بمبادرة شخصية وفردية قرّرت محامية لبنانية، تدعى سندريلا مرهج، التقدّم بطلب أمام قاضي الأمور المستعجلة في المتن الشمالي (جبل لبنان ــ شمال بيروت) رالف كركبي، طالبةً وفق بث إعلان يحمل عنوان "طرقات الزفت" وكانت قناة MTV اللبنانية قد بدأت ببثه أخيراً. أما سبب هذا الطلب القانوني فهو أن الإعلان "يتعرض للمقدسات الدينية بطريقة تهكمية".
وجاء في طلب مرهج أنها "بطلبها هذا تصدت، للاستهزاء بالمقدسات المسيحية دفاعا ًعن جميع المقدسات الدينية، لأنه يمكن أن يتم عرض جزء آخر من الاعلان، يمس مقدسات المسلمين، الأمر الذي يسبب فتنة طائفية ومذهبية خطيرة في ظل الجو المشحون، الذي يعيشه لبنان، إضافة إلى جرائم التعرض للمقدسات الدينية".
الإعلان هو عبارة عن تاجر سيارات يريد تأجير سيارة لرجل أجنبي، فيسأله عن ديانته، وعندما يخبره أنه مسيحي، يأخذه إلى سيارة في داخلها صور وأيقونات القديسين الذين يتشفّع لديهم اللبنانيون. هنا يبدأ انتقاد وضع طرقات السير اللبنانية والتي تودي بحياة مواطنين بسبب حوادث السير "لا زفت على الطرقات لكن لا تقلق القديس فلان سيحميك فهو شفيع الطرقات.. لا إضاءة على الطرقات، لا تقلق فالقديس فلان هو شفيع النور".
الإعلان هو من الأطرف والأكثر تعبيراً عن واقع اللبنانيين، لكن يبدو أنه "أثار حفيظة" مرهج فقررت التقدم بطلب لوقف بثّه. هذه هي ربما المرة الأولى التي يتقدّم بها فرد/محام، بصفته الشخصية، وليس نيابة عن مؤسسة دينية معيّنة. فعادة ما تتقدّم المؤسسات الدينية مثل المكرز الكاثوليكي للإعلام الذي يضغط على الأمن العام في سبيل منع هذا العمل أو ذاك، بسبب "ازدرائه للدين المسيحي"، مثل ما حصل أخيراً مع ألبوم بشار خليفة، نجل الفنان مرسيل خليفة، الذي منع من دخول لبنان إلا بعد حذف أغنية منه اعتبرت "مسيئة للدين المسيحي". الأمر نفسه ينطبق على المؤسسات الدينية الإسلامية، التي اعترضت أكثر من مرة على برامج تلفزيونية وأعمال فنية أخرى.
مصر
ظاهرة الدعاوى الشخصية التي لا تتبناها مؤسسات دينية، تنتشر مثلاً بشكل أكبر في مصر، حيث يتقدّم محامون بدعاوٍ ضدّ برامج تلفزيونية أو ضد فنانين بهدف سجنهم أو معاقبتهم بتهمة "ازدراء الأديان". ولنا في القاهرة أمثلة عدة. فبطل هذه الدعاوى هو طبعاً المحامي، نبيه الوحش، الذي رفع دعاوى ضد الكاتب الراحل، نصر حامد أبو زيد، ثم نوال السعداوي، إلى جانب دعاوٍ كثيرة أخرى، بينها "خدش الحياء العام..".
كذلك تقدم المحامي المصري، محمد عفيفي، بدعوى ضد الكاتبة، فاطمة ناعوت، متهماً إياها بازدراء الأديان، بعدما انتقدت شعائر عيد الأضحى على حسابها على "فيسبوك".
وقبل 4 سنوات تقدّم أحد المحامين المصريين بدعوى ضد عادل إمام، بتهمة ازدراء الأديان في أكثر من فيلم من أفلامه ومسرحياته، بينها مسرحية "الزعيم" وأفلام "مرجان أحمد مرجان" و"الإرهابي" و"حسن ومرقص" وغيرها... تطول لائحة الفنانين والإعلاميين الذي طاولهم هذا الاتهام، لتشمل أيضاً المذيع على قناة "القاهرة والناس"، إسلام البحيري، الذي أقام ضدّه المحامي، ممدوح عبد الجواد، دعوى من الصنف نفسه، وقال في دعواه إنه "فوجئ بهجوم إسلام البحيري على علماء الأمّة الإسلامية وكُتاب السنة النبوية، بطريقة تعبر عن مدى الحقد والكراهية التي يكنها للإسلام والعقيدة؛ إذ تبنى في برنامجه، التشكيك في ثوابت الأمة الإسلامية، وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة عند جميع المسلمين وما أجمع عليه علماء الأمة، والطعن فيما هو ثابت بنص كتاب الله تعالى، وسب الأئمة الأربعة". كما لم يسلم باسم يوسف من هذا الاتهام بعد تقدّم مجموعة من المحامين بدعوى ضدّه يتهمونه فيها بازدراء أحد فروض الإسلام، وهو الصلاة، في إحدى حلقات برنامج "البرنامج؟".
