أن البيان الذي ألقاه أمام البرلمان يوم الجمعة، لا يعدو أن يكون إعلان نوايا. وطالبوا بتقديم تشخيص شامل لكل قطاع على حدة، في تونس، وبوضع خطة خاصة لإنقاذه في إطار برنامج مفصل. وأصروا على ضرورة تقديم هذا البرنامج للنواب وتنفيذه ضمن مهلة زمنية محددة، على أن يحاسب الشاهد على أي تقصير أو تقاعس.
ولاقى بيان الشاهد استحساناً من تكتلات نيابية مساندة لحكومته، لا سيما تلك التي وقعت على وثيقة قرطاج (حول تشكيل حكومة وحدة وطنية في تونس). لكن برزت أيضاً تحفظات واسعة عليه، لأنه يمثل في نظر عدد كبير من النواب "إعلان نوايا"، ولأن العبرة في التنفيذ والالتزام بما تعهد به رئيس الحكومة الجديد.
وفي السياق، أكد رئيس كتلة الاتحاد الوطني الحر بالبرلمان، طارق الفتيتي، أن الشاهد تسلم البلاد في توقيت حرج ما يستوجب إصلاحات عميقة، وأنه من الإيجابي مصارحته للتونسيين لكنه لم يقدم مؤشرات دقيقة حتى يكشف حقيقة الوضع، على حد تعبيره. ولفت إلى أن النواب ينتظرون أن تقدم الحكومة بعد فترة وجيزة من مزاولتها لمهامها، حصيلة مفصلة عن عملها مستقبلاً، وتشخيصاً للأزمة وكشف المتسببين فيها أيضاً. وتابع أن أهم "عيوب" حكومة الشاهد، التي رفض "الوطني الحر" المشاركة فيها مع أنه منحها الثقة، يتمثل في أنها تضم شخصيات على أسس سياسية في إطار المحاصصة وفي ظل غياب واضح لبرامج ومشاريع عمل.
أما حزب مشروع تونس الذي حضرت قياداته (من غير النواب) الجلسة النيابية العامة، فقد اعتبر تصويته لحكومة الشاهد واجباً وطنياً في إطار دعم الاستقرار السياسي في البلاد. وقال زعيمه، محسن مرزوق، لـ"العربي الجديد" إن البرنامج الذي قدمه رئيس الحكومة المكلف هو برنامج "إنقاذ"، فيما تتطلب البلاد برنامج "إقلاع" ورؤية استراتيجية للمستقبل حتى لا تصبح في وضع حرج. وسيطالب حزب مشروع تونس الشاهد وفريقه، إثر مرور شهرين على منحه الثقة، بجردة حول ما أنجزوه في إطار الإجراءات العاجلة، فيما ستتم محاسبته على رؤيته واستراتيجيته على مدى أبعد، وفق مرزوق.
وانتقد نواب من حزب نداء تونس، خلال الجلسة العامة، بعض الأسماء التي اختارها الشاهد في طاقمه الوزاري. وأكد النائب عن النداء، حاتم الفرجاني، في حديث لـ"العربي الجديد" أن الحكومة الجديدة تتوفر فيها جميع شروط النجاح، لكن أسماء بعض الوزراء تطرح نقاط استفهام، إذ تم قبول وزراء لا تسمح سيرهم الذاتية ومسيرتهم التعليمية والمهنية لهم بالحصول على منصب كهذا في الحكومة، لكن الشاهد ضمهم لفريقه، بحسب النائب.
واتفق حزب آفاق تونس بدوره مع الرأي الندائي المشيد بالحكومة. وقال الناطق الرسمي باسم الحزب، وليد صفر، لـ"العربي الجديد"، إن خبرة الشاهد التي حصل عليها خلال عمله ضمن طاقم رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، وملامسته للواقع، مكنتاه من تشخيص الوضع.
من جانبه، أكد أمين عام حركة الشعب، زهير المغزاوي، الذي شارك في مشاورات قرطاج لكنه انسحب في الدقائق الأخيرة للمشاورات، أن الحركة تحفظت خلال التصويت على منح الثقة لحكومة الشاهد لما شهدته المبادرة من تسرع وقفز بعض الأطراف عليها واستغلالها. ووصف خطاب رئيس الحكومة الجديدة أمام البرلمان بـ"الكلام الجميل والتعهدات بالعديد من الإجراءات ولكن الكلمات الجميلة لا تعني شيئاً إذا لم تتحقق على أرض الواقع من خلال إنجازات، وما ينتظره الشعب من تشغيل وتنمية داخل المناطق المحرومة"، على حد تعبيره.
ووجه التيار الديمقراطي على لسان الأمين العام، غازي الشواشي، انتقادات عدة لبيان الشاهد وطاقمه. ونفى في تصريح لـ"العربي الجديد" أن يكون "طاعناً في نية الشاهد" لكنه اعتبر أن جميع المؤشرات تدل على أن الحكومة ستخفق في عملها لأنها تفتقر إلى إرادة الإصلاح والنهوض بالبلاد، وفق قوله.