18 يناير 2016
"النهضة" و"النداء" .. زواج المتعة
محجوب أحمد قاهري
طبيب وناشط في المجتمع المدني، يكتب المقالات في عدد من المواقع في محاولة لصناعة محتوى جاد ورصين.
الحالمون بأن زواج المتعة بين حركة النهضة ونداء تونس في تسيير الحكم سيستمر، وسيغيّر البلاد إلى الأفضل، ويحفظ أهلها، ينمّي اقتصادهم، ويعيد لهم حقوقهم، ويحفظ حرياتهم، ويحقّق أهداف ثورتهم، هؤلاء لا يحملون إلا أوهاما، أريد لهم بأن يحملوها لأعاده صياغة أدران القديم، والطالح، والخائب منه.
إلى الآن، لا يوجد ولو بصيص أمل واحد يبشّر، ولو بتحقيق حلم واحد، فكل المؤشرات تدلّ على أن هذا الزواج الحرام، بين "النهضة" و"نداء تونس"، بدأ في انتاج أولاد غير شرعيين، أو "أولاد حرام"، عكس ما كان يأمله الشعب، ولا أتصوّر أن انفراجا قادماً يلوح في الأفق.
النتيجة الحالية أن هذا الزواج في مأزق، فهو مؤهل للسقوط في الأيام المقبلة، أو أنه سيحتاج إلى إعادة صياغة، وأبواق دعاية ضخمة وكبيرة من الطرفين، لتبيضه من جديد، وهو الذي ظهر عفنه في نتائج كثيرة.
عفن هذا الزواج، أو أبناؤه غير الشرعيين، أو "أولاد الحرام" الذين جاء بهم خلال مخاض عسير ومستمر، وعمليات قيصرية متعددة، طفح للناس أجمعين، وأعاد الخوف والرعب، إلى أهل البلاد، وشبابها الغاضب. فالملاحقات الأمنية والتعذيب العلني، وفي الزنزانات السرّية، لا ينتهيان، والمحاكمات الجائرة كل يوم، وإبداء الرأي جريمة، فهو إما قذف علني، أو اعتداء على الحق الشخصي، وذوات السادة "الرؤساء" فاقت القداسة، ومطاردة المحجبات والمنقبات والتنكيل بأصحاب اللحى عمل استراتيجي يحمي من الإرهاب، وعزل الأئمة الوسطيين وغلق المساجد وإلصاق تهم الإرهاب بروادها ضربات استباقية ضدّ إرهابيين محتملين. والعفو على الفسدة، سراق أموال الشعب، من خلال قانون المصالحة، في تجاوز صريح للقانون والدستور، والأعراف والأخلاق، يعدّ إنقاذا لتونس. كل هذا العفن وغيره، كان بمباركة الحزبين، النهضة و"نداء تونس"، وراء أبواب مغلقة، ليطبّقها موظف سام، اسمه رئيس الحكومة، الحبيب الصيد.
كان هذا العفن نتيجة حتمية لسلوكيات ساسة وقوى علمية وثقافية واجتماعية واقتصادية تونسية لا تؤمن بالديمقراطية، ولا بالخير لتونس، ومجمل ما يحدث، عبث وصراع أفراد نافذة، داخليا وخارجيا، على الحكم. فأول العبث في تونس كان إسقاط الترويكا بالقوة، وكان الأولى، ديمقراطيا، إسقاط من جاء بالانتخاب بالآلية نفسها التي جاء بها. وثاني العبث خروج اتحاد العمال من عباءته ودوره الحقيقي، ليحطم اقتصاد دولة ضمن أجندة سياسية، لم تعد تخفى على أحد، بإنجازه أكثر من ثلاثين ألف إضراباً في أقل من السنتين. وثالث العبث، بعد ما سمي الحوار الوطني، تعيين حكومة المهدي جمعة، مجموعة موظفين سامين. ورابع العبث أن يربح "نداء تونس" الانتخابات التشريعية الأخيرة، ثم ينتدب رئيس حكومة وأحزاب لمشاركته في الحكم. ولكن، على أي أساس؟ المؤكد أنه لا أساس للديمقراطية فيه، والدليل أنه حينما أعلن القيادي الندائي، الإقصائي، محسن مرزوق، أخيراً، أن على "نداء تونس" أن يطبّق برنامجه، وهو محق في قوله ديمقراطيا، على أساس أنه الحزب الفائز في الانتخابات، غضبت بعض قيادات "النهضة"، ودعت حزبها لدراسة هذه التصريحات. وعليه، فإن غياب السلوك الديمقراطي هو الخطيئة الأولى والأخيرة في كل ما يحدث في تونس.
