عقب التردد المتواصل منذ أكثر من 5 سنوات والمعارضة الألمانية الشرسة لتيسير السياسة النقدية، أقر المركزي الأوروبي أخيراً برنامج " التيسير الكمي" لإخراج أوروبا من ورطة الركود الاقتصادي العميق الذي يرفع معدلات البطالة ويحبط النمو ويدف الاستثمارات إلى الهجرة .
ويتجه البرنامج الكمي الأوروبي إلى شراء سندات حكومية وخاصة بقيمة 60 مليار يورو (حوالي 70 مليار دولار) شهرياً بدايةً من مارس/آذار الحالي حتى سبتمبر/أيلول عام 2016. وتقدر قيمته الإجمالية بحوالي ترليون يورو ( 1.1 ترليون دولار).
ويهدف برنامج التيسير الكمي إلى تحفيز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو ومواجهة انخفاض التضخم الذي سجل 0.2% خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، عبر ضخ أموال مباشرة في خزائن حكومات منطقة اليورو من خلال شراء سندات الديون لمساعدتها على زيادة الإنفاق . كما يعمل البرنامج كذلك على شراء سندات الشركات الرئيسية والمهمة لاقتصادات منطقة اليورو، حتى تتمكن من الاستثمار وتمويل مشاريع جديدة أو توسيع مشاريعها القائمة. ولكن من النقاط المهمة لهذا البرنامج، أنه سيوسع الكتلة النقدية، وهو ما سيعني عملياً انخفاض قيمة اليورو التي ستعمل لاحقاً خلال العام الجاري على زيادة تنافسية البضائع الأوروبية، وبالتالي زيادة حجم الصادرات. ولكن رغم هذه المزايا هنالك منتقدون لسياسة التحفيز.
وحسب تعليقات المحلل الاقتصادي بمصرف "دويتشيه بنك" "يوهانز مولر"، فإن تأثير هذا القرار سوف يكون محدوداً على الأرجح، كما أن مشتريات السندات السيادية لن تكون الحل لمشكلة النمو الاقتصادي في منطقة اليورو. ويرى "مولر" أن الأثر الإيجابي على الأرجح سيكمن في انخفاض قيمة اليورو.
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي لدى بنك "بي إن بي باريبا" "كين واتريت"، إن إطلاق التيسير الكمي بشكل غير محدود من شأنه تقليل بعض المخاطر المستقبلية التي تتقاسمها بنوك مركزية عديدة، وبعد الإعلان عن القرار، فإن السؤال الأهم، الآن، هو ما إذا كان سيجدي نفعاً أم لا.
وأعرب "واتريت" عن تفاؤله بأن التيسير النقدي والمالي بالتزامن مع هبوط أسعار النفط من شأنهما دعم الاقتصاد والمضي قدماً على طريق التعافي والنمو.
ما هو التيسير الكمي؟
يُعد التيسير الكمي إحدى أدوات السياسة النقدية الفعالة التي تم استخدامها من جانب مصرف الاحتياط الفيدرالي، إبان أزمة المال العالمية في عام 2008. ونجحت هذه السياسة في إخراج الاقتصاد الأميركي من الانهيار. وتتجه أميركا حالياً إلى طي صفحة التحفيز عقب عودة النمو القوي للاقتصاد الأميركي وترك آليات السوق لتقود عجلة النمو بدون تدخل من مصرف الاحتياط الفدرالي. كما استخدمها كل من البنك المركزي البريطاني في ذات الفترة ولا يزال" بنك إنجلترا" يحتفظ ببرنامج للتدخل في حال إهتزاز معدل النمو الاقتصادي.
كما يستخدم ذات السياسة النقدية، حالياً، البنك المركزي الياباني لإنعاش الاقتصاد الياباني. وقد سبق لليابان أن استخدمتها في عام 2000 لأول مرة. وتعد اليابان أول دولة استخدمت آلية " التيسير الكمي" لتحفيز النمو الاقتصادي، ولكنها لم تحقق النجاح الذي تحقق في أميركا، حيث لا يزال الاقتصاد الياباني يعاني من التباطؤ الاقتصادي.
