وتتسلح المليشيات بدبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة أكثر من نصفها أميركي مثل الهمر والهمفي وبنادق الـ"أم 16" وقاذفات محمولة على الكتف، وسط معلومات متواترة أكدها مسؤول في بغداد عن خلافات كبيرة بين رئيس الوزراء حيدر العبادي وقادة عدد من المليشيات بسبب إصرارهم على التوغل داخل سورية بالتزامن مع هجوم حزب الله والنظام السوري على البوكمال من المحور الجنوبي للمدينة
والفصائل هي الخراساني والنجباء وحزب الله العراقي والعصائب، بينما انسحبت مليشيا العباس وفصائل أخرى معها إلى مواقع خلف الحدود استجابة لأمر رئيس الحكومة حيدر العبادي بعدم التدخل في معركة البوكمال
وحتى ظهر أمس الاثنين، كانت المليشيات تكتفي بعمليات قصف على مناطق سورية حدودية في البوكمال من دون أن تتقدم الى العمق السوري. وتنتشر الفصائل في مناطق حدودية بعضها يعتبر سورياً ويقع خلف (الساتر الترابي) من جهة سورية، والذي يمثل الحدود بين البلدين، بمعنى أن عناصر المليشيات يتواجدون الآن داخل مناطق سورية بمسافة تقدر من 1 الى 2 كيلومتر.
وتتواجد الفصائل الأربعة على بعد 15 كيلومتراً تقريباً من أول خطوط الصد لتنظيم "داعش" داخل الأراضي السورية حيث مدينة البوكمال. وقصفت مواقع في البوكمال وقرى متناثرة حول البلدة، أمس الاثنين، بصواريخ إيرانية الصنع، وبواقع ثلاث هجمات على الأقل تمت بين الساعة التاسعة والواحدة من بعد ظهر الاثنين.
ومن المرجح وفقاً للمصادر نفسها في بغداد أن تنفي "هيئة الحشد الشعبي"، وهي التشكيل الذي يضم تحركات المليشيات العراقية البالغ عددها 73 مليشيا، أي مشاركة لفصائلها في معركة البوكمال السورية بهدف تجنيب العبادي الحرج الحالي نتيجة إصرار بعض الفصائل على المشاركة، وهي الفصائل ذاتها التي تعتبر الأبرز في العراق وترتبط بشكل مباشر مع مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي وتتحرك بتنسيق مع الحرس الثوري المتواجد بالشطر السوري.
وقال القيادي في مليشيا الحشد عن فصيل "الخراساني"، حسين كاظم الوائلي، لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل المقاومة الإسلامية لم تدخل حتى الآن إلى العمق السوري وما يجري هو عملية انتشار على الحدود استعداداً للهجوم المرتقب على البوكمال معقل الوهابية الأخير" على حد وصفه
وتسبب قصف مليشيات الحشد على مناطق قروية في البوكمال خلال الساعات الماضية بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 20 مدنياً سورياً بينهم من عشيرة الشعيطات بحسب مصادر محلية بالمنطقة.
يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات وصفت بالقوية لزعيم مليشيا النجباء أكرم الكعبي من بغداد قال فيها إن "قواتنا المتواجدة في سورية لا دخل لحكومة العبادي بها ولا سيطرة له عليها"
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم مليشيات الحشد، أحمد الأسدي، لـ"العربي الجديد" إنه "لا يحق لأي فصيل في الحشد الشعبي القتال خارج الأراضي العراقية إلا بموافقة من رئيس الوزراء"، وهو ما يعكس وجود خلافات بين فصائل المليشيات نفسها حول هذا الموضوع. ووفقاً للأسدي فإن "قوات الحشد تتواجد حالياً في المنطقة الحدودية المحصورة بين منطقتي تل صفوك وأم جريص ومنذ مدة نتلقى هجمات متكررة من داعش ونقوم بصدها في كل مرة". ولفت إلى أنه يوجد أجزاء من الحدود مفتوحة وفيها خطورة كبيرة وتواجد الحشد مهم لوقف اعتداءات التنظيم"
من جهته، قال القيادي في مليشيا بدر، رزاق محيبس، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "حتى الآن لم تدخل الفصائل التابعة للحشد في سورية وتتواجد داخل الحدود العراقية، لكن إذا اقتضت الضرورة ستتوجه الى سورية من باب الدفاع عن العراق بعد موافقة رئيس الوزراء بالتأكيد".
من جانبه، قال الخبير الأمني العراقي، فؤاد علي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن المليشيات العراقية باتت تسيطر اليوم على نحو 50 في المائة من الحدود العراقية السورية وبمساحة أكثر من 300 كيلومتر، وهو ما يمكن اعتباره نصراً إيرانياً جديداً على الأجندة الأميركية التي حاولت منذ فترة طويلة منع ذلك