احتفلت مؤسّسة "أنتربال" الخيرية أول أمس، بمرور عشرين عاماً على تأسيسها، في العاصمة البريطانية لندن.
وفي مؤتمر صحافي تطرّق إلى التحدّيات والإنجازات التي حقّقتها المؤسّسة منذ تأسيسها عام 1994، أكدت المؤسسة استمرارها في ممارسة عملها في ظل ظروف معقّدة وخطيرة، بهدف إيصال المساعدات وتحسين الظروف المعيشية الصّعبة التي يعيشها الفلسطينيون، منذ بدء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وركّزت "أنتربال" على تقديم يد العون إلى اللاجئين الفلسطينيين، وتغلّبت على جميع العقبات التي صادفتها خلال تلك السنوات، ولفتت "أنتربال"، إلى أنّها ازدادت إصراراً وتصميماً على تذليل العقبات والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، حين رأت صمود الشّعب الفلسطيني، خصوصاً في أحداث غزّة الأخيرة، التي سلّطت الضوء على أهميّة دور القطاع الخيري وأثره الإيجابي في سبيل وضع حدٍ لمعاناة الفلسطينيين.
جمعت "أنتربال" بين عام 2010 و2012 ما يوازي 15 مليون جنيه استرليني، ولفتت المؤسّسة إلى أنّ قيمة هذا المبلغ، تعكس الثقة الكبيرة التي يضعها المتبرّعون في "أنتربال"، وشعورهم بالأزمات الإنسانية المتنامية التي يواجهها الفلسطينيون، ويوضح وعي العالم واهتمامه بتوفير المساعدة لهم.
دعم اللاجئين
وأوضح رئيس مجلس أمناء "أنتربال"، إبراهيم هويت، في حديثه لـ"العربي الجديد"، دور المؤسسة في قيام العديد من المشاريع في غزّة ولبنان والأردن. وفي مسألة المياه الملوّثة، التي تعتبر مشكلة رئيسية في غزّة، بيّن جهود المؤسسة في توفير المياه الصالحة للشرب لأهالي المخيّمات، إضافة إلى توفير الأدوية والمعدّات الطبية للمستشفيات.
وتطرّق "هويت" إلى الأوضاع القاسية التي يعيشها اللاجئون في لبنان، بسبب سياسة البلد التي تحرمهم أن يتمتّعوا بحقوق المواطن وتمنعهم من العمل في العديد من المهن، وتقول الحكومة اللبنانية، إنّ تلك الإجراءات تصبّ في مصلحة الفلسطيني ومحافظته على حقّ العودة إلى بلده.
كما أشار هويت إلى عجزهم عن إيصال المساعدات إلى غزّة، بسبب إغلاق المعابر، بيد أنّهم على تواصل مع مكتب وزارة الخارجية البريطانية، بهدف السماح بدخول قافلة معونات إلى غزّة.
مشاريع متنوعة
ومن جهتها قالت "أماني كبريت" مسؤولة الخدمات الاجتماعية في "أنتربال" في لبنان، إنّ مخيّمات اللاجئين هي الأهمّ، وأبرز المشاريع التي تقوم بها المؤسّسة هي مشروع "كفالة يتيم" الذي شمل نحو 760 طفلاً في لبنان، قد يكون يتيماً أو محتاجاً، تسعى المؤسّسة إلى تنمية قدراته ومساعدته ماديّاً.
وهناك مشروع "صندوق الخدمات الاجتماعية" الذي يعتبر، أيضاً، من المشاريع المهمّة، ومهمّته تأمين خدمات علاجية للمرضى في داخل المخيّمات وخارجها. فأحياناً لا تشمل مساعدات "الأونروا"، بعض النواحي أو لا تدفع المبلغ المطلوب للعلاج بالكامل، حينها تقوم "أنتربال" بتغطية النقص.
ولفتت كبريت إلى التنسيق الدائم مع "الأونروا" والمشاركة معها في العديد من الخطط التنموية، مشيرة إلى تنوع المشاريع التي تقوم بها "أنتربال" ومنها: مشروع "كرامة" الذي يهتم بترميم البيوت وتقديم قروض مالية للعائلات المحتاجة، وبرامج الدعم النفسي، ومشروع "خطوة أمل" و"التنمية الأسرية"، كما أشارت إلى اختلاف المعايير المعتمدة بين مشروع وآخر، غير أنّ العائلات الأكثر حاجة تبقى الأهم وتحتل الأولوية.
أمّا الدكتور محمد الطويل، مؤسّس مركز الصدمات النفسية، الذي أنشأه لمساعدة شعبه الذي يعاني حول العالم، فتحدّث عمّا يوفّره المركز من خدمات، وعن صمود الفلسطينيين، وعن حاجتهم إلى حلّ جذري للعيش بكرامة في وطنهم، بما يتجاوز اقتصار فكرة المساعدات على التبرّعات والمعونات، رغم أهميتها.
وفي السياق تحدّث زاهر البيراوي رئيس منظمّة "يوروبال فورم"، التي تهتم بتفعيل القضية الفلسطينية في الأوساط الأوروبية، عن أهميّة "أنتربال" في مساعدة الفلسطينيين المحتاجين، إذ ترسل إلى هؤلاء سنويّاً، ما يعادل خمسة ملايين جنيه استرليني، وأضاف أنّ تلك الأموال تُرسل إلى مؤسّسات خيرية في الداخل الفلسطيني، وتقوم هي بدورها بتوزيعها على المحتاجين، بيد أنّ ذلك الأمر بات صعباً لأنّ إسرائيل وضعت العديد من تلك المؤسّسات الداخلية على لائحة الإرهاب.
في المقابل، عمدت "أنتربال" إلى فتح مكاتب لها في غزّة والضفة الغربية ومناطق الـ 48، حتّى تتمكّن من حلّ تلك المشكلة.
وأكّد البيراوي، مهمّة "أنتربال" الخيرية الإنسانية البحتة البعيدة عن السياسة، بيد أنّ عمل الخير قد يتقاطع أحياناً مع السياسة.
إلى ذلك، قال رئيس المبادرة الإسلامية في بريطانيا، محمد صوالحة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أنتربال" هي ربّما أهمّ مؤسّسة فلسطينية حول العالم وفي بريطانيا، وعلى الرّغم من العقبات التي تواجه غالبية المؤسّسات الخيرية، تبقى هناك طرق لإيصال المعونات إلى غزّة، وخلال السنوات الأخيرة تمكنّت "أنتربال" من إرسال نحو عشرين قافلة إلى القطاع.
وأكّد صوالحة، أنّ تلك الأموال تذهب إلى المحتاجين وليس لدعم أطراف سياسية، بل لدعم صمود الشعب الفلسطيني.