وتعني سياسة "التيسير الكمي" ضخ البنوك المركزية للأموال بشكل مباشر في الاقتصاد عبر شراء سندات الدين الحكومية وسندات الشركات المهمة للاقتصاد، حتى تخفف عليها الأعباء المالية المترتبة على جداولها الائتمانية، وبالتالي تتمكن الشركات من الاستثمار والنمو وتتمكن الدول من الإنفاق في القطاعات الاقتصادية. وعادة ما يقوم البنك المركزي الذي يشتري السندات لاحقاً ببيع السندات التي اشتراها بعد حدوث التحسن الاقتصادي. وربما يحقق أرباحاً حينما تعود دورة الاقتصاد للإنتعاش الاقتصادي، مثلما هو الحال بالنسبة لمصرف الاحتياط الفدرالي الذي حقق أرباحاً ضخمة من مبيعات السندات التي أشتراها إبان الأزمة المالية من البنوك والشركات المتعثرة.
اقرأ أيضا: مخاوف تبخر الثروات تدفع الأوروبيين نحو" السندات السالبة"
ويتضمن البرنامج شراء سندات حكومية بنسبة 8% وسندات مؤسسات أوروبية خاصة مثل بنك الاستثمار الأوروبي بنسبة 12%، وبالتالي تتوزع المخاطر بإجمالي 20%، وفيما يتعلق بالـ80% الأخرى فسوف تتحمل البنوك المركزية للدول الأعضاء في منطقة اليورو أية خسائر محتملة حال وقوع تعثر في سداد الديون في دولة
ما. وستقوم البنوك المركزية الوطنية في كل دولة في منطقة اليورو بشراء سندات الدين الحكومية وسندات الشركات في دولتها لصالح" المركزي الأوروبي". وبالتالي سيتحمل كل بنك مركزي الخسائر التي ستترتب من مشتريات السندات في بلده.
وعلى عكس برنامج "التيسير الكمي" الذي نفذه برنامج مصرف الاحتياط الفدرالي الأميركي الذي تم حساب مخاطر شراء السندات بناءً على موازنته العامة، فإن مخاطر البرنامج الأوروبي سوف يتم توزيعها بين كافة البنوك المركزية للدول الأعضاء في منطقة اليورو التي تشتري سنداتها الخاصة. وهو ما يعني أن مخاطر شراء السندات ذات التصنيف الائتماني المنخفض مثل سندات الحكومة اليونانية التي تبلغ الفائدة عليها أكثر من 9.0% سيتحمل مخاطرها البنك المركزي اليوناني. وتهدف هذه الآلية إلى الحيلولة دون تعرض دافعي الضرائب في دولة ما لمشاكل ديون في دولة أخرى، ولكن هناك تساؤلات طُرحت حول مدى تناسق سياسات منطقة اليورو والانقسامات داخل تكتل العملة الموحدة.
وعادة تستخدم سياسة" التيسير الكمي"عندما تكون الفائدة قرب الصفر، ويمكن ملاحظة ذلك في قرار البنك المركزي الأوروبي الأخير الذي أبقى على الفائدة الرئيسية عند 0.05% دون تغيير.
انكماش الأسعار
حالة الانكماش التي تواجه الأسعار في منطقة اليورو، تعني أن المستهلكين وكذلك الشركات تدفع أموالاً أقل مقابل السلع والخدمات، وهو ما يبدو جيداً في ظاهره، لكنه ليس كذلك من حيث ما ينطوي عليه لأنه يعكس تراجعاً حاداً في الطلب، وتراجعاً في عرض النقود. وهي عوامل تعد مهمة للنمو الاقتصادي. و حالة الانكماش أو" الركود التضخمي" شبيهة بما حدث خلال الكساد العظيم في الولايات المتحدة في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، حيث انكمشت الأسعار بنسبة 25% مع هبوط الناتج الإجمالي المحلي 30%. ويمكن أن تحدث حالة الانكماش نتيجة تراجع الإنفاق، أما فيما يخص الإنفاق الحكومي أو الشخصي، وكذلك الإنفاق الاستثماري من الشركات.
