كذلك، ثمّة مشاكل بين الأقليات نفسها. فبينما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أنّ حجم الهندوس هو الأكبر، ويبلغ عددهم 1.77 مليون ناخب من أصل 3.63 ملايين، يدعي المسيحيون أنّهم يمثلون العدد الأكبر في بعض المناطق، لا سيما إقليم البنجاب، في حين أنّ لا حصة لهم في البرلمان.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أنّ معظم الهندوس موجودون في إقليم السند، جنوبي البلاد. أمّا المسيحيون، والذين يبلغ عددهم 1.64 مليون شخص، بحسب الإحصاءات، فمعظمهم يوجد في إقليم البنجاب، فيما الباقون ينقسمون بين السيخ والقاديانيين الأحمديين. وبعد السند والبنجاب، توجد أقليات في إقليم كشمير ومناطق من إقليم خيبر بختونخوا، شمال غرب باكستان.
وبالمقارنة مع الأقاليم الأخرى، يعتبر السند الأكثر نشاطاً انتخابياً بين أقاليم الأقليات، حيث يصل عدد المرشحين فيه للبرلمان الفيدرالي والبرلمانات الإقليمية، ومعظمهم من الجالية الهندوسية التي تشكل اثنين في المئة من سكان البلاد، إلى 48 شخصاً؛ خمسة منهم رشحتهم "الحركة الهندوسية لأجل تحسين حالة الهندوس الفقراء"، بينهم ثلاث نساء ورجلان، وجميعهم لا ينتمون لأي حزب سياسي. بينما الحركة نفسها حركة اجتماعية خيرية لأجل فقراء الهندوس.
وتقول رئيسة الحركة، رادها بيل، إنّ حركتها ليست سياسية، ومن أهدافها الرئيسية "إيصال ماء الشرب النظيفة إلى الجالية الهندوسية الفقيرة في السند، وتوفير حقّ التعليم لها. ولأن الأحزاب السياسية لم تهتم بهذا الطيف الفقير، قرّرنا أن نقوم نحن بذلك"، مضيفةً في حوار صحافي، أنّ "الأقلية الهندوسية تواجه الظلم الاجتماعي منذ أمد بعيد، وكنّا قد أنشأنا الحركة في عام 2016 لأجل الحصول على حقوقنا، وها نحن الآن نقدّم المرشّحات والمرشحين للانتخابات كي يرفع هؤلاء صوتنا على الأصعدة السياسية المختلفة".
وتتهم رادها الحكومات الباكستانية المتعاقبة بـ"تهميش الطبقة الفقيرة من الهندوس"، مؤكدةً أنّ "القانون ينصّ على أن يكون خمسة في المائة من المناصب والوظائف للأقليات، ولكن ما يحدث هو أنّ الحكومة دائماً تعطي تلك الوظائف لأصحاب النفوذ والقوة وأبناء الطبقة العليا من الأقليات، ويبقى الفقراء والمهمشون بلا شيء. لذا قررنا أن ندفع الفقراء إلى الأمام كي نحصل على حقوقنا".
ومن بين المرشّحات الهندوسيات، والتي لاقت اهتماماً كبيراً في الأوساط الإعلامية، كونها أوّل امرأة رشحت نفسها للانتخابات، بل هي أول هندوسية تفعل ذلك في تاريخ باكستان، سونيتا بارمار، البالغة من العمر 31 عاماً، والتي تنتمي إلى أسرة نيغوار الهندوسية. وقد رشّحت بارمار نفسها إلى برلمان إقليم السند من منطقة تهرباركر النائية، التي كانت محط اهتمام الإعلام خلال السنوات الأخيرة بسبب الجفاف فيها.
وتقول بارمار "إننا أقدمنا على ذلك لنغيّر الحالة السائدة حيث الفقراء المهمشون، وحتى الأثرياء، من أبناء الأقليات، ممنوعون من الحصول على الوظائف والتعليم ومختلف أنواع الرفاهية"، مشيرةً إلى أنّ "الوضع المعيشي متدنٍ جداً في مدينة تهرباركهر، حيث لا ماء للشرب، وكذلك لا صحة ولا تعليم". وتلفت إلى أنّ "الحكومات السابقة كلها فشلت في توفير أبسط متطلبات الحياة للأقليات، لذا قررنا نحن الآن أن نتقدّم بأنفسها ونحصل على حقوقنا".
وتشكو جميع الجاليات غير المسلمة في باكستان من تعامل الحكومة وصناع القرار معها. فالمسيحيون يدعون أنّ جميع المقاعد الخاصة للأقليات يحصل عليها الهندوس والسيخ، ويبقون هم بلا ممثل، فيما يشكو السيخ والأحمديون وغيرهم من طريقة تعامل الأحزاب السياسية والحكومة بصورة أو بأخرى معهم.
غير أنّ الوضع والجو السياسي هذا العام ساعدهم على الانخراط في العملية الانتخابية، بعدما كانت قد وجّهت إليهم في انتخابات عام 2013، تهديدات بالقتل والاستهداف إذا ما خرجوا للاقتراع. ووزّعت وقتذاك منشورات باسم حركة "طالبان" باكستان تحذّر جميع الأقليات من الخروج إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم. لكن هذه المرة اختفت تلك التهديدات، وهو ما سيمكّنهم من الخروج يوم 25 يوليو/ تموز الحالي، واختيار ممثليهم في البرلمان الفيدرالي والبرلمانات الإقليمية.