"البنتاغون" لـ"العربي الجديد": لا نيّة بفتح جبهة "الشباب" الصومالية

10 مارس 2016
تتضارب المعلومات حول عدد قتلى "الشباب" (غال غدي/Getty)
+ الخط -
أثار هجوم القوات الخاصة بمساندة مروحيّتَين أميركيتَين على بلدة أوديغلي (غرب العاصمة الصومالية مقديشو)، معقل حركة "الشباب" الصومالية، بعد غارات جوية أميركية مكثفة، السبت الماضي، جدلاً حول الدوافع الأميركية وراء ذلك، وإذا ما كان هناك نية لفتح جبهة جديدة مع حركة جهادية موالية لتنظيم "القاعدة". هذا التحوّل البارز في منطقة القرن الأفريقي، يطرح تساؤلات عدة، خصوصاً أنّ عدد ضحايا هذه الغارة (أكثر من 150 عنصراً من الحركة، بحسب الإدارة الأميركية)، يتجاوز مجموع كل ضحايا التسع سنوات الأخيرة من غارات الطائرات من دون طيار على الصومال التي تقدّر بـ126 عنصراً.

البارز أيضاً في هذا الأمر، أنه وللمرّة الأولى يتم استهداف المقاتلين وليس فقط قادة الحركة، علماً أن من بين القتلى، مسؤول الدفاع في "الحركة"، الشيخ أبو بكر علي آدم، ومسؤول "الحركة" في منطقة بلديون (وسط الصومال)، الشيخ يوسف علي أغاس.

لكن تضاربت المعلومات حول عدد قتلى "الحركة"، إذ أكّدت حركة "الشباب" الصومالية، الثلاثاء، أن واشنطن قصفت منطقة تسيطر عليها فعلاً، لكنها بالغت في عدد القتلى. وقال المتحدث العسكري باسم "الشباب"، الشيخ عبد العزيز أبو مصعب، لوكالة "رويترز"، قصفت القوات الأميركية منطقة يسيطر عليها الشباب، لكنهم بالغوا في عدد الضحايا، إذ "لا نجمع أبداً 100 مقاتل في مكان واحد لأسباب أمنية. نعرف أن الأجواء مليئة بالطائرات".

في هذا السياق، تؤكد المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الكولونيل ميشيل بالدانزا لـ"العربي الجديد"، أنه لا يوجد أي رابط بين العمليتَين الأخيرتين. "الغارات الأميركية التي كانت تُشنّ بطائرات مأهولة وطائرات من دون طيار، استهدفت مخيم تدريب لحركة الشباب. أمّا إنزال القوات الخاصة فكانت مهمة لمكافحة الإرهاب دفاعاً عن النفس، خطّط لها الجيش الصومالي، وقامت واشنطن بدور استشاري في عملية قُتل فيها أكثر من 10 مقاتلين من الحركة"، وفقاً للكولونيل. وتضيف بالدانزا أنّ "طائرات الهليكوبتر الأميركية نقلت عناصر الجيش الصومالي إلى موقع الاستهداف. كما قدّم الجنود الأميركيون المشورة حول كيفية تنفيذ العملية من دون المشاركة فيها".

وتوضح المتحدثة باسم "البنتاغون"، أنّ "مثل هذا الدور حساس في واشنطن، لا سيما بعد مصرع 18 جندياً أميركياً عام 1993 بعد استهداف مليشيات لطائرات هليكوبتر كانت تنقلهم في الصومال. لكن بعد طول انقطاع أميركي عن الصومال غداة هذه الحادثة، عادت واشنطن للقيام بدور نهاية العام 2013، حين نشرت مجموعة صغيرة من المستشارين العسكريين عُرفت بخلية تنسيق مقديشو، لمساعدة الجيش الصومالي في عملياته ضد المجموعات الموالية لتنظيم القاعدة"، بحسب ميشيل.
 
