ويشكل انتخاب عابد أزمة كبيرة في ملف حقوق اﻹنسان داخل البرلمان، خاصةً في ظل التردي الشديد في هذا الملف، وتزايد انتهاكات وزارة الداخلية من اعتقالات وتصفيات جسدية واختفاء قسري.
وكانت اللجنة خلال دور الانعقاد اﻷول مثار إزعاج وصداع لنظام السيسي وأجهزته اﻷمنية، خاصةً في ظل رئاسة النائب، محمد أنور السادات، لها، ومطالباته العديدة وانتقاده للانتهاكات، فضلاً عن رغبته في توسيع صلاحيات اللجنة ليسمح لها بزيارة السجون دون إذن مسبق من الجهات المختصة.
ولجأت اﻷجهزة اﻷمنية التي تضطلع بمهام تنظيم العمل داخل مجلس النواب، للدفع بعلاء عابد للسيطرة على أداء لجنة حقوق اﻹنسان، بما لا يشكل أي ضغوط على النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي أو الحكومة وباﻷخص وزارة الداخلية، التي تعتبر ذراع الرئيس الحالي في البطش والقمع.
وجاء اختيار عابد، أشبه بصفقة بين ائتلاف اﻷغلبية "دعم مصر"، وحزب المصريين اﻷحرار، باعتباره اﻷفضل لتولي هذه اللجنة بناء على خلفيته في جهاز الشرطة لقرابة 20 عاما، قبل أن يتقدم باستقالته.
وينقسم التاريخ اﻷسود لعابد، إلى جزأين، اﻷول خلال عمله في جهاز الشرطة قبل تقديم استقالته والدخول في المعترك السياسي، والثاني خلال خوضه انتخابات مجلس الشعب عام 2010 تحت راية الحزب الوطني.
وسبق اتهام رئيس لجنة حقوق اﻹنسان في البرلمان، بتعذيب المواطن عماد فخري خلال عمله في مباحث قسم الهرم بمحافظة الجيزة، هذا فضلا عن الوقائع التي لم يتم كشفها.
وخرج عابد من الخدمة في الشرطة بسن مبكرة، إذ كان رئيساً لوحدة المباحث في قسم الهرم، وذلك بعدما "استولى على مضبوطات آثار كبيرة"، وقدم استقالته من الخدمة بعد رفضه تسليم الحرز المستولَى عليها، وفق بلاغ المحاميَين أشرف طلبة وخميس منصور إلى النائب العام السابق، عبدالمجيد محمود، بتاريخ 7 مارس/آذار 2011، الذي حُفظ من دون تحقيق.
وثارت تساؤلات عديدة حول كيفية إدارة رجل له تاريخ أسود وسمعة سيئة ملف حقوق اﻹنسان، وكيفية التعامل مع الانتهاكات المستمرة لجهاز الشرطة، فضلا عن كيفية الرد على الاتهامات التي تكال لمصر من دول ومنظمات دولية.
أما تاريخ عابد بعد خروجه من الخدمة الشرطية، فقد فاز في انتخابات مجلس الشعب في 2010 عن دائرة الصف بالجيزة، بعد ترشحه تحت راية الحزب الوطني المنحل، وانتشر له فيديو تحت عنوان "علاء عابد يضرب موظفاً لرفضه تزوير الانتخابات بنجوع العرب".
ليست واقعة الفيديو الوحيدة التي توضح مشاركة في عمليات التزوير والمخالفات في انتخابات 2010، إذ رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق اﻹنسان، تسويد البطاقات الانتخابية في اللجان 995،94،93،592 بلجنة المعهد اﻷزهري لصالح عابد، فضلاً عن منع مؤيديه لأنصار المنافسين من اﻹدلاء بأصواتهم دون تدخل من الشرطة.
كما رصدت المنظمة قيام رئيس لجنة حقوق اﻹنسان الحالي بالبرلمان، بطرد الناخبين خارج لجنتي 53 و54 في مدرسة عرب العاييدة اﻹعدادية لمدة ساعة، ثم استئناف عملية التصويت ولكن في ظل امتلاء الصناديق باﻷصوات.
وفي مركز شباب أبو طماعة لجنة 83 بالصف، قام أنصار عابد بتعنيف رئيس اللجنة والاعتداء عليه لاعتراضه على طرد الناخبين وتسويد البطاقات لصالح عابد. وعمد ائتلاف الأغلبية البرلمانية إلى "المناورة وممارسة التحشيد" للسيطرة على لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، لإقصاء الحقوقيين من عضويتها، وتسليمها الموالين للنظام.
وقد اتفقت قيادات الائتلاف مع علاء عابد على الدفع به مرشحاً لرئاستها، وحشد الطرفان أعضاءهما للانضمام إليها قبل انتخابات اللجان النوعية، مساء اليوم.
وعقد عدد من أعضاء لجنة حقوق الإنسان مؤتمراً صحافياً، أمس الأحد، أبدوا فيه استياءهم من ارتفاع عدد أعضاء اللجنة إلى 64 عضواً، بعد انضمام 35 نائباً إليها من اللجان الأخرى في بداية دور الانعقاد الجاري، معلنين رفضهم حالة "الحشد" لصالح عابد، الآتي من لجنة السياحة والطيران، والذي لا علاقة له بملف حقوق الإنسان.