قبل قرن تقريباً، بدا أن التكنولوجيا والفنون تسيران في خطّين متوازنين. لكن ذلك تغيّر بشكل جذري خلال عقود: استوعب الفنُّ التكنولوجيا وحوّلها إلى أحد عناصره، كما أن التكنولوجيا، من جانب آخر، استوعبت الفنون التشكيلية، خصوصاً في تصميماتها.
"الفن والتكنولوجيات الجديدة" هو المحور الرئيسي من العدد المزدوج 13 و14 من مجلّة "فنون" الفصلية التونسية الذي صدر أمس. في افتتاحيته، تناول الفنان والباحث التونسي خليل قويعة "التطوّر التكنولوجي الصّاعق" الذي تشهده الصورة الفنية، والذي فرض تغيّرات مطّردة في طريقة تعاملنا مع العالم والأشياء، وهو ما يعتبره "توغّلاً للصورة داخل الحياة اليومية والحسية للإنسان المعاصر، لتحتلّ مجاله البصري اليومي"، ومن ثم "تحدّد مجال تعامله مع المستوى الجمالي لهذا المحيط البصري الذي يتكوّن من داخل الحواسيب".
العدد احتوى أيضاً على تغطية موسّعة لندوة نظّمتها المجلة ضمن الإطار نفسه، وشارك فيها كلّ من الفنّانين والباحثين مختار العجيمي وفاتن شوبة السخيري والفاضل الجزيري وأحمد القاسمي ومحمّد الجويني ونعمان قمش وسمير بن علي المسعودي وفاتح بن عامر وخالد الوغلاني.
ضمن الملف نفسه، قدّم ياسين الحلواني دراسة حول "برمجية الأوتوكاد وأثرها في الفن المعماري"، فيما توزّعت مساهمات رمزي التركي وحمدي المعلول وهندة بوحامد وأمين الغرياني بمقالات حول "الروبوتية في الفن"، و"أشرطة شوبز غبل السينمائية"، و"الصورة الفوتوغرافية الحديثة"، و"البيو- آرت والإيكولوجيا والرقمنة السينمائية".
أمّا حوار العدد، فكان مع الفنان الناصر بن الشيخ حول الممكنات الرقمية للحواسيب في صياغة الصورة الفنّية والتدبير الجمالي للمعادلات الرياضية.
العدد تضمّن أيضاً متابعة للأحداث الثقافية في تونس مثل "أيّام قرطاج الموسيقيّة"، و"المهرجان الدولي للفن والشباب والمدينة بالشمال الغربي". كما نقرأ متابعات أخرى مثل مقال الهادي مقديش حول فن الأشرطة المصوّرة والكاريكاتور، أو مقاربة ملاك السبعي لفنّ الرقص والكوريغرافيا في تونس ضمن رؤية تاريخية ونقدية.
كالعادة، تضمّن العدد الجديد قسماً للمقالات باللغة الفرنسية، شارك فيه كل من غزافياي لومبرت وكارول هوفمان من فرنسا، وفاتن شوبة السخيري من تونس، بمقاربات حول الفن المعاصر والرقمنة وإشكاليات الصّورة الافتراضية.