بلوغ هذا العفن منتهاه، وكثرة "أولاد الحرام" في حضرة هذا الزواج الآثم في حق تونس سيعجّل، حتماً، بتغيير هذا المشهد، في اتجاه أن ينقضّ النداء على شريكه، النهضة، الحزب الضعيف، الهزيل، الذي أوغلت قياداته في لعب أدوار فلكلورية في ساحةٍ، يعلم الجميع أن النظام القديم قائدها وسيّدها. السيناريوهات المتعدّدة لإنهاء هذا الزواج بدأت تطفو وتظهر مواعيدها، في سبتمبر/أيلول المقبل. والحقيقة أن هذه السيناريوهات لن تخرج عن اثنين، على الرغم من التحاليل والتوقعات الكثيرة المحتملة، فإما أن تطرد "النهضة" من الائتلاف الحاكم، بعد أن شرّعت للنظام القديم كل أسباب عودته، وأمنتها، ثم يسقط قادتها تحت طائلة المحاكمات الجاهزة، مثل سيناريو التسعينات، أو أن ينضم بعض قادتها الذين أعلنوا الولاء التام والفاضح للنظام القديم إلى أي حكومة قادمة، على أساس أنهم جزء منه، وهذا هو السيناريو الأكثر احتمالا.
في محصلة القول، ما يعيق تونس هو عدم إيمان أهلها بالديمقراطية، وعدم انتهاج منهجها، فقد أثبتت كل المحطات ما بعد 2011 أن الغلبة لمن يملك القوة، لمن يملك النقابات، ولمن يسيطر على المؤسسات، وأن كل زواج متعة حرام، ولا ينتج عنه سوى العفن، وهو زائل حتما.
إلى الآن، لا يوجد ولو بصيص أمل واحد يبشّر، ولو بتحقيق حلم واحد، فكل المؤشرات تدلّ على أن هذا الزواج الحرام، بين "النهضة" و"نداء تونس"، بدأ في انتاج أولاد غير شرعيين، أو "أولاد حرام"، عكس ما كان يأمله الشعب، ولا أتصوّر أن انفراجا قادماً يلوح في الأفق.
النتيجة الحالية أن هذا الزواج في مأزق، فهو مؤهل للسقوط في الأيام المقبلة، أو أنه سيحتاج إلى إعادة صياغة، وأبواق دعاية ضخمة وكبيرة من الطرفين، لتبيضه من جديد، وهو الذي ظهر عفنه في نتائج كثيرة.
عفن هذا الزواج، أو أبناؤه غير الشرعيين، أو "أولاد الحرام" الذين جاء بهم خلال مخاض عسير ومستمر، وعمليات قيصرية متعددة، طفح للناس أجمعين، وأعاد الخوف والرعب، إلى أهل البلاد، وشبابها الغاضب. فالملاحقات الأمنية والتعذيب العلني، وفي الزنزانات السرّية، لا ينتهيان، والمحاكمات الجائرة كل يوم، وإبداء الرأي جريمة، فهو إما قذف علني، أو اعتداء على الحق الشخصي، وذوات السادة "الرؤساء" فاقت القداسة، ومطاردة المحجبات والمنقبات والتنكيل بأصحاب اللحى عمل استراتيجي يحمي من الإرهاب، وعزل الأئمة الوسطيين وغلق المساجد وإلصاق تهم الإرهاب بروادها ضربات استباقية ضدّ إرهابيين محتملين. والعفو على الفسدة، سراق أموال الشعب، من خلال قانون المصالحة، في تجاوز صريح للقانون والدستور، والأعراف والأخلاق، يعدّ إنقاذا لتونس. كل هذا العفن وغيره، كان بمباركة الحزبين، النهضة و"نداء تونس"، وراء أبواب مغلقة، ليطبّقها موظف سام، اسمه رئيس الحكومة، الحبيب الصيد.
