ويوضح مواطنون في مدينة الموصل ومثلهم، أيضاً، في الشرقاط التابعة لمحافظة نينوى أن المنشورات التي عثر عليها، أمس الثلاثاء، وحملت توقيع "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" تضمنت "دعوات لإصلاح العمل الجهادي في العراق وترك تكفير عوام المسلمين والغلو في استباحة الدماء والتوسع بها"، في إشارة إلى تنظيم "داعش".
كما دعت المنشورات الى "الرحمة التي ما دخلت في شيء إلا زانته في التعامل مع السنة والأكراد وأهل الكتاب غير أولي الحرب" فضلاً عن الدعوة إلى "ترك الفصائل السنية المسلحة لحالها وعدم إجبارها على بيعة الإكراه".
وفي أول هجوم على "داعش"، اعتبر تنظيم القاعدة في المنشورات التي بدت نسخة متطابقة مما عثر عليه في الأنبار ومناطق في صلاح الدين، أنه "لولا فتح الجبهات وسوء التقدير وحصر الجهاد بفئة من دون أخرى وتكفير المعارضين من أهل التوحيد لما هاجر أهل السنة من ديارهم يسكنون بين ظهراني بلاد الكفار والفجار والمشركين في الخيام، وهو ما لا يرضاه الله ولا رسوله".
وتجنبت المنشورات ذكر اسم "داعش" صراحة، لكنها أشارت إليه من خلال الأفعال وما وصفتها بـ"الأخطاء".
وبحسب مضمون المنشورات، فإنّ "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ماضٍ على نهجه براية جهاد ناصعة بيضاء، وإن الأمر منه ما سترونه لا ما ستسمعونه من عمليات تقض مضاجع الخونة والمرتدين والصليبيين".
اقرأ أيضاً: قرار أميركي بفصل العراق عن سورية في محاربة "داعش"
ومن غير المعلوم ما إذا كان بيان تنظيم القاعدة، الذي وزع عبر المنشورات، تقف خلفه مجموعة من القيادات أو العناصر السابقة في تنظيم القاعدة، والتي تحتل مناصب حالياً في "داعش". ويشغل من يعرفون بـ"الجيل الثاني لتنظيم القاعدة" مناصب مهمة في الهيكل العام في تنظيم "داعش"، وغالبيتهم من القيادات العسكرية.
كما أنه من غير الواضح ما إذا كان من رفضوا تسمية إبراهيم عود البدري السامرائي، المعروف بأبو بكر البغدادي زعيماً لـ"داعش" في منتصف عام 2010 خلفاً لأميرها السابق أبو عمر البغدادي (الشيخ حامد الزاوي)، هم من يقفون خلف المنشورات. ويقدر عدد هؤلاء بالعشرات، وكانوا قد فضلوا الانفصال عن التنظيم. ويعتقد أنهم ظلوا عبارة عن خلايا نائمة تنتشر في مناطق عدة وتنفذ هجمات نوعية ضد أهداف محددة، وقسم منهم انضم الى فصائل أخرى كجيش المجاهدين وجيش النقشبندية وكتائب صورة العشرين وغيرها.
وكان العقد بين تنظيمي القاعدة" و"داعش"، قد انفرط بشكل كامل نهاية عام 2011 عندما أجبر البغدادي، الجناح الرسمي للقاعدة في سورية ممثلاً بجبهة النصرة على مبايعته والانضمام إليه أو القتال، قبل أن تدور معارك مستمرة بين الطرفين. وقد ظهر الخلاف أكثر عمقاً في عام 2014 عندما هاجم تنظيم "داعش" الظواهري وباتت المعارك بين الطرفين أكثر وضوحاً.
وتبرز أهم الخلافات بين التنظيمين في أمور شرعية، أهمها إنكار القاعدة خلافة البغدادي ومشروعه في العراق وسورية، فضلاً عن فقه الحرب، بما في ذلك إنكار تنظيم القاعدة على "داعش" تعريض "عوام المسلمين للخطر من خلال التمترس بهم في الحروب والتوسع في الدماء المعصومة، وقتل المخالفين وتعطيل الأحكام". ويضاف إلى ذلك مآخذ شرعية أخرى، لكن يقول "داعش" إن الأحكام تتطور مع تطورات الموقف على الأرض.
في غضون ذلك، يعتبر الخبير في شؤون الجماعات الجهادية في العراق، فؤاد علي، أن "المنشورات لا يمكن التعويل عليها للقول، إن تنظيم القاعدة قد عاد أو أنه يوجد انشقاق في صفوف التنظيم، فقد تكون عبارة عن تصرف من أفراد لا يتجاوزون ثلاثين عنصراً وقد تكون حركة استخبارية غربية لإشغال التنظيم، لذا تبقى الاحتمالات مفتوحة لما بعد تلك المنشورات".
ويضيف علي "إذا كان لا بد من تحليل تلك المنشورات التي هي عبارة عن بيان، فلا يمكن وضعها إلا ضمن خانة اختلال داخل صفوف تنظيم داعش بسبب داخلي أو خارجي، لكن من المؤكد أنه أمر جيد بالنهاية".
اقرأ أيضاً: "فرق الموت"... عودة صريحة لمفجّري الحرب الطائفية العراقية