"محمد ح"، شاب ثلاثيني، أصيب في أحداث فضّ اعتصام ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، ثم ألقت قوات الأمن القبض عليه أثناء ذهابه الى إحدى جلسات العلاج الطبيعي لمعالجة آثار إصابته، ووجهت إليه تهم المشاركة في تظاهرة من دون ترخيص والانضمام الى جماعة إرهابية، وغيرها من التهم. وعقب شهرين من حبسه، قرّرت النيابة إخلاء سبيله بكفالة 10 آلاف جنيه
"محمد ح"، وهو الاسم الذي أحبَّ أن يُلقّب نفسه به خشية الملاحقة الأمنية،يجلس كغيره من الشباب العاطل من العمل بسبب إصابته في أغسطس/ آب الماضي، وتتولى والدته، بمعاشها الضئيل، كفالته مع أسرته، كان العائق أمام حريته ارتفاع قيمة الكفالة، إلا أن أصدقاءه استطاعوا جمع المبلغ حتى يستطيع الخروج واستكمال علاجه. محمد وجد مَن يدفع له المال ليشتري حريته، ولكن ما مصير المئات غيره ممّن لا يعلم أحد أنهم لا يملكون ثمن حريتهم؟
"محمد ح"، وهو الاسم الذي أحبَّ أن يُلقّب نفسه به خشية الملاحقة الأمنية،يجلس كغيره من الشباب العاطل من العمل بسبب إصابته في أغسطس/ آب الماضي، وتتولى والدته، بمعاشها الضئيل، كفالته مع أسرته، كان العائق أمام حريته ارتفاع قيمة الكفالة، إلا أن أصدقاءه استطاعوا جمع المبلغ حتى يستطيع الخروج واستكمال علاجه. محمد وجد مَن يدفع له المال ليشتري حريته، ولكن ما مصير المئات غيره ممّن لا يعلم أحد أنهم لا يملكون ثمن حريتهم؟
ملايين الكفالات
لم تستطع أي جهة مستقلة أو حقوقية في مصر حصر إجمالي الكفالات التي دُفعت أو فُرضت على معارضي السلطة خلال الشهور الأخيرة منذ انقلاب 3 يوليو/ تموز الماضي، إلا أن مرصد "طلاب الحرية"، وهو مرصد طلابي حقوقي مستقل يرصد ويوثّق الانتهاكات ضد الطلاب، استطاع حصر بعض البيانات الجزئية حول الكفالات التي تصل قيمتها إلى 3 ملايين و860 ألف جنيه، وهي الكفالات التي فُرضت على الطلاب المعتقلين على ذمة أحداث سياسية خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الحالي، أي في مدة لا تتجاوز الأربعة أشهر.
وبخلاف ملايين الجنيهات التي فرضتها النيابة العامة على معارضي السلطة لإخلاء سبيلهم، فإن المحاكم فرضت، هي الأخرى، عشرات الملايين من الجنيهات على معارضي السلطة من خلال أحكام إدانة لهم. وقد قام موقع "ويكي ثورة"، وهو موقع مستقلّ يعمل على توثيق بيانات الشهداء والمصابين والمعتقلين منذ بدء ثورة يناير، بتوثيق المبالغ التي فرضتها المحاكم كغرامات في القضايا السياسية، حيث بلغت قيمة تلك الغرامات، منذ 3 يوليو/ تموز وحتى 25 مارس/ آذار الماضي، 37 مليوناً و357 ألف جنيه. وأشار الموقع الى أن هذا الرقم هو إجمالي الغرامات التي فرضت من المحاكم، سواء تم دفع تلك الغرامة أم تم الاستئناف على الحكم ولم تُدفع. كما قام الموقع بتوثيق الكفالات التي فرضتها المحاكم لوقف تنفيذ الأحكام خلال تلك الفترة والبالغة 2 مليون و420 ألف جنيه.
قيمة الكفالات التي تفرضها النيابة العامة أو المحاكم المختصة لإخلاء سبيل المحبوسين على ذمة قضايا جنائية عند مقارنتها بنظيرتها للمحبوسين على ذمة قضايا سياسية لا تخلو من المفارقة. ففي أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبينما كانت تصدر قرارات إخلاء السبيل للمعارضين بكفالات بآلاف أو عشرات الآلاف من الجنيهات، قرر قاضي المعارضات بمحكمة جنح النزهة، المستشار رامي عبد الهادي، إخلاء سبيل فتاتي ليل ومتهمين أفريقيين مقابل كفالة مالية قدرها 500 جنيه لكل منهم على ذمة القضية، لضبطهم بتهمة ممارسة الرذيلة وحيازة مخدر الهيروين بقصد التعاطي.
