يستدل من الكم الهائل من المعلومات، التي أفرج عنها جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل (الشاباك)، أنه كان، منذ سنوات، على علم بأمر أفراد التنظيم الإرهابي اليهودي لعصابة "جباية الثمن"، منذ بدأت نشاطها في عام 2008.
ونشرت الصحافة الإسرائيلية، اليوم الاثنين، تقارير مطولة عن التنظيم المذكور، أكدت فيها، أن عشرات الأعضاء كانوا مراقبين من جهاز "الشاباك"، وأن الجهاز يعرف هويتهم، وقد سبق له أن رسم وحدد ملامح نشاطهم، كونهم يعملون من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وينتقلون من مكان إلى آخر، ولا يتركون عنواناً محدداً.
وفي مسعى منه للتنصل من مسؤوليته عن الجريمة البشعة بحرق الرضيع الفلسطيني علي الدوابشة، حاول الجهاز عبر المعلومات التي مررها إلى الصحف الإسرائيلية (هآرتس ويديعوت أحرونوت وغيرها) القول، إنه سعى إلى مواجهة أفراد التنظيم، واعتقال بعضهم، وفرض القيود على حرية تنقلهم، إلا أن المحاكم الإسرائيلية، كانت تتساهل معهم وتفرض عليهم أحكاماً مخففة، أو لا تقدم ضدهم لوائح اتهام بدعوى عدم وجود أدلة واضحة تدينهم.
وادعت التقارير، التي نشرت في هذا السياق، أن تقييد حرية "الشاباك" في التحقيق مع عناصر التنظيم من جهة، ومنعه من استخدام الاعتقال الإداري، مقابل تهاون المحاكم الإسرائيلية مع جرائم تنظيم "جباية الثمن" من جهة أخرى، حال دون مواجهة التنظيم والقضاء عليه أو اعتقال أفراده.
ومع أن الصحف الإسرائيلية رسمت اليوم صورة للتنظيم، بأنه بدأ نشاطه بنشاطات واعتداءات هدفت إلى تخريب الممتلكات الفلسطينية، أو التلويح للحكومات الإسرائيلية بردة فعل العناصر في حال تم إخلاء البؤر الاستيطانية أو مستوطنات جديدة، ثم انتقل في العام الأخير فقط إلى محاولات الاعتداء على الفلسطينيين، مع تطوير أيديولوجية تسعى لزعزعة أركان الدولة الإسرائيلية، لإقامة دولة شريعة يهودية مناهضة للصهيونية، إلا أن الاتجاه العام في التقارير التي نشرت، كان موجهاً أساساً إلى تبرئة جهاز "الشاباك" من المسؤولية ودحرجتها باتجاه المحاكم والنيابة العامة والجهات السياسية.
وفي هذا السياق، نشرت القناة العاشرة، أن وزارة المالية تمول جمعية إسرائيلية، تدعى "حنيونو" تنشط بالأساس في الدفاع عن ناشطي التنظيم الإرهابي "جباية الثمن"، وتمويل الحماية القانونية لهم، وقد أنفقت الجمعية المذكورة نحو 2.7 مليون شيقل على توفير الحماية القانونية لمعتقلي التنظيم.
إلى ذلك، كان لافتاً أن المعلومات التي نشرتها كل من "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت"، اليوم الاثنين، حاولت الفصل بين ناشطي عصابة "جباية الثمن"، وبين قادة المستوطنين وحاخاماتهم، مع أنها تقر بأن الناشطين يعيشون في الأساس في البؤر الاستيطانية، وينتقلون من مكان لآخر.
وخلت التقارير من أيّ إشارة إلى كون المستوطنات بيئة حاضنة لهم، فيما ركزت على أن أفراد المنظمة، الذين يعدون بالعشرات، باتوا، ليسوا بحاجة لتشريع أو غطاء توراتي من حاخامات المستوطنات أو التيار الديني الصهيوني، وأنهم يعتبرون حاخامات المستوطنين متهاونين.
وأبرزت الصحيفتان، ما قيل إنه وثيقة عثر عليها عند الإرهابي، موشيه أورباخ، وهو يهودي حريدي من بني براك (وهي مدينة الحريديم في إسرائيل بالقرب من تل أبيب)، تم اعتقاله على خلفية إحراق كنيسة الطابغة قرب بحيرة طبريا، في أواسط يونيو/حزيران الماضي.
وبحسب الصحف الإسرائيلية (نقلاً عن الأجهزة الأمنية)، فإن هذه الوثيقة تشكل التسويغ الفكري لعصابات "جباية الثمن"، في سبل تصعيد العمليات ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وقتل العرب لإشاعة الفوضى، وهز أركان الدولة الصهيونية، مع نصائح بوسائل الحذر الواجب اتخاذها لتفادي ترك آثار أو بصمات في موقع العمليات، ومن سخرية الأمر، أن أورباخ كان من ترك وراءه قفازات في موقع حريق كنيسة الطابغة، أدت بفعل الحامض النووي إلى القبض عليه، وفق المعلومات التي قدمها الشاباك للصحافة الإسرائيلية.
اقرأ أيضاً: مشعل يدعو لتصعيد المقاومة ردّاً على إحراق الرضيع دوابشة