في محاولة لتوظيف تفجيرات بروكسل في تحسين مكانتها الدولية، شرعت حكومة الاحتلال في تقديم مساعدات استخبارية وأمنية لبلجيكا وعدد من الدول الأوروبية حول سبل مواجهة العمليات التي تنظمها الخلايا المنضوية في إطار تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وكشف موقع صحيفة "ميكور ريشون" اليوم، النقاب عن أن مسؤولين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) قد توجهوا بالفعل إلى بروكسل كجزء من تحرك إسرائيلي لمساعدة الدول الأوروبية لمواجهة "داعش".
وبحسب الصحيفة، فإن قرب إسرائيل الجغرافي من تواجد قيادة (داعش) قد عزز من قيمة المعلومات الاستخبارية التي تملكها تل أبيب، وجعلها تكتسب أهمية خاصة. وذكرت الصحيفة أن الغرب يرى في إسرائيل مركباً مهماً من الجهد الاستخباري العالمي الذي يبذل لمواجهة "داعش". وزعمت الصحيفة، أنه إلى جانب جهاز "الموساد"، فإن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية الأخرى، مثل شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والمخابرات الداخلية "الشاباك"، ينظر إليها كصاحبة تجربة كبيرة وثرية في مواجهة التنظيمات الإسلامية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن بعيد تفجيرات بروكسل أنه قد اتصل برئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل وأبدى استعداده لتقديم كل أشكال الدعم الأمني والاستخباري لمواجهة هذه الموجة من العمليات. ويذكر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قد كشفت بعيد تفجيرات 13 نوفمبر/تشرين الثاني في باريس عن أن "الموساد" قد أرسل عناصره لباريس وعواصم أخرى لمساعدة الأجهزة الأمنية الأوروبية على حل لغز العمليات.
اقرأ أيضا: تحديد هوية مشتبه به ثالث في هجمات بروكسل
وأوضحت وسائل الإعلام في حينه أن التفجيرات قد أفضت إلى تعزيز التعاون الأمني والاستخباري بين الأجهزة الاستخبارية الفرنسية وجهاز "الموساد". لكن كبار المسؤولين الإسرائيليين لم يتمكنوا من ضبط أنفسهم وأخذوا يوزعون النصائح والمشورة بشكل استعلائي للأوروبيين، إذ كان القاسم المشترك بين الوزراء الإسرائيليين الذين علقوا على تفجيرات بروكسل، مطالبتهم أوروبا بالتخلي عن قيمها الليبرالية. وطالب وزير الإسكان الجنرال المتقاعد يواف غالانت أوروبا بالمس بحقوق الفرد من أجل تحسين بيئتها الأمنية وتقليص فرص تعرضها للمزيد من الهجمات.
ونقل موقع "وللا" أمس عن غالانت، الذي قاد العدوان على غزة في عام 2008، قوله إنه يتوجب على أوروبا التخلي مطلقاً عن سياسة "الجسور المفتوحة" بين دولها وبين العالم الخارجي، على اعتبار أن هذه الخطوة تعد مطلباً من متطلبات الحرب على الإرهاب.
وأضاف "يتوجب على أوروبا أن تتعلم من إسرائيل كيفية الموازنة بين الحفاظ على حقوق الفرد وبين متطلبات الأمن". ودعا غالانت الأوروبيين إلى شن عمليات هجومية لمواجهة "الإرهاب". وكان وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد أثار ضجة كبيرة عندما وظف تفجيرات بروكسل في السخرية من البلجيكيين.
وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الأربعاء الماضي، قال كاتس "يتوجب على البلجيكيين كسر الرتابة والتوقف عن أكل الشوكولاته، وأن يتعلموا كيفية الانقضاض على الإرهاب ومحاربته". لكن تبجح وزراء حكومة نتنياهو ومحاولتهم الظهور بمظهر الذين يعطون النصائح لأوروبا، قد استفز بعض كبار المعلقين الإسرائيليين.
وتساءل معلق الشؤون الخارجية في قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى، أورن نهاري "إن كانت لدى أجهزتنا الأمنية والاستخبارية كل هذه القدرات، فلماذا لم تنجح على مدى أكثر من خمسة أشهر في وضع حد لعمليات الدهس والطعن التي يقتل ويجرح فيها الكثير من الإسرائيليين؟"
اقرأ أيضا: مخاوف غربية من استهداف "داعش" مفاعلات نووية
وخلال تعليقه في برنامج إخباري بثته القناة مساء أمس الجمعة، دعا نهاري وزراء نتنياهو إلى التواضع. لكن هناك في إسرائيل من يرى أن الشخص الوحيد الذي يمكنه توفير حلول حقيقية لموجة العمليات الإرهابية في الغرب هو المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وفي مقال نشره موقع صحيفة "معاريف" اليوم السبت، قال المعلق العسكري ألون بن دافيد "على الرغم من أن ترامب يبدو مهرجاً، لكنه قد يتبين أنه الأفضل لمواجهة إرهاب "داعش" والإسلام الجهادي، وبكل تأكيد سيكون أداؤه أفضل من أداء المرشحة الديمقراطية المحتملة هيلاري كلينتون التي تكتفي بالشجب من بعيد".
في سياق آخر، توقع معلقون في تل أبيب أن تفضي التفجيرات الأخيرة إلى تحسين مكانة إسرائيل الدولية واحتواء موجة دعوات المقاطعة ضدها. وقال الكاتب الإسرائيلي آرييه شافيت إن "مواجهة (الإسلام الجهادي) يمكن أن تكون قاعدة لقواسم مشتركة بين إسرائيل ودول الغرب، تقلص من تأثير الخلافات السياسية بين الجانبين". وبحسب شافيت الذي كان يتحدث أمس في برنامج إخباري بثته قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى، فإنه ليس من المستبعد أن يفضي هذا التحول إلى تحسين قدرة إسرائيل على مواجهة حركة المقاطعة الدولية "BDS".
اقرأ أيضا: بروكسل: اعتقال 7 وكيري يعرض المساعدة