لم تستطع أي جهة مستقلة أو حقوقية في مصر حصر إجمالي الكفالات التي دُفعت أو فُرضت على معارضي السلطة خلال الشهور الأخيرة منذ انقلاب 3 يوليو/ تموز الماضي، إلا أن مرصد "طلاب الحرية"، وهو مرصد طلابي حقوقي مستقل يرصد ويوثّق الانتهاكات ضد الطلاب، استطاع حصر بعض البيانات الجزئية حول الكفالات التي تصل قيمتها إلى 3 ملايين و860 ألف جنيه، وهي الكفالات التي فُرضت على الطلاب المعتقلين على ذمة أحداث سياسية خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الحالي، أي في مدة لا تتجاوز الأربعة أشهر.
وبخلاف ملايين الجنيهات التي فرضتها النيابة العامة على معارضي السلطة لإخلاء سبيلهم، فإن المحاكم فرضت، هي الأخرى، عشرات الملايين من الجنيهات على معارضي السلطة من خلال أحكام إدانة لهم. وقد قام موقع "ويكي ثورة"، وهو موقع مستقلّ يعمل على توثيق بيانات الشهداء والمصابين والمعتقلين منذ بدء ثورة يناير، بتوثيق المبالغ التي فرضتها المحاكم كغرامات في القضايا السياسية، حيث بلغت قيمة تلك الغرامات، منذ 3 يوليو/ تموز وحتى 25 مارس/ آذار الماضي، 37 مليوناً و357 ألف جنيه. وأشار الموقع الى أن هذا الرقم هو إجمالي الغرامات التي فرضت من المحاكم، سواء تم دفع تلك الغرامة أم تم الاستئناف على الحكم ولم تُدفع. كما قام الموقع بتوثيق الكفالات التي فرضتها المحاكم لوقف تنفيذ الأحكام خلال تلك الفترة والبالغة 2 مليون و420 ألف جنيه.
قيمة الكفالات التي تفرضها النيابة العامة أو المحاكم المختصة لإخلاء سبيل المحبوسين على ذمة قضايا جنائية عند مقارنتها بنظيرتها للمحبوسين على ذمة قضايا سياسية لا تخلو من المفارقة. ففي أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبينما كانت تصدر قرارات إخلاء السبيل للمعارضين بكفالات بآلاف أو عشرات الآلاف من الجنيهات، قرر قاضي المعارضات بمحكمة جنح النزهة، المستشار رامي عبد الهادي، إخلاء سبيل فتاتي ليل ومتهمين أفريقيين مقابل كفالة مالية قدرها 500 جنيه لكل منهم على ذمة القضية، لضبطهم بتهمة ممارسة الرذيلة وحيازة مخدر الهيروين بقصد التعاطي.
الكفالات لا يحكمها قانون
"الكفالات لا تحكمها قاعدة أو نص قانوني، ولكنها فقط مسألة تقديرية للقاضي أو عضو النيابة"، هكذا أجاب رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة حلوان، الدكتور جمال جبريل، على السؤال حول مسألة تقدير الكفالة، موضحاً أنه "لا يوجد حتى عرف قانوني يحكم مسألة تقدير الكفالات، وانما هي من المفترض أن تخضع للمنطق. فمن المنطق ألا تكون الغرامة المقررة في جنحة ضرب أكبر أو تساوي الغرامة المقررة على قضية قتل، والغرامة المقررة على قضية سرقة مال عام لا يجب أن تتساوى مع الغرامة المقررة على قضية نشل".
وأوضح جبريل أن قضايا التظاهر لا تقرّ عليها كفالات، ولكن هناك تهماً أخرى توجه للمتهمين بالتظاهر، مثل استخدام العنف وقطع الطرق والاعتداء على المنشآت، وهي التي بموجبها تقرّر الكفالات، مشيراً الى صعوبة مقارنة الكفالات التي تقرّر في تلك القضايا بمثيلاتها قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، لأن هذه النوعيات من القضايا المتعلقة بالتظاهر كانت شبه منعدمة قبل الثورة.
