هناك إدمان أميركي على طائرات من دون طيار (الدرونز)، لا يقتصر على السلطات الفيدرالية فقط، بل يشمل أيضاً الشركات والأفراد، لتتحول فكرة هذه التكنولوجيا إلى مشاريع تجارية وصادرات توزّعها الولايات المتحدة لحلفائها حول العالم.
على سبيل المثال، تبني شركة "أمازون"، ترسانة من مركبات "الدرونز" الصغيرة، كوسيلة لإيصال المنتجات إلى الزبائن. في هذا الصدد، يضغط رئيس الشركة، جيف بيزوس، سياسياً ومالياً بهذا الاتجاه، لإقناع الكونغرس بالموافقة على هذا التحوّل في الخدمة التجارية، رغم تحفّظات شركات الطيران ونقابات الطيارين.
كما تتسابق القنوات الإخبارية الأميركية من أجل استخدام هذا النوع من الطائرات، في التغطية الإخبارية للتطورات العاجلة، كما يريد مزوّدو الخدمات الخلوية تخفيف القيود على تحليق "الدرونز"، بغية استخدامها في تفقّد أبراج الخليوي العالية في المدن.
وتضمّ لجنة الخبراء، التي تم تشكيلها في شهر فبراير/شباط الماضي، 27 ممثلاً عن شركات تصنيع "الدرونز" والشركات التي تنوي استخدامها، وممثلين عن الطيارين والمطارات، كون إدارة الطيران الفيدرالي أوصت بتحديد أربع فئات لطائرات "الدرونز" الصغيرة، بحسب الحجم والإذن، للتحليق فوق الناس.
ومن ضمن توصيات التقرير، الذي يقع في 19 صفحة، لا تضع اللجنة أية قيود على تحليق الطائرات بوزن أقل من 227 غراماً، بينما على الطائرات الأكبر اتخاذ مسافة من الناس، وعلى الشركات المصنّعة اختبار تحطم طائرات "الدرونز"، والتأكد من أنها لا تتسبّب بإصابات خطيرة. ويُرجّح أن تدخل القواعد الجديدة حيّز التنفيذ في الصيف.
وقد خرق إجماع أعضاء اللجنة الـ 27 موقف أكاديمية "الملاحة الجوية النموذجية"، التي تمثل مصالح هواة "الدرونز"، والتي أعربت في بيان عن قلقها من تحليق هذه الطائرات على مسافة قريبة من الناس، ورأت أنها "سوف تزيد من قلق مجتمع، هو حساس بالأصل على إدخال الدرونز إلى تجمّعاته المحلية". وتورد مثالاً على ذلك، سقوط طائرة "درونز" العام الماضي في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض، بعدما فقد مشغّلها السيطرة عليها.
مع ذلك، تتوقع إدارة الطيران الفيدرالي، تحليق نحو 7 ملايين طائرة "درونز" في الأجواء الأميركية بحلول عام 2020، أي بزيادة ثلاثة أضعاف عن العدد المتوقع نهاية العام الحالي وهو 2.5 مليونَين. أما عدد "الدرونز" التي يملكها هواة، فيتوقع أن تزداد من 1.9 مليون هذا العام إلى 4.3 ملايين عام 2020. وستبلغ كلفة 90 في المائة من هذه الطائرات نحو 2500 دولار أميركي للطائرة الواحدة، والنماذج الأكثر كلفة تصل إلى 40 ألف دولار.
الكلفة القليلة لهذا النوع من الطائرات يوفّر مصاريف على المعنيين في الحصول على هذه التكنولوجيا. ويمكن لسلطات النقل في ولايات، مثل ميشيغن وفيرمونت ومينيسوتا، درس كيفية استخدام "الدرونز"، للتأكد من سلامة الجسور. وهي كلفة أقل بكثير من توظيف فريق عمل من الخبراء، كما أن هناك ولايات أخرى تدرس إدخال "الدرونز" في عمل الشرطة والتحقيق، ومراقبة حركة المرور.
أما على الصعيدين الدولي والعسكري، فإن سوق "الدرونز" تنمو بطريقة متسارعة، لا سيما مع شركات تصنيع أميركية مثل "جنرال أتوميك"، مع العلم بأن الهند دخلت حالياً في مفاوضات مع الولايات المتحدة، لشراء 40 طائرة من دون طيار، لغايات استطلاعية فوق جبال كشمير المتنازع عليها مع باكستان. كما ستحصل الحكومة البولندية على 350 طائرة بحلول عام 2019. بدوره يحاول الأردن منذ فترة الحصول على هذه التكنولوجيا لتعقّب عناصر "داعش"، عبر الحدود مع العراق وسورية، لكن الولايات المتحدة تمهّلت قبل أن تبدي بعض الليونة أخيراً، بعدما لجأ الأردن إلى الصين للحصول على طائرات "الدرونز".
سفينة صياد البحار
من جهة أخرى، بدأت البحرية الأميركية اختباراً على مدى عامين لسفينة من دون طاقم، تُدار بأجهزة التحكّم عن بعد، أطلقت عليها اسم "سفينة صياد البحر". كما ينوي الجيش الأميركي وضع طائرات "درونز" صغيرة في جيوب الجنود الأميركيين بحلول عام 2018، وهي فكرة مستوحاة من الجيشين البريطاني والنرويجي، من أجل السماح للجنود باستطلاع ما يحصل حولهم من دون تعريض أنفسهم للخطر. لكن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن سوق "الدرونز" العالمية العسكرية ستنمو بنسبة 5 في المائة بحلول عام 2020، على عكس سوق "الدرونز" صغيرة الحجم، التي ستنمو في المجالين التجاري والمدني بنسبة 19 في المائة بحلول عام 2020، لتصل إلى مبلغ 5.59 مليارات دولار.