يقيم العشرات من السياسيين ورجال الدين وشيوخ القبائل العراقيين من غير الأكراد، في إقليم كردستان العراق وتحديداً في مدينة أربيل منذ سنوات طويلة بعد مغادرتهم بغداد ومدناً أخرى بسبب إصدار القضاء العراقي مذكرات اعتقال بحقهم بتهم مختلفة غالبيتها تتعلق بالإرهاب. إلا أن حكومة الإقليم ترفض الاعتراف بمثل تلك المذكرات وتعتبرها سياسية وذات أبعاد طائفية اتسمت بها فترة رئاسة حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، بين عامي 2006 و2014. وتمارس تلك الشخصيات أنشطتها السياسية والإعلامية ضمن هامش كبير من الحرية التي لا تتوفر في بغداد الواقعة تحت تأثير ضغوط أحزاب ومليشيات معروفة بولائها لإيران.
وقال عضو في "التحالف الكردستاني" العراقي في أربيل، سردار علي، لـ"العربي الجديد"، إن هؤلاء "ضيوف لنا منذ سنوات ولا نؤمن بنزاهة قضاء بغداد ومقتنعون بأن التهم ضدهم باطلة"، وفق تعبيره. وأضاف أن "هناك وسائل إعلام عربية وأجنبية ممنوعة من العمل في بغداد منذ زمن حكومة نوري المالكي الأولى وانتقلت إلى أربيل لتغطية الشأن العراقي من هنا، كما أن هناك مكاتب منظمات إنسانية وحقوقية تم طردها من بغداد وتعمل حالياً من إقليم كردستان". وبيّن أن "تلك الشخصيات والمؤسسات تم إبعادها وإلصاق تهم مختلفة بحقها واليوم تجد نفسها محاصرة، فإذا رغبت الشخصيات في المغادرة جواً عليها أن تذهب إلى بغداد ومن هناك تغادر العراق"، لكن "وصولوها إلى بغداد يعني اعتقالها بالتأكيد"، وفق قوله. وأكد أن "بعضهم غادر الإقليم براً عبر تركيا وإيران لكن الأغلبية حالياً بحكم المحاصرين".
ويقدر عدد المطلوبين لبغداد ممن يقيمون في كردستان العراق بالعشرات مع أسرهم، تم البتّ ببراءتهم من قبل قضاء الإقليم واعتبار التهم الموجهة ضدهم كيدية وذات طابع سياسي. ويمنح دستور إقليم كردستان القضاء سلطات عالية تفوق سلطات رئيس الإقليم. وتجرّم المادة الثامنة أي مسؤول حكومي أو سياسي بالسجن المشدد في حال ثبتت ممارسته أي ضغوط على العاملين في الجهاز القضائي بالإقليم.
وفي سياق متصل، أفاد الصحافي العراقي ن. ك.، والذي فضّل الكشف عن أول حرف من اسمه وعائلته فقط، ويقيم في أربيل منذ سنوات، بأنه مطلوب للقضاء بتهمة التشهير وفق المادة 433 من قانون العقوبات والسبب أنه نشر "تحقيقاً ينقل عن مواطنين قولهم إن حزب الدعوة الإسلامي سرق العراق باسم الدين". وأضاف أنه لا يستطيع "مغادرة إقليم كردستان إلا براً عن طريق تركيا أو إيران وهذا مليء بالصعوبات أيضاً"، وفق تعبيره. وطالب حكومة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، والبرلمان بفتح ملفات من تم اتهامهم في زمن المالكي كونها جميعها ذات دوافع طائفية وسياسية واضحة، بحسب تأكيده.
وأكد عضو "نقابة محامي أربيل"، المحامي آزاد عمر الجاف، أن القضاء في الإقليم والجهات الأمنية التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، أجريا تحقيقات مكثفة مع من تم اتهامهم من قبل بغداد وفروا إلى أربيل، ومن توصلت إلى أنه مدان قامت بتسليمه لبغداد، ومن شكت به تم إبعاده من الإقليم، لكن هناك أبرياء وهم من يوجدون حالياً في الإقليم ومنهم شيخ مقعد عمره 87 عاماً جرت إدانته بالإرهاب، ولدى التحقّق من التهمة تبين أنه يملك قطعة أرض كبيرة في ديالى على النهر ورفض بيعها فتم الالتفاف عليه بقضية دعم الإرهاب وتمويله، بحسب ما ذكر المحامي.