قصف إسرائيلي يطاول ريف السويداء: التمدد الإيراني ممنوع

08 يناير 2021
الضربات جاءت عبر رشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

لم ينتظر الطيران الإسرائيلي طويلاً قبل أن يُعاود قصف أهداف عسكرية تابعة للنظام السوري في جنوب البلاد، في سياق استراتيجية هدفها منع الإيرانيين من ترسيخ تمركزهم جنوب العاصمة السورية. واستهدفت ضربات إسرائيلية جديدة قبيل منتصف ليل الأربعاء- الخميس مواقع عدة لقوات النظام والمليشيات الموالية لها في جنوب سورية وريف دمشق، موقعة عدداً من القتلى والجرحى.
ونقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام عن مصدر عسكري قوله إنّ الطيران الإسرائيلي استهدف قبيل منتصف ليل الأربعاء - الخميس عبر رشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل بعض الأهداف في المنطقة الجنوبية. وأشار إلى أنّ وسائط الدفاع الجوي التابعة لقوات النظام "أسقطت معظم صواريخ العدوان". وكان لافتاً استهداف الطيران الإسرائيلي للمرة الأولى هدفاً عسكرياً للنظام في محافظة السويداء جنوب سورية، حيث أشار موقع "السويداء 24" المحلي إلى أنّ القصف طاول نقطة الرادار التابعة لقوات النظام غربي قرية الدور، في ريف السويداء الغربي، مؤكداً أنّ ألسنة اللهب تصاعدت من المكان.

قتل 3 عناصر موالين لإيران وجرح أكثر من 11 في القصف

من جانبه، أكد موقع "صوت العاصمة" المعارض، أنّ الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف بـ3 غارات متتالية محيط الفرقة الأولى الواقعة قرب بلدة الكسوة في ريف دمشق الجنوبي. وفي السياق، أشار "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إلى أنّ القصف الإسرائيلي طاول أيضاً كتيبة "نجران" الواقعة شمال غرب السويداء عند الحدود الإدارية مع محافظة درعا، ومواقع أخرى على طريق دمشق – درعا تنتشر فيها مليشيات موالية لإيران و"حزب الله" اللبناني، إضافة لقوات النظام والمليشيات الموالية لها. وأكد المرصد مقتل ثلاثة مقاتلين موالين لإيران على الأقل في القصف، وإصابة أكثر من 11 آخرين بجروح، بعضهم في حالات خطرة، لم يتمكن المرصد من تحديد جنسياتهم.
وفي 30 ديسمبر/ كانون الأول الفائت، استهدف قصف إسرائيلي مواقع للدفاع الجوي التابع للنظام السوري والمليشيات الإيرانية و"حزب الله" اللبناني في جبال منطقة الزبداني بريف دمشق، ما أسفر عن وقوع خمسة قتلى وجرحى على الأقل بين عناصر هذه المليشيات. وكان الطيران الإسرائيلي استهدف أيضاً أواخر ديسمبر الفائت مركز البحوث العلمية في منطقة مصياف بريف حماة الغربي، والذي يعتبر من المراكز المهمة والأساسية التي يعتمد عليها النظام السوري في الصناعات العسكرية.

وتأتي الغارات الإسرائيلية المتلاحقة على مواقع عسكرية تابعة للنظام في سياق استراتيجية تقوم على منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم خصوصاً في جنوب سورية، حيث يتخذ الحرس الثوري الإيراني من مقرات الفرق والألوية العسكرية التابعة للنظام مقرات له. ووفق مصادر في المعارضة السورية، فإنّ مليشيات إيرانية تنتشر في جنوب سورية، وخصوصاً في محافظة درعا المتاخمة للحدود مع الأردن والأراضي المحتلة، مشيرةً إلى أنّ هذه المليشيات تتخذ من مقرات الفرقة الخامسة في بلدة أزرع ومقرات الفرقة التاسعة بالصنمين، وسواها من المواقع مقرات لها.
إلى ذلك، يؤكد القصف الإسرائيلي المتكرر لمقرات الفرقة الأولى في الكسوة أنّ الجانب الإيراني لا يزال يحاول إنشاء قاعدة عسكرية له في المنطقة التي لا تبعد سوى 50 كيلو متراً من مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

شعبان: أي ضربة إسرائيلية تكون موجهة لمليشيات لها علاقة بطهران

في السياق، قال الباحث في مركز "عمران" للدراسات، نوار شعبان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الاستهداف الإسرائيلي يتركز على منطقة معينة، وخصوصاً تلك التي توجد فيها الفرقة الأولى في جنوب دمشق"، مضيفاً: "من الواضح أنّ الإيرانيين يريدون تصدير صورة أن لهم وجودا قويا في جنوب سورية، كي ينشغل الإسرائيليون عن مناطق أخرى في سورية تعمل إيران على ترسيخ وجودها فيها". وحول القصف الذي طاول مواقع في محافظة السويداء، أشار شعبان إلى أنّه "من الواضح أنّ الأمر استخباراتي يتعلق بمراقبة إسرائيلية لتحركات لها علاقة بإيران"، معتبراً أنّ "أي ضربة إسرائيلية تكون موجهة لمليشيات لها علاقة بطهران". ولفت إلى أنه "من خلال التواصل مع مصادر محلية، تبيّن أنّ حزب الله تحرك في المنطقة التي استهدفها الطيران الإسرائيلي مساء الأربعاء". وأوضح أنّ "أي تحرك عسكري من جهات موالية لإيران في جنوب سورية تعتبره إسرائيل خطراً، وتتعامل معه على الفور"، مبيّناً أنّ "خسائر الإيرانيين في القصف الإسرائيلي جنوب دمشق ليست كبيرة".
ويبدو أنّ ملف الجنوب السوري سيشهد تطورات خلال العام الحالي، إذ كانت أكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن الممثل الأميركي الخاص للتواصل بشأن سورية، جويل رايبرن، يتحرك في المنطقة من أجل الحد من النفوذ الإيراني في جنوب سورية. وكان النظام بمساعدة روسية توصل لاتفاقات "تسوية" مع فصائل المعارضة السورية في محافظتي درعا والقنيطرة منتصف عام 2018. ومن الواضح أنّ الإيرانيين اتخذوا من هذه الاتفاقات وسيلة للتمدد في المنطقة، وهو ما يعدّ مصدر قلق لإسرائيل والأردن.

المساهمون