دخلت محافظة حضرموت، شرقي اليمن، على خط العنف، بعدما كانت بعيدة نسبياً خلال الفترة الماضية، وذلك من خلال تنظيم "القاعدة" الذي هاجم مدينة المكلا، مركز المحافظة، التي تصل مساحتها إلى ثلث مساحة البلاد، وكانت خلال السنوات الأخيرة ساحة لأنشطة التنظيم في توقيت يثير الكثير من الشكوك حول وجود أطراف تقف وراء تحريك ورقة "القاعدة"، يتقدمهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وهاجم التنظيم العديد من المقار الحكومية في مدينة المكلا، صباح أمس الخميس، ومنها القصر الجمهوري، وقيادة المنطقة العسكرية الثانية، والبنك المركزي اليمني (الحكومي)، وكذلك قام باقتحام مقر السجن المركزي وحرر المئات من السجناء، أشارت وكالة "فرانس برس" إلى أن عددهم 300، وبينهم القيادي في التنظيم خالد سعيد باطرفي، أحد القياديين البارزين في التنظيم، الذي كان معتقلاً منذ أربع سنوات.
وحسب مصادر محلية، فقد استخدم المهاجمون قذائف الـ"آر بي جي" والأسلحة المتوسطة في الاقتحام، فيما ذكرت وكالة "فرانس برس" أن اشتباكات دارت في السجن أسفرت عن مقتل حارسين وخمسة من السجناء.
كما حلّقت مروحيات أطلقت قنابل صوتية لتفريق مواطنين كان تنظيم القاعدة دعاهم إلى نهب مقر قيادة السلطة المحلية في المحافظة والبنك المركزي.
اقرأ أيضاً: أميركا ستواصل الحرب على قاعدة اليمن
وتُعدّ هذه العملية أول هجوم في تلك المناطق لتنظيم "القاعدة" منذ بدء عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، وتوسّع رقعة المواجهات في المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى تعرّض مواقع الحوثيين ومعسكرات الجيش الخاضع لنفوذ الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في المحافظات الشمالية، لضربات جوية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها تنظيم "القاعدة" المكلا، إذ وقعت هجمات العام الماضي، حاول التنظيم من خلالها السيطرة على "القصر الجمهوري" في المدينة التي تُعد مركز المحافظات الشرقية. وخلال العامين الماضيين، كانت حضرموت الساحة الأبرز لنشاط "القاعدة" وهجماته التي تستهدف مواقع الجيش والأمن، إذ اقتحم أكثر من مرة مدينة سيئون، وقام بنهب عدد من البنوك، قبل أن ينسحب من المدينة.
ويلقي الهجوم في مدينة المكلا، بظلاله على نشاط تنظيم "القاعدة" واستغلاله الأوضاع الحالية التي ساءت إلى حد كبير، وتعرضت معها معظم معسكرات الجيش، التي أخضعها الحوثيون والرئيس المخلوع في المحافظات الجنوبية، للقصف الجوي والنهب من قبل المسلحين. ومن شأن الانفلات الأمني الناتج عن الحرب الدائرة بين اللجان الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، والقوات الموالية للحوثيين والرئيس المخلوع، أن يفسح المجال أمام "القاعدة" للتحرك، وكسب أسلحة ومعدات عسكرية. ولم يبدِ "القاعدة" أي موقف رسمي تجاه "عاصفة الحزم"، غير أنه استمر بتبني الهجمات التي تستهدف الحوثيين في محافظة البيضاء، وسط البلاد، والتي كانت الساحة الأبرز لمعارك الحوثيين من جهة، والقبائل ومسلحي "القاعدة" من جهة أخرى.
وتبادلت أطراف الأزمة الرئيسية في اليمن الاتهامات، أكثر من مرة، بتحريك "القاعدة" شرقاً، في المحافظات التي كانت بعيدة عن القصف والتوتر، خلال الفترة الماضية، إذ وجّه موالون لهادي وفصائل في الحراك الجنوبي اتهامات للرئيس المخلوع بتحريك "القاعدة" شرقاً لتوسيع ساحة العنف والأزمة في البلاد، فيما وجّه الحوثيون وحلفاؤهم من حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي يرأسه صالح، الاتهامات لأنصار هادي بتحريك "القاعدة" للاستيلاء على المعسكرات والمقرات الحكومية، تواصلاً مع ما جرى في عدن ومحافظات أخرى.
ومن المعلوم أن المحافظات الجنوبية والشرقية، بالإضافة إلى الوسطى، كانت الساحة الأبرز لنشاط "القاعدة" خلال السنوات الماضية، وفي ظل استمرار الصراع في البلد، فإن تنظيم "القاعدة" مستفيد بالتأكيد.