قالت صحيفة "واشنطن بوست" إنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بات يعتمد استراتيجية جديدة تقوم على تجنيد الأطفال، في خطوة تؤشر، بحسب الصحيفة، على تأثير التنظيم على "الجيل الثاني" من عناصره.
وتشير الصحيفة، في تقرير اليوم الثلاثاء، إلى الصور التي عرضتها محطة كردية، مساء الأحد، وتظهر "لحظات مأساوية" عاشها طفل في مدينة كركوك العراقية، يبلغ 15 عاماً، بحسب مسؤولين، حيث ظهر وهو يذرف الدموع، أثناء قيام قوات الأمن بتفكيك حزام ناسف كان يرتديه تحت قميص فريق برشلونة لكرة القدم.
ومساء اليوم نفسه، الذي أحبطت فيه قوات الأمن اعتداء كركوك الانتحاري هذا، وفق الصحيفة، قام انتحاري من العمر نفسه تقريباً، بتفجير نفسه أمام مسجد، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص.
وقد سبق الحادثتين، اعتداء غازي عنتاب في تركيا، مساء السبت، الذي قتل فيه خمسون شخصاً على الأقل، وسط ترجيح معلومات بأنّ منفذه الانتحاري هو طفل أيضاً.
وفي آذار/مارس الماضي نفذ انتحاري يتراوح عمره بين 15- 16 عاماً، اعتداء على مباراة لكرة القدم في بلدة الإسكندرية جنوب بغداد، أدى إلى مقتل 43 شخصاً على الأقل معظمهم أطفال.
وعلى الرغم من أنّ التنظيم لا يكشف عن هوية وعمر عناصره وعملياته الانتحارية، يقول محللون، وفق الصحيفة، إنّ هذه الأمثلة تؤشر إلى عواقب حملة التنظيم ومنهجه في المناطق التي يسيطر عليها في سورية والعراق.
وتنقل الصحيفة عن الكاتب والباحث في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط حسن حسن، قوله إنّ "التفجيرات الانتحارية هي منتجات استثمار داعش في الأطفال"، معتبراً أنّ "الجيل الثاني من التنظيم بدأ بالظهور إلى العلن".
وتشير الصحيفة إلى أنّ التنظيم وفي بداية انتشاره في سورية والعراق، كان يقيم نشاطات للعائلات مع أطفالهم، تتضمن مسابقات وألعاباً ومنافسات "لأكل المثلجات"، في حين لجأ إلى إقامة معسكرات تدريب وتجنيد عندما أحكم قبضته على مساحات واسعة من البلدين.
ويؤكد حسن، والذي شارك في تأليف كتاب "داعش: داخل جيش الإرهاب"، أنّ سياسة التنظيم تعتمد على تجنيد العائلات مع أطفالهم، حيث يفضل التنظيم الاعتماد على أطفال "أدمغتهم مثل لوحة بيضاء يمكن أن يكتب عليها ما يشاء"، كما يقول.
ومن الأسباب التي دفعت "داعش" إلى تجنيد الأطفال، بحسب الصحيفة، سهولة تحرّك الأطفال في مناطق لا يتمتع فيها الناس بحرية الحركة، لاسيما في العراق.
ويقول قائد شرطة كركوك العميد سرحد قادر للصحيفة، إنّ "الأطفال أكثر قدرة على التسلل"، مشيراً إلى أنّ الطفل الذي كان يحمل حزاماً ناسفاً في كركوك قد تم تخديره، على الأرجح.
كما يتساءل حاكم ولاية كركوك نجم الدين كريم، في حديث للصحيفة، "منْ الذي يشتبه بطفل لتنفيذ اعتداء؟" آسفاً لأنّ هؤلاء يخضعون "لغسيل أدمغة"، من قبل التنظيم.
ومع أنّ التنظيم خسر حوالى نصف الأراضي التي سيطر عليها في العراق، وحوالى 20 في المائة من أراضيه في سورية، بحسب تصريحات مسؤولين أميركيين، إلا أنّ أسئلة كثيرة لا تزال تطرح حول فعالية الاستراتيجية التي يعتمدها التحالف الدولي ضد التنظيم بقيادة واشنطن، التي تركّز "في نطاق محدود"، على محاولة هزم التنظيم "عسكرياً".
فوسط الحرب في سورية والعراق، ينشأ عشرات آلاف الأطفال من دون تعليم، ما يجعلهم "بيئة خصبة" للتجنيد، ما لم تتم معالجة القضايا الاجتماعية والمعيشية في بلدانهم.
ويشير حسن للصحيفة، إلى ضرورة ضمان عدم تكرار "نموذج داعش" وعدم عودته، معتبراً أنّ "تجاهل ذلك.. سيكون خطأً فادحاً".