اقرأ أيضا:
شبح الإفلاس يطارد اليونان
سوق الصرف تواجه الطوفان
ويتجه البرنامج الكمي الأوروبي إلى شراء سندات حكومية وخاصة بقيمة 60 مليار يورو (حوالي 70 مليار دولار) شهرياً بدايةً من مارس/آذار الحالي حتى سبتمبر/أيلول عام 2016. وتقدر قيمته الإجمالية بحوالي ترليون يورو ( 1.1 ترليون دولار).
ويهدف برنامج التيسير الكمي إلى تحفيز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو ومواجهة انخفاض التضخم الذي سجل 0.2% خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، عبر ضخ أموال مباشرة في خزائن حكومات منطقة اليورو من خلال شراء سندات الديون لمساعدتها على زيادة الإنفاق . كما يعمل البرنامج كذلك على شراء سندات الشركات الرئيسية والمهمة لاقتصادات منطقة اليورو، حتى تتمكن من الاستثمار وتمويل مشاريع جديدة أو توسيع مشاريعها القائمة. ولكن من النقاط المهمة لهذا البرنامج، أنه سيوسع الكتلة النقدية، وهو ما سيعني عملياً انخفاض قيمة اليورو التي ستعمل لاحقاً خلال العام الجاري على زيادة تنافسية البضائع الأوروبية، وبالتالي زيادة حجم الصادرات. ولكن رغم هذه المزايا هنالك منتقدون لسياسة التحفيز.
وحسب تعليقات المحلل الاقتصادي بمصرف "دويتشيه بنك" "يوهانز مولر"، فإن تأثير هذا القرار سوف يكون محدوداً على الأرجح، كما أن مشتريات السندات السيادية لن تكون الحل لمشكلة النمو الاقتصادي في منطقة اليورو. ويرى "مولر" أن الأثر الإيجابي على الأرجح سيكمن في انخفاض قيمة اليورو.
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي لدى بنك "بي إن بي باريبا" "كين واتريت"، إن إطلاق التيسير الكمي بشكل غير محدود من شأنه تقليل بعض المخاطر المستقبلية التي تتقاسمها بنوك مركزية عديدة، وبعد الإعلان عن القرار، فإن السؤال الأهم، الآن، هو ما إذا كان سيجدي نفعاً أم لا.
وأعرب "واتريت" عن تفاؤله بأن التيسير النقدي والمالي بالتزامن مع هبوط أسعار النفط من شأنهما دعم الاقتصاد والمضي قدماً على طريق التعافي والنمو.
ما هو التيسير الكمي؟
يُعد التيسير الكمي إحدى أدوات السياسة النقدية الفعالة التي تم استخدامها من جانب مصرف الاحتياط الفيدرالي، إبان أزمة المال العالمية في عام 2008. ونجحت هذه السياسة في إخراج الاقتصاد الأميركي من الانهيار. وتتجه أميركا حالياً إلى طي صفحة التحفيز عقب عودة النمو القوي للاقتصاد الأميركي وترك آليات السوق لتقود عجلة النمو بدون تدخل من مصرف الاحتياط الفدرالي. كما استخدمها كل من البنك المركزي البريطاني في ذات الفترة ولا يزال" بنك إنجلترا" يحتفظ ببرنامج للتدخل في حال إهتزاز معدل النمو الاقتصادي.
كما يستخدم ذات السياسة النقدية، حالياً، البنك المركزي الياباني لإنعاش الاقتصاد الياباني. وقد سبق لليابان أن استخدمتها في عام 2000 لأول مرة. وتعد اليابان أول دولة استخدمت آلية " التيسير الكمي" لتحفيز النمو الاقتصادي، ولكنها لم تحقق النجاح الذي تحقق في أميركا، حيث لا يزال الاقتصاد الياباني يعاني من التباطؤ الاقتصادي.
