ويأتي هذا الحكم بعد قرار الحكومة المصرية الصادر الخميس الماضي بالموافقة على الاتفاقية الموقعة في أبريل/نيسان الماضي، وإحالتها لمجلس النواب، تمهيداً للموافقة عليها وإصدارها في الجريدة الرسمية.
وشنّت حيثيات الحكم هجوماً حاداً على حكم القضاء الإداري، والذي صدر قبل 6 أشهر ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحكومته، إذ وصفته بـ"الحكم المنعدم" و"العدوان الصارخ على الدستور والقانون".
وأكدت المحكمة أن "توقيع الاتفاقية جزء من أعمال السيادة، وهي الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية، وأن عدم امتداد الرقابة القضائية إليها التزام بنص المادتين 46 من قانون السلطة القضائية و47 من قانون مجلس الدولة، وأن مرد ذلك ليس أن هذه الأعمال فوق الدستور والقانون، بل لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للقضاء، بالإضافة لعدم ملاءمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات المحاكم، كما هو الشأن في موضوع الحكم المستشكل في تنفيذه، والذي تضمن منطوقه ما يمس أعمال السيادة من بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وهو ما يعد من أعمال السيادة، والتي جعلها المشرع بمنأى عن رقابة القضاء".
وأضافت المحكمة أن "حكم القضاء الإداري أقحم القضاء في ما لا يخصه بقوة الدستور القانون، وذلك بات واضحاً جلياً فيما أوردته الماده 151 من الدستور الحالى من أن رئيس الجمهورية هو الذي يمثل الدولة في علاقتها الخارجية وإبرام المعاهدات التي تتعلق بالاتفاقيات مع الدول الأخرى، وأخضع كل ذلك لقيد مشروط بموافقة مجلس النواب، ومن ثمة فإن السلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص في ذلك الشأن".
واتهمت المحكمة حكم القضاء الإداري بالتغول على اختصاصات السلطة التنفيذية في إبرام الاتفاقية، واختصاصات السلطة التشريعية (مجلس النواب) في البت في الاتفاقية.
ورأت المحكمة أن "حكم القضاء الإداري ولد معدوماً، ولا يجوز أن يدخل عليه أي تصحيح، لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه، ولا تلحق به صفة الحجية، ويجب على قاضي الأمور المستعجلة بالسلطة المخولة له أن يوقف تنفيذه باعتباره عدواناً صارخاً على أحكام الدستور والقانون".
ويعتبر هذا الحكم آخر ما يمكن أن يصدر من محكمة الأمور المستعجلة بشأن قضية تيران وصنافير في المرحلة الحالية، إلّا إذا صدرت أحكام جديدة من القضاء الإداري أو الإدارية العليا، ولجأت الحكومة إلى "الأمور المستعجلة" لوقف تنفيذها.
وتعرف محكمة الأمور المستعجلة بدورها المساند لسياسات الحكومة المصرية، وبقربها الشديد من سلطة وزير العدل، والذي يقوم بتعيين القضاة القائمين على دوائرها.
واشتهرت هذه المحكمة في السنوات الثلاث الأخيرة بإصدار أحكام استغلها النظام الحاكم في مصر لخدمة سياساته، على رأسها أحكام حظر جماعة الإخوان واعتبارها إرهابية والتحفظ على أموالها وأموال المنتمين إليها، وحظر روابط الألتراس وحركة 6 أبريل وحركة حماس.