أدانت منظمة العفو الدولية بشدة، في تقرير جديد نشرته اليوم الأربعاء، الارتفاع غير المسبوق في حالات الاختفاء القسري في مصر منذ مطلع عام 2015، مشيرة إلى أن أجهزة الأمن تخطف الناس وتعذبهم وتخضعهم للاختفاء القسري، بهدف ترهيب المعارضين، واستئصال المعارضة السلمية.
التقرير الذي حمل عنوان "مصر: رسمياً: أنت غير موجود: اختطاف وتعذيب باسم مكافحة الإرهاب"، تناول موجة من اختفاء الأشخاص من دون أدنى أثر على أيدي النظام المصري، شملت المئات من الطلاب والنشطاء السياسيين والمتظاهرين، من بينهم أطفال لا تزيد أعمارهم عن 14 عاما.
وفي هذا السياق، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: "إن هذا التقرير يكشف عن الأساليب الصادمة والوحشية التي لا تتورع السلطات المصرية عن استخدامها، في محاولاتها لترويع المتظاهرين والمعارضين حتى تكمم أصواتهم".
واعتبر لوثر أن "الاختفاء القسري أصبح أداة رئيسية من أدوات سياسة الدولة في مصر. فمن يجرؤ على رفع صوته يصبح مهدداً، في ظل استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة لاختطاف، استجواب وتعذيب كل من يتحدى السلطات".
ولفت إلى أن "السلطات المصرية أنكرت مراراً وجود الاختفاء القسري في البلاد، لكن الحالات التي يستعرضها هذا التقرير تقدم دليلا قوياً على عكس ذلك.
الاختفاء القسري والتعذيب
واستعرض التقرير بالتفصيل، 17 حالة لأشخاص تعرضوا للاختفاء القسري، وتم إيداعهم بمعزل عن العالم الخارجي لمدد تتراوح بين عدة أيام وعدة أشهر، مع حرمانهم من الاتصال بمحاميهم أو أهاليهم، ودون أي إشراف قضائي مستقل.
كما تضمن روايات مروعة عن تعذيب الضحايا خلال جلسات الاستجواب، التي تصل إلى سبع ساعات، بغرض انتزاع "اعترافات" تستخدم لاحقاً كدليل ضدهم خلال استجوابهم أمام النيابة، والتوصل إلى الإدانة في المحاكمة. وفي بعض الحالات، كان أولئك الذين تعرضوا للتعذيب من الأطفال.
كذلك، استعرض أمثلة صادمة مثل حالة مازن محمد عبد الله الذي تعرض للاختفاء القسري، وهو في الرابعة عشرة، في سبتمبر/أيلول 2015، ولانتهاكات بشعة مثل الاغتصاب المتكرر بعصا خشبية، بغرض انتزاع "اعتراف" ملفق منه.
كما وردت في التقرير حالة آسر محمد، الذي أخفي قسرياً لمدة 34 يوماً في يناير/كانون الثاني 2016، كان يبلغ من العمر 14 عاماً، وتعرض للضرب والصعق بالكهرباء في جميع أنحاء الجسد، والتعليق من الأطراف، بغرض انتزاع "اعتراف" ملفق.
ولفت التقرير أيضاً، إلى إلقاء القبض على بعض أفراد الأسر في بعض الحالات بغرض الضغط على المطلوب الأصلي للإدلاء "باعتراف" بارتكاب جرائم خطيرة.
وربط التقرير الارتفاع الحاد الملحوظ في استخدام الاختفاء القسري في مصر، بتعيين مجدي عبد الغفار وزيراً للداخلية في مارس/آذار 2015.
وقال فيليب لوثر "على الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يأمر جميع الأجهزة الأمنية في الدولة بإيقاف الاختفاءات القسرية والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة"، وتقديم مرتكبيها للعدالة.
وشدد على وجوب "السماح لكل من لا يزالون في هذه الظروف بالاتصال بمحاميهم وأهاليهم. أما المحتجزون، لمجرد ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع، يجب الإفراج عنهم فوراً بدون قيد أو شرط".
التواطؤ والخداع
واتهم التقرير قطاع الأمن "بتزوير تواريخ القبض لإخفاء المدة الزمنية التي يقضيها المعتقلون في ظل ظروف الاختفاء القسري". كما أشار إلى تواطؤ "النيابة العامة في مصر في هذه الانتهاكات، وأخلت إخلالاً بالغاً بواجبها طبقاً للقانون المصري في حماية الناس من الاختفاء القسري، والقبض التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وإذا لم يتم إصلاح النيابة العامة لضمان استقلالها عن السلطة التنفيذية تظل غير مؤهلة لتحقيق الغاية المرجوة منها".
ورأى لوثر أن "على جميع الدول، خاصة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الضغط على مصر لكي تنهي تلك الانتهاكات المفزعة، التي ترتكب زوراً بذريعة الأمن ومكافحة الإرهاب".