وتعني سياسة "التيسير الكمي" ضخ البنوك المركزية للأموال بشكل مباشر في الاقتصاد عبر شراء سندات الدين الحكومية وسندات الشركات المهمة للاقتصاد، حتى تخفف عليها الأعباء المالية المترتبة على جداولها الائتمانية، وبالتالي تتمكن الشركات من الاستثمار والنمو وتتمكن الدول من الإنفاق في القطاعات الاقتصادية. وعادة ما يقوم البنك المركزي الذي يشتري السندات لاحقاً ببيع السندات التي اشتراها بعد حدوث التحسن الاقتصادي. وربما يحقق أرباحاً حينما تعود دورة الاقتصاد للإنتعاش الاقتصادي، مثلما هو الحال بالنسبة لمصرف الاحتياط الفدرالي الذي حقق أرباحاً ضخمة من مبيعات السندات التي أشتراها إبان الأزمة المالية من البنوك والشركات المتعثرة.
اقرأ أيضا: مخاوف تبخر الثروات تدفع الأوروبيين نحو" السندات السالبة"
ويتضمن البرنامج شراء سندات حكومية بنسبة 8% وسندات مؤسسات أوروبية خاصة مثل بنك الاستثمار الأوروبي بنسبة 12%، وبالتالي تتوزع المخاطر بإجمالي 20%، وفيما يتعلق بالـ80% الأخرى فسوف تتحمل البنوك المركزية للدول الأعضاء في منطقة اليورو أية خسائر محتملة حال وقوع تعثر في سداد الديون في دولة
وعلى عكس برنامج "التيسير الكمي" الذي نفذه برنامج مصرف الاحتياط الفدرالي الأميركي الذي تم حساب مخاطر شراء السندات بناءً على موازنته العامة، فإن مخاطر البرنامج الأوروبي سوف يتم توزيعها بين كافة البنوك المركزية للدول الأعضاء في منطقة اليورو التي تشتري سنداتها الخاصة. وهو ما يعني أن مخاطر شراء السندات ذات التصنيف الائتماني المنخفض مثل سندات الحكومة اليونانية التي تبلغ الفائدة عليها أكثر من 9.0% سيتحمل مخاطرها البنك المركزي اليوناني. وتهدف هذه الآلية إلى الحيلولة دون تعرض دافعي الضرائب في دولة ما لمشاكل ديون في دولة أخرى، ولكن هناك تساؤلات طُرحت حول مدى تناسق سياسات منطقة اليورو والانقسامات داخل تكتل العملة الموحدة.
وعادة تستخدم سياسة" التيسير الكمي"عندما تكون الفائدة قرب الصفر، ويمكن ملاحظة ذلك في قرار البنك المركزي الأوروبي الأخير الذي أبقى على الفائدة الرئيسية عند 0.05% دون تغيير.
انكماش الأسعار
حالة الانكماش التي تواجه الأسعار في منطقة اليورو، تعني أن المستهلكين وكذلك الشركات تدفع أموالاً أقل مقابل السلع والخدمات، وهو ما يبدو جيداً في ظاهره، لكنه ليس كذلك من حيث ما ينطوي عليه لأنه يعكس تراجعاً حاداً في الطلب، وتراجعاً في عرض النقود. وهي عوامل تعد مهمة للنمو الاقتصادي. و حالة الانكماش أو" الركود التضخمي" شبيهة بما حدث خلال الكساد العظيم في الولايات المتحدة في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، حيث انكمشت الأسعار بنسبة 25% مع هبوط الناتج الإجمالي المحلي 30%. ويمكن أن تحدث حالة الانكماش نتيجة تراجع الإنفاق، أما فيما يخص الإنفاق الحكومي أو الشخصي، وكذلك الإنفاق الاستثماري من الشركات.
اقرأ أيضا:
شبح الإفلاس يطارد اليونان
سوق الصرف تواجه الطوفان