اقرأ ايضاً الشرطة: عدد القتلى بهجوم "الشباب" بالصومال 14 على الأقل

وتلفت الكولونيل ذاتها، أنّ "حركة الشباب التي تم إخراجها من مقديشو عام 2011، كانت وراء التفجير الدموي في مجمّع تجاري في العاصمة الكينية نيروبي عام 2013". وتوضح أنّ "هذه الحركة تعيد تنظيم صفوفها الآن وتستعد ميدانياً لعمليات ضخمة في المنطقة". وتشير إلى أنّ استهداف معسكر التدريب "راسو" (شمال مقديشو) من قبل الغارات الأميركية في 5 مارس/آذار الحالي، أتى بناءً على معلومات استخباراتية محليّة، وصور لطائرات التجسس الأميركية فوق الصومال. وتؤكد بالدانزا أنّه "كان لدينا معلومات استخباراتية موثوقة أنّ هناك هجوماً وشيكاً على القوات الأميركية وقوات الاتحاد الأفريقي". وتضيف أنّ "ضرب هؤلاء المقاتلين يحبط قدرة حركة الشباب على تحقيق أهداف المجموعة في الصومال، بما في ذلك تجنيد عناصر جدد، وإنشاء قواعد وتخطيط لشن هجمات".

كما تلفت المسؤولة العسكرية الأميركية، إلى أنّ "الحركة تمثّل تهديداً واضحاً وقائماً على الأشخاص والمصالح الأميركية في المنطقة، وجهود تحقيق الاستقرار الإقليمي". لكن الكولونيل تعتبر أنّه "لا يمكن الحديث عن جبهة جديدة ضد حركة الشباب في الصومال، لا سيما أن لدى واشنطن عدداً محدوداً من المدربين والمستشارين لدعم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، ولدعم القوات الصومالية في جهد تحقيق الاستقرار في الصومال". وتشير إلى أنّ البنتاغون "يحافظ بشكل روتيني على قوات أميركية في المنطقة لرصد أنشطة إرهابية، ولدعم الجيش الوطني الصومالي وقوات الاتحاد الأفريقي".

وتوضح ميشيل أنّ "هناك حوالي 50 مستشاراً عسكرياً أميركياً يتوزعون بشكل محدود في مطار مقديشو، وفي نقاط استراتيجية في أنحاء البلاد. كما أنّ هناك قوات أميركية خاصة إضافية يرسلها البنتاغون إلى الصومال عند الضرورة للقيام بعمليات نوعية مثل المحاولة الفاشلة التي نفّذتها قوة النخبة في البحرية الأميركية لاعتقال أحد قادة الحركة في أكتوبر/تشرين الأول 2013"، على حدّ قولها.

وتأتي هذه الضربات الأميركية في وقت تعيش فيه حركة "الشباب" تخبطاً ذاتياً تتابعه الاستخبارات الأميركية عن كثب. فالقيادي البارز في "الحركة"، الشيخ عبد القادر مؤمن أعلن نهاية العام الماضي ولاءه لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعدما كانت الحركة أعلنت رسمياً ولاءها لتنظيم القاعدة عام 2012. هذا الانشقاق لعناصر قليلة، أطلق حرباً داخلية، إذ بدأت قيادة "الحركة"، بزعامة أحمد عمر أبو عبيدة، بمطاردة العناصر التي أعلنت ولاءها لـ"داعش"، والتي تنتشر شمال الصومال مقابل انتشار "الحركة" الموالية لـ"القاعدة" جنوب البلاد.

مسعى حركة "الشباب" لإعادة تفعيل عملياتها قد يعود إلى قلقها من احتمال توسع "داعش" في الصومال، في وقت تجد فيه "الحركة" صعوبة أمام القوات الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي. وهنا، تكمن التساؤلات حول ما إذا كانت الغارة الأميركية الجوية أضعفت حركة "الشباب"، وإذا ما سيسمح هذا الأمر لـ"داعش" باستغلال الفرصة والتوسع في الصومال.

اقرأ أيضاً: 12 قتيلا على الأقل بهجوم على فندق في مقديشو