وبعيداً عن الدعاوى القانونية التي يرفعها أفراد فإن المؤسسات الدينية بدورها تأخذ على عاتقها هذه المهمة، مثلما فعل الأزهر مع الفنان، شعبان عبد الرحيم، بعدما ظهر في فيديو يرتدي فيه عمامة الأزهر ويقرأ القرآن، ما اعتبر إهانة للأزهر وازدراء للقرآن والصلاة، مما اضطر "شعبولا" للظهور مجددأً على التلفزيون وهو يبكي قائلاً "والله العظيم أنا بتأسفلكم كلكم وأنا مقصدش لأني بحب القرآن والأزهر، وكنت بتمنى أطلع شيخ وأنا صغير، وكنت بروح الكتاب".
اقــرأ أيضاً
وفي حال لم يتبرّع محام أو مؤسسة لشنّ هجوم على فنان أو إعلامي أو كاتب، فإن المجتمع نفسه أو الجمهور هو من يتولى هذه المهمة، كما حصل مع الفنان حكيم بعد صدور أغينته المصورة "عمّ سلامة". إذ هاجم عدد من الناشطين والمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي المغني الشعبي المصري متهمين إياه بالإساءة للدين الإسلامي إذ ظهر في مطلع الفيديو كليب وهو يضع قدمه على حائط كُتبت عليه الآية 87 من سورة الأنبياء:"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
الأردن
وبعد لبنان ومصر، ضجّ الوسط الفني أخيراً بخبر منع حفل الفرقة اللبنانية "مشروع ليلى" من إحياء حفلتها في عمّان. فصرّح محافظ العاصمة الأردنية قائلاً إن "ما يحتويه الألبوم الجديد للفرقة (ابن الليل) من مخالفات للقيم والعادات والتقاليد.. وما يرد في بعض أغانيه من ألفاظ لا تليق بالمجتمع الأردني". ثم أصدرت وزارة السياحة بياناً رأت فيه أن ما تقدّمه الفرقة لا يتناسب مع "عراقة المدرج الروماني"، ليتبيّن أخيراً وفق تقارير إعلامية أن الكنيسة هي التي ضغطت على الوزارة لسحب الترخيص، بسبب احتواء بعض أغاني الفرقة "على كلمات نابية بحق الدين المسيحي".
وجاء في طلب مرهج أنها "بطلبها هذا تصدت، للاستهزاء بالمقدسات المسيحية دفاعا ًعن جميع المقدسات الدينية، لأنه يمكن أن يتم عرض جزء آخر من الاعلان، يمس مقدسات المسلمين، الأمر الذي يسبب فتنة طائفية ومذهبية خطيرة في ظل الجو المشحون، الذي يعيشه لبنان، إضافة إلى جرائم التعرض للمقدسات الدينية".
الإعلان هو عبارة عن تاجر سيارات يريد تأجير سيارة لرجل أجنبي، فيسأله عن ديانته، وعندما يخبره أنه مسيحي، يأخذه إلى سيارة في داخلها صور وأيقونات القديسين الذين يتشفّع لديهم اللبنانيون. هنا يبدأ انتقاد وضع طرقات السير اللبنانية والتي تودي بحياة مواطنين بسبب حوادث السير "لا زفت على الطرقات لكن لا تقلق القديس فلان سيحميك فهو شفيع الطرقات.. لا إضاءة على الطرقات، لا تقلق فالقديس فلان هو شفيع النور".
الإعلان هو من الأطرف والأكثر تعبيراً عن واقع اللبنانيين، لكن يبدو أنه "أثار حفيظة" مرهج فقررت التقدم بطلب لوقف بثّه. هذه هي ربما المرة الأولى التي يتقدّم بها فرد/محام، بصفته الشخصية، وليس نيابة عن مؤسسة دينية معيّنة. فعادة ما تتقدّم المؤسسات الدينية مثل المكرز الكاثوليكي للإعلام الذي يضغط على الأمن العام في سبيل منع هذا العمل أو ذاك، بسبب "ازدرائه للدين المسيحي"، مثل ما حصل أخيراً مع ألبوم بشار خليفة، نجل الفنان مرسيل خليفة، الذي منع من دخول لبنان إلا بعد حذف أغنية منه اعتبرت "مسيئة للدين المسيحي". الأمر نفسه ينطبق على المؤسسات الدينية الإسلامية، التي اعترضت أكثر من مرة على برامج تلفزيونية وأعمال فنية أخرى.
