تمثّل أعمال الموسيقي الأوبرالي الإيطالي فينشينزو بيلّيني (1801 – 1835) نقطة التحوّل نحو الرومانسية في القرن التاسع عشر، عبر استحضار مفهوم جديد للفن يهتمّ بالمشاعر والمواقف الشخصية من خوف وفرح وغضب تجاه الطبيعة، بنزوعات مثالية تركّز على ثنائية الخير والشر بإطلاقهما.
في عمله "نورما" الذي تقدّمه فرقة "أوبرا دي روان" الفرنسية عند السابعة من مساء غدٍ على مسرح "دار الأوبرا السلطانية" في مسقط (بإنتاج مشترك بينهما)، تؤدي الميزو سوبرانو الرومانية إيلينا موسو شخصية نورما، والتينور البلجيكي مارك لاهو دور بوليوني، والسوبرانو الألبانية ميريام تولا في دور آنا كاسيان، بينما يتولّى الإخراج المسرحي فريدريك رويلز، ويقود الأوركسترا فابريتسيو ماريا كارميناتي.
الفرقة الفرنسية التي تأسّست عام 1962، تضيء نسختها من العمل الذي أنتجته عشرات فرق الأوبرا العالمية، قصة السيدة العاشقة التي يدفعها الألم إلى حرق نفسها في النهاية، وهي تصدح بأغاني بيلّيني وأشهرها "كاستا ديفا" أو "الإلهة المطلقة" التي يرد في أحد مقاطعها: "الإلهة التي تكسوها الفضة، والنباتات العتيقة المقدّسة، تنتقل إلى وجهك الجميل، ولا تغطيك ولا تحجبك".
تماهى بيلّيني بشخصيته التي يختلط فيها الحزن والأسى بملامح البهجة وميله للعزلة، فانعكست في أعماله الأحد عشر التي تقترب موسيقاها وأجوائها من الهزل قبل أن تقلب الأحداث نحو التراجيديا في أكثر مشاهدها مأساوية، كما في "نورما" التي ألّفها عام 1831، وقد سبّب له ذلك استنزافاً لأعصابه وجهده قاد إلى رحيله بعد إنهاء عمله الأخير "المتزمتون"، وهو في الرابعة والثلاثين.
تدور أحداث العرض حول الكاهنة حارسة المعبد التي تقع في غرام القائد الروماني الخائن "بوليوني"، وتبعات هذا الحب المشؤوم على العاشقة التي تقف في وجه خيانة الزوج من جهة، وتقاوم ظلم الرومان وتسلّطهم من جهة أخرى، وفي الوقت نفسه تفدي زوجها بروحها.
يحيل العمل بعد قرابة المئتي عام على تأليفه إلى إسقاطات عديدة، حيث ينتقد تدّخل رجال الدين في السلطة وفق مصالحهم وأهوائهم، كما يسلّط الضوء على الأحاسيس المتناقضة والمضطربة في الحب والتي تدفع إلى الانتقام والندم والغفران والتضحية، وكذلك في تعرية الاستبداد بمظاهره الذكورية.