أصر الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، خلال إعادة محاكمته، اليوم الأربعاء، مع 24 متهماً آخرين من المحكوم عليهم بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً، على تسليم المحكمة خطاباً موجها منه إلى القضاة.
ووفق نصّ الخطاب الذي حصلت عليه "العربي الجديد"، قال عبد الفتاح: "السادة القضاة.. في الجلسة الماضية ذكر الأساتذة المحامون خضوع والدي لعملية قلب مفتوح، في معرض طلب إخلاء سبيلنا، لو كنتم استجبتم لهذا الطلب وقتها ما كنت سأحرم من قضاء أيامه وساعاته الأخيرة بجواره، وسأظل أتساءل ما تبقّى من العمر، إذا كان وجودي بجانبه كان يمكن أن يطيل في عمره. لكن الجلسة الماضية، لا أنا ولا السادة المحامين ولا حضراتكم، كنا نعلم أن حالته ستسوء سريعاً، ولذا لم يتم وقتها الموافقة على الجانب الإنساني من طلب إخلاء السبيل".
وأضاف "اليوم أكرّر عليكم وألتمس النظر في هذا الجانب الإنساني، فرحيل الوالد يجعلني رجل الأسرة الوحيد، والأسرة مصابها عظيم، وواجباتي تجاهها عديدة، وألتمس منكم الرحمة قبل العدالة، وأكرر طلب إخلاء سبيلي ليتسنى لي الشدّ من أزر والدتي وأختي، والقيام بواجباتي في ترتيب أمور الأسرة".
وتابع "السادة القضاة.. نُصحت أن أتوقف عن الكلام، بعد تقديم التماسي، خوفاً من أن يؤثر ما سأقوله لاحقاً في قراركم، لكن الوالد علمني أن الخصومة أياً كانت أسبابها، بما فيها السياسية والقانونية، لا تنفي أبداً الاعتبارات الإنسانية. كما علمني أن أحترم فكرة القضاء والعدالة أياً كانت مآخذنا على تفاصيل محاكمة أو دائرة بعينها، واحترام القضاء يستدعي ألا أتعامل بمنطق المساومة أثناء مثولي للمحاكمة، ولا احترامي لنفسي يسمح لي أن أترك الخوف يسكتني".
وزاد، "لكن الخوف هذا هو موضوعنا، فبعد حرماني من نظر طلب الرد، والحكم علينا غيابياً رغم حضورنا، والتعامل مع المتهمين الحاضرين وكأنهم هاربون، وكان الأسلم لنا عدم الحضور، بعد كل هذا فقدت الثقة والاطمئنان بهيئة المحكمة، والمتهم أي متهم، من حقه ألا يحاكم إلا أمام قضاة حياديين، فحتى المذنب يجب أن يطمئن إلى حسن استخدام قاضيه لسلطاته، ولتوصيف الجريمة وتحديد العقوبة، والنظر بعين الرأفة، ولظروف المتهم إلى آخره".
ولو لم يطمئن المتهم لقضائه لما سمعنا أبداً عن متهمين يعترفون أمام المحكمة، فما بالكم بالبريء والمظلوم، وصراحة لا أظن أن هناك من يصدق ادعاءات السرقة بالإكراه، وباقي التفاصيل في مثولنا أمام محكمة الجنايات، ولا الجنح كباقي قضايا التظاهر".
وأوضح "لهذا ولباقي الأسباب والتي استفاض السادة المحامون في شرحها، فقدت كل الاطمئنان وكل الثقة، ولا يسعني إلا أن أمثل إليكم خائفاً، وخائف على حريتي وعلى مستقبلي وعلى أسرتي، خائف من الظلم ويائس من العدل، وإحساسي هذا في حد ذاته وإن كان كاذباً، إلا أنه مرتبط بوقائع حدثت عبر الجلسات الماضية، وكافية لتنتفي شروط المحاكمة العادلة، فكل كلمة، وكل إجراء، وكل طلب مني، أو دفاعي، سيسمه هذا الخوف".
وأكمل "لذا وإذا جاز لي أن أطلب من سيادتكم التنحي عن القضية، وإعطائي فرصة للمثول أمام دائرة مختلفة أطمئن لها، ونبدأ إجراءات القضية مجدداً بلا خوف ولا خصومة، فهذه أول مرة أمثل للمحاكمة دون أن يدافع عني والدي، ولعلها أصعب ظروف واجهتها، لكنني أضع ثقة كاملة بزملائه ورفاقه وتلامذته الحاضرين عنا اليوم، وأترك لهم حرية القرار في كيفية التعامل مع تبعات طلبي، فقط ألتمس من سيادتكم إذا قررتم النظر بعين العطف، لطلب إخلاء سبيلي، أن يمتد عطفكم لباقي زملائي، وإذا أغضبكم طلب التنحي، أن تقتصر تبعات الغضب عليّ وحدي، فأنا لم أشاور أحداً بقراري في الحديث إليكم".
وواصل "أخيراً هناك إرادة سياسية وراء حبسنا، تتمثل في صياغة قانون التظاهر المعيب وغير الدستوري، رغم الرفض المجتمعي الواسع، وقرار وضع قضايا التظاهر تحت اختصاص دوائر مخصصة لقضايا الإرهاب، وطبعاً الإصرار على حبس وتلفيق قضايا لمئات من الشباب الذي لم يرفع سلاحاً في وجه المجتمع ولا الدولة، ولا قتل ولا فجّر ولا خرب بنية تحتية".
واختتم علاء عبد الفتاح، قائلاً "لقد بدأنا بالفعل إضراباً عن الطعام تصاعدياً وعابراً للسجون، وبتضامن من خارجها، لغرض الضغط على مركز ومصدر تلك الإرادة السياسية أياً كان، وأنا الآن في أسبوعي الرابع من الإضراب، فحل الملف ودرء الصدع بين الدولة والشباب ليس مهمتكم، فلا أنتم من تصدرون القوانين ولا أنتم من شكل الدوائر، ولكن حضراتكم تملكون حل أزمة تلك القضية، وإخراجها من دائرة الصراعات والخصومة السياسية، لتأخذ مسارها كقضية جنائية عادية، كل ما أطلبه هو فرصة، لأكون بجوار أسرتي في محنتها، وفرصة أن أدافع عن نفسي بلا خوف، وشكراً لسعة صدركم وآسف على الإطالة".
ويعاد محاكمة الناشط المعروف، وأخرين بتهمة خرق قانون التظاهر، بعدما قضت محكمة أول درجة بحبسهم مدداً متفاوتة، كما تخضع شقيقته الصغرى سناء للمحاكمة بنفس التهمة في قضية أخرى.