كان هذا العفن نتيجة حتمية لسلوكيات ساسة وقوى علمية وثقافية واجتماعية واقتصادية تونسية لا تؤمن بالديمقراطية، ولا بالخير لتونس، ومجمل ما يحدث، عبث وصراع أفراد نافذة، داخليا وخارجيا، على الحكم. فأول العبث في تونس كان إسقاط الترويكا بالقوة، وكان الأولى، ديمقراطيا، إسقاط من جاء بالانتخاب بالآلية نفسها التي جاء بها. وثاني العبث خروج اتحاد العمال من عباءته ودوره الحقيقي، ليحطم اقتصاد دولة ضمن أجندة سياسية، لم تعد تخفى على أحد، بإنجازه أكثر من ثلاثين ألف إضراباً في أقل من السنتين. وثالث العبث، بعد ما سمي الحوار الوطني، تعيين حكومة المهدي جمعة، مجموعة موظفين سامين. ورابع العبث أن يربح "نداء تونس" الانتخابات التشريعية الأخيرة، ثم ينتدب رئيس حكومة وأحزاب لمشاركته في الحكم. ولكن، على أي أساس؟ المؤكد أنه لا أساس للديمقراطية فيه، والدليل أنه حينما أعلن القيادي الندائي، الإقصائي، محسن مرزوق، أخيراً، أن على "نداء تونس" أن يطبّق برنامجه، وهو محق في قوله ديمقراطيا، على أساس أنه الحزب الفائز في الانتخابات، غضبت بعض قيادات "النهضة"، ودعت حزبها لدراسة هذه التصريحات. وعليه، فإن غياب السلوك الديمقراطي هو الخطيئة الأولى والأخيرة في كل ما يحدث في تونس.
بلوغ هذا العفن منتهاه، وكثرة "أولاد الحرام" في حضرة هذا الزواج الآثم في حق تونس سيعجّل، حتماً، بتغيير هذا المشهد، في اتجاه أن ينقضّ النداء على شريكه، النهضة، الحزب الضعيف، الهزيل، الذي أوغلت قياداته في لعب أدوار فلكلورية في ساحةٍ، يعلم الجميع أن النظام القديم قائدها وسيّدها. السيناريوهات المتعدّدة لإنهاء هذا الزواج بدأت تطفو وتظهر مواعيدها، في سبتمبر/أيلول المقبل. والحقيقة أن هذه السيناريوهات لن تخرج عن اثنين، على الرغم من التحاليل والتوقعات الكثيرة المحتملة، فإما أن تطرد "النهضة" من الائتلاف الحاكم، بعد أن شرّعت للنظام القديم كل أسباب عودته، وأمنتها، ثم يسقط قادتها تحت طائلة المحاكمات الجاهزة، مثل سيناريو التسعينات، أو أن ينضم بعض قادتها الذين أعلنوا الولاء التام والفاضح للنظام القديم إلى أي حكومة قادمة، على أساس أنهم جزء منه، وهذا هو السيناريو الأكثر احتمالا.
في محصلة القول، ما يعيق تونس هو عدم إيمان أهلها بالديمقراطية، وعدم انتهاج منهجها، فقد أثبتت كل المحطات ما بعد 2011 أن الغلبة لمن يملك القوة، لمن يملك النقابات، ولمن يسيطر على المؤسسات، وأن كل زواج متعة حرام، ولا ينتج عنه سوى العفن، وهو زائل حتما.
محجوب أحمد قاهري
طبيب وناشط في المجتمع المدني، يكتب المقالات في عدد من المواقع في محاولة لصناعة محتوى جاد ورصين.
محجوب أحمد قاهري
مقالات أخرى
13 يناير 2016
16 اغسطس 2015
24 يونيو 2015