مصر
ظاهرة الدعاوى الشخصية التي لا تتبناها مؤسسات دينية، تنتشر مثلاً بشكل أكبر في مصر، حيث يتقدّم محامون بدعاوٍ ضدّ برامج تلفزيونية أو ضد فنانين بهدف سجنهم أو معاقبتهم بتهمة "ازدراء الأديان". ولنا في القاهرة أمثلة عدة. فبطل هذه الدعاوى هو طبعاً المحامي، نبيه الوحش، الذي رفع دعاوى ضد الكاتب الراحل، نصر حامد أبو زيد، ثم نوال السعداوي، إلى جانب دعاوٍ كثيرة أخرى، بينها "خدش الحياء العام..".
كذلك تقدم المحامي المصري، محمد عفيفي، بدعوى ضد الكاتبة، فاطمة ناعوت، متهماً إياها بازدراء الأديان، بعدما انتقدت شعائر عيد الأضحى على حسابها على "فيسبوك".
وقبل 4 سنوات تقدّم أحد المحامين المصريين بدعوى ضد عادل إمام، بتهمة ازدراء الأديان في أكثر من فيلم من أفلامه ومسرحياته، بينها مسرحية "الزعيم" وأفلام "مرجان أحمد مرجان" و"الإرهابي" و"حسن ومرقص" وغيرها... تطول لائحة الفنانين والإعلاميين الذي طاولهم هذا الاتهام، لتشمل أيضاً المذيع على قناة "القاهرة والناس"، إسلام البحيري، الذي أقام ضدّه المحامي، ممدوح عبد الجواد، دعوى من الصنف نفسه، وقال في دعواه إنه "فوجئ بهجوم إسلام البحيري على علماء الأمّة الإسلامية وكُتاب السنة النبوية، بطريقة تعبر عن مدى الحقد والكراهية التي يكنها للإسلام والعقيدة؛ إذ تبنى في برنامجه، التشكيك في ثوابت الأمة الإسلامية، وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة عند جميع المسلمين وما أجمع عليه علماء الأمة، والطعن فيما هو ثابت بنص كتاب الله تعالى، وسب الأئمة الأربعة". كما لم يسلم باسم يوسف من هذا الاتهام بعد تقدّم مجموعة من المحامين بدعوى ضدّه يتهمونه فيها بازدراء أحد فروض الإسلام، وهو الصلاة، في إحدى حلقات برنامج "البرنامج؟".
وبعيداً عن الدعاوى القانونية التي يرفعها أفراد فإن المؤسسات الدينية بدورها تأخذ على عاتقها هذه المهمة، مثلما فعل الأزهر مع الفنان، شعبان عبد الرحيم، بعدما ظهر في فيديو يرتدي فيه عمامة الأزهر ويقرأ القرآن، ما اعتبر إهانة للأزهر وازدراء للقرآن والصلاة، مما اضطر "شعبولا" للظهور مجددأً على التلفزيون وهو يبكي قائلاً "والله العظيم أنا بتأسفلكم كلكم وأنا مقصدش لأني بحب القرآن والأزهر، وكنت بتمنى أطلع شيخ وأنا صغير، وكنت بروح الكتاب".
الأردن
وبعد لبنان ومصر، ضجّ الوسط الفني أخيراً بخبر منع حفل الفرقة اللبنانية "مشروع ليلى" من إحياء حفلتها في عمّان. فصرّح محافظ العاصمة الأردنية قائلاً إن "ما يحتويه الألبوم الجديد للفرقة (ابن الليل) من مخالفات للقيم والعادات والتقاليد.. وما يرد في بعض أغانيه من ألفاظ لا تليق بالمجتمع الأردني". ثم أصدرت وزارة السياحة بياناً رأت فيه أن ما تقدّمه الفرقة لا يتناسب مع "عراقة المدرج الروماني"، ليتبيّن أخيراً وفق تقارير إعلامية أن الكنيسة هي التي ضغطت على الوزارة لسحب الترخيص، بسبب احتواء بعض أغاني الفرقة "على كلمات نابية بحق الدين المسيحي".