يقول عضو الجماعة الوطنية لحقوق الانسان، أحمد راغب، إن الهدف من الكفالة ضمان حضور المتهم إذا استدعته النيابة أو المحكمة، ويتم تقديرها وفقاً لظروف كل قضية وحجمها. ولكن الملحوظة العامة أن معايير تقدير الكفالة لا تتم في أغلب الحالات الخاصة بقضايا المتظاهرين.
وأشار إلى فرض كفالات عالية جداً على فئات بسيطة مثل العمال والطلبة لإرهاقهم اقتصادياً، ويصبح الهدف من الكفالة هو شغل النشطاء السياسيين والفئات المعارضة بجمع هذه الكفالات، موضحاً أن الكفالات من المفترض استردادها إذا تم حفظ القضية أو تبرئة المتهم، ولكن هذا لا يحدث وانما يتم التعامل معها على أنها أمر واقع وجزء من جباية الدولة على المتظاهرين أو المعارضين ولا يستردها أحد، ولذلك فإن الكفالات تمثل أحد موارد وزارة العدل.
هيثم غنيم، القيادي بجبهة "عهد الثورة"، الناشط في مجال الدفاع عن المعتقلين، كشف عن أن الكفالات الباهظة التي تقرها النيابة العامة غالباً ما تكون بعيداً عن المحافظات الكبيرة كالقاهرة والاسكندرية، مُرجِعاً سبب ذلك الى الضغط الحقوقي على نيابات تلك المحافظات الكبيرة وانعدام التغطية الاعلامية والحقوقية للمحافظات الأخرى.
"الكفالات لا تحكمها قاعدة أو نص قانوني، ولكنها فقط مسألة تقديرية للقاضي أو عضو النيابة"، هكذا أجاب رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة حلوان، الدكتور جمال جبريل، على السؤال حول مسألة تقدير الكفالة، موضحاً أنه "لا يوجد حتى عرف قانوني يحكم مسألة تقدير الكفالات، وانما هي من المفترض أن تخضع للمنطق. فمن المنطق ألا تكون الغرامة المقررة في جنحة ضرب أكبر أو تساوي الغرامة المقررة على قضية قتل، والغرامة المقررة على قضية سرقة مال عام لا يجب أن تتساوى مع الغرامة المقررة على قضية نشل".
وأوضح جبريل أن قضايا التظاهر لا تقرّ عليها كفالات، ولكن هناك تهماً أخرى توجه للمتهمين بالتظاهر، مثل استخدام العنف وقطع الطرق والاعتداء على المنشآت، وهي التي بموجبها تقرّر الكفالات، مشيراً الى صعوبة مقارنة الكفالات التي تقرّر في تلك القضايا بمثيلاتها قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، لأن هذه النوعيات من القضايا المتعلقة بالتظاهر كانت شبه منعدمة قبل الثورة.
يقول عضو الجماعة الوطنية لحقوق الانسان، أحمد راغب، إن الهدف من الكفالة ضمان حضور المتهم إذا استدعته النيابة أو المحكمة، ويتم تقديرها وفقاً لظروف كل قضية وحجمها. ولكن الملحوظة العامة أن معايير تقدير الكفالة لا تتم في أغلب الحالات الخاصة بقضايا المتظاهرين.
وأشار إلى فرض كفالات عالية جداً على فئات بسيطة مثل العمال والطلبة لإرهاقهم اقتصادياً، ويصبح الهدف من الكفالة هو شغل النشطاء السياسيين والفئات المعارضة بجمع هذه الكفالات، موضحاً أن الكفالات من المفترض استردادها إذا تم حفظ القضية أو تبرئة المتهم، ولكن هذا لا يحدث وانما يتم التعامل معها على أنها أمر واقع وجزء من جباية الدولة على المتظاهرين أو المعارضين ولا يستردها أحد، ولذلك فإن الكفالات تمثل أحد موارد وزارة العدل.
هيثم غنيم، القيادي بجبهة "عهد الثورة"، الناشط في مجال الدفاع عن المعتقلين، كشف عن أن الكفالات الباهظة التي تقرها النيابة العامة غالباً ما تكون بعيداً عن المحافظات الكبيرة كالقاهرة والاسكندرية، مُرجِعاً سبب ذلك الى الضغط الحقوقي على نيابات تلك المحافظات الكبيرة وانعدام التغطية الاعلامية والحقوقية للمحافظات الأخرى.