يتطلّع الشاب سيداتي ولد باب، أحد سكان بلدية أم لحياظ، إلى تغيير الواقع المزري الذي تعيشه منطقة آوكار (الواقعة في الحوضين في أقصى شرق موريتانيا). وتُعاني المنطقة مشاكل وأزمات ما زالت تُراوح مكانها منذ استقلال موريتانيا عن المستعمر الفرنسي في عام 1960.
وظلّت كافة الأنظمة المتعاقبة على الحكم تتجاهل واقع المنطقة المأساوي في ظلّ انعدام التعليم والصحة والزراعة وغياب التغطية لشبكة الاتصال. ويقدّر ولد باب سكان منطقة آوكار الصحراوية في موريتانيا بأكثر من 120 ألف نسمة يتوزعون على ثلاثة مجالس بلدية (أم لحياظ وأنول وأطويل)، وتعاني من نقص في المدارس والمراكز الصحية ونقاط المياه، ولا يوجد غير عدد من الآبار الارتوازية يبلغ عمق بعضها 60 متراً، على الرغم من أن المنطقة تعد أكبر تجمع للثروة الحيوانية في هذا البلد.
يضيف ولد باب لـ"العربي الجديد" أنه ورفاقه من أبناء المنطقة يسعون إلى تغيير الواقع المزري في "آوكار"، ويأملون التفاتة من الجهات الرسمية تعيد للمنطقة ألقها التاريخي وتحيي أملاً ظلّ يراود السكان لإنهاء مأساة المنطقة، بعد أكثر من نصف قرن على إنشاء المجالس البلدية، وعددها ثلاث. وظلت المنطقة توصف بالخزان الانتخابي الذي يلجأ إليه النظام الحاكم لإحداث فارق كبير بينه وبين معارضيه، من دون أن يكون لذلك أي تأثير إيجابي على السكان الذين ظلوا يتمسكون بالأمل، ويحلمون بحاكم يلتفت للواقع المتردي في المنطقة شبه المنكوبة. ويؤكد سيداتي الذي كان يعدّد أسماء القرى والبلدات والمناطق الأشهر في آوكار، أنّ المنطقة تضم مساحات شاسعة صالحة للزراعة، ومناطق رعوية خصبة تعاني من جراء ندرة المياه.
ويطالب سيد أمحمد ولد البكاي أحد سكان قرية أكدرنيت، الجهات الرسمية بتشييد منشآت صحية وتعليمية في المجالس البلدية الثلاثة الواقعة في آوكار، مؤكداً أن أبناء المنطقة قرروا تنظيم مهرجان سنوي يحمل إسم "مهرجان آوكار الثقافي" لإحياء تراث المنطقة، وإعادة الاعتبار للمنطقة المنسية.
ويقول ولد البكاي لـ"العربي الجديد": "في المنطقة أعداد كبيرة من المدن والقرى والتجمعات السكانية، وقد أنشئت غالبيتها بعد الاستقلال عن المستعمر الفرنسي، في وقت استحدثت أخرى في ظل وجود مجالس بلدية في عام 1989، أبرزها أم لحياظ، أكدرنيت، أبير الصكه، حاسي محمد الطاهر، الإغاثة، حاسي أحمد، أنول، أطويل، أخظورة، البيظه أم أجدر، لكليه، وهي في حاجة إلى توفير مدارس لتمكين الأطفال من التعلّم، وإنشاء مراكز صحية يلجأ إليها سكان آوكار للعلاج من الأمراض، وتعد الملاريا أشدها فتكاً خلال موسم تساقط الأمطار".
يضيف ولد البكاي أنّ سكان آوكار يحتاجون دعماً عاجلاً في المجال الزراعي، من خلال تسييج المناطق الصالحة للزراعة، وإنشاء بعض السدود الجديدة، وترميم السدود القديمة التي أنشئت منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي بجهود السكان المحليّين، مع تواصل مسلسل تجاهل الجهات الرسمية لها، خصوصاً السدود الموجودة في مناطق كنيو، أقليك أولاد البح، أم الكرعان، أقليك سيد أحمد، والتي تمثل جزءاً من تاريخ المنطقة التي نهض بها أبناؤها سنوات طويلة، وأصبحوا اليوم في حاجة إلى تدخل رسمي للمساعدة في تغيير الواقع المزري.
وفي ما يتعلق بنقص مياه الشرب في آوكار، يقول البكاي ولد خطره، أحد وجهاء المنطقة: "معظم السكان يعيشون مأساة حقيقية بفعل انعدام الحنفيات التي توفر مياه الشرب للسكان، والماشية. وتعاني غالبية المناطق المأهولة من جراء العطش، كما يهاجر سكانها إلى الحدود مع جمهورية مالي في فصل الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي تزداد الحاجة إلى المياه".
ويرى ولد خطره لـ"العربي الجديد" أنّ التغلب على معاناة سكان منطقة آوكار في أقصى الشمال الشرقي لموريتانيا، ينحصر في توفير عدد من الصنابر (الحنفيات) في مناطق أكدرنيت، أبير الصكه، بوبريكه، الإغاثة، إضافة إلى توفير آبار ارتوازية في المنطقة الواقعة بين بوبريكه وأوطفن، وجنوباً في اتجاه تمبهره وزيرت أشماط. ويقطن معظم هذه المناطق سكان غالبيتهم من البدو الرحل، ويعانون من العطش. وعن غياب المدارس والنقاط الصحية، فحدّث ولا حرج.
ويختم ولد خطره حديثه قائلاً: "غياب أي شبكة للاتصال في منطقة آوكار يزيد من معاناة السكان، ويعرض حياة البدو الرحل والمقيمين في القرى والتجمعات السكانية للخطر على حد سواء، مطالباً الجهات الرسمية بدفع شركات الاتصال للاستثمار في المنطقة المنسية التي يوجد بها آلاف السكان في عزلة تامة عن أجواء المدينة. ويختصر التواصل في غالبية مناطق آوكار على الطريقة القديمة وهي ركوب الجمال والسير مئات الكيلومترات سعياً لسماع الأخبار، أو لحمل مريض للعلاج في ظروف صعبة وبدائية بشكل كبير".