إعلان حسّان دياب حكومة لبنانية جديدة (21 يناير/ كانون الثاني 2020) دافعٌ إلى رفع وتيرة السخرية لدى شابات "فيسبوك" وشبابه، الذين يتفنّنون في ابتكار صُور وكتابة تعليقات هازئة ومُضحكة، بحساسية رائعة إزاء الكوميديا السياسية، تمتلكها شابات "انتفاضة 17 أكتوبر" (2019) اللبنانية وشبابها وناسها. أكثر ما يُثير السخرية الضاحكة متأتٍ من لحظة بثّ خبرٍ، قبل الإعلان الرسمي، يُفيد بنيّةٍ ـ غير مفهومة أسبابها ـ تقضي بدمج وزارة الزراعة بوزارة الثقافة. هذا كافٍ لإطلاق موجة جديدة من السخرية الجميلة، لن تتمكّن فضيحة السياسي اللبناني جبران باسيل في "دافوس" (23 يناير/ كانون الثاني 2020) من إخمادها، أو التقليل منّها.
الحكومة اللبنانية الأولى في زمن "انتفاضة 17 أكتوبر" مُعادية لرغبات لبنانيات ولبنانيين عديدين، يصنعون في الشارع أجمل تمرّد وأحلى مواجهة، رغم القمع الأمنيّ الفاقع. دمج وزارتي الزراعة والثقافة في وزير واحد مَنفذٌ إلى رفع مستوى المواجهة، اللفظية على الأقلّ، من دون تناسي فضائح عديدة لوزارة الثقافة، في تاريخها المنطلق عام 1993. للسينما في الفضائح مكانٌ، تماماً كبقية الفنون والاشتغالات الثقافية، رغم توظيف أناسٍ ذوي كفاءات ومؤهّلات، لن "يُسمَح" لهم الاستفادة منها، وإفادة آخرين بها. محسوبيات وعلاقات عامة ومصالح شخصية ضيّقة تتحكّم بكلّ شيء تقريباً، بينما يجد معظم المثقفين والفنانين أنفسهم خارج كلّ اهتمام مطلوب من وزارةٍ، غير مُبالية وغير مهتمّة وغير مكترثة.
تحتاج وزارة الثقافة اللبنانية، قبل دمجها بوزارة الزراعة أصلاً، إلى تفكيكٍ نقديّ، لشدّة افتراقها عمّا يُفترض بها العمل من أجله، وعمن يتوجّب عليها الاهتمام بهم. الدعم المالي مغيّب، وبعضه الحاضر يُحسَب لأزلامٍ يدّعون ثقافة وفنّا ومعرفة وعلماً. سينمائيون لبنانيون كثيرون لن يستفيدوا بأي دعمٍ رسمي، وهم يحتاجون إليه أمام جهات إنتاجية أوروبية مختلفة، تماماً كفنانين ومثقفين آخرين لن يعثروا في الوزارة على مُعين ومهتمّ. رغم هذا، يُقدّمون ملفاتٍ كاملة عن مشاريعهم إلى الوزارة، وفيها لجان مختصّة بالسينما، بعض قليل من أعضائها معنيّ بالفن السابع، مُتابعةً ومُشاهدةً واهتماماً. لكنّ الإهمال واردٌ دائماً، إنْ لم يكن "سياسة عمل" إزاء الثقافة. أما الدعم، إنْ يحصل عليه أحدٌ ما، فمثير للسخرية أيضاً، لأنّ قيمته المالية (والمعنوية) باهتة وسخيفة. أما السؤال السنوي عن الـ"أوسكار"، فلن تمنحه مفردة "فضيحة" حقّه، إذْ تُشكَّل لجانٌ من أناسٍ لديهم مصالح وعلاقات شخصية مع عاملين في الوزارة، ومع بعضهم بعضاً؛ ويتمّ اختيار المتّفق عليه سابقاً لـ"تمثيل" لبنان في هوليوود، وهذا يخدم مصالح وعلاقات شخصية أيضاً.
سينمائيات وسينمائيون لبنانيون عديدون يريدون دعم وزارة الثقافة، لأنّ الاسم كافٍ لترويجٍ مطلوبٍ لمشاريعهم في الغرب. فالوزارة جهة رسمية معترف بها، لكنّ وزراءها، باستثناء ميشال إدّه (1993 ـ 1996) وغسان سلامة (2000 ـ 2003) وطارق متري (2005 ـ 2008)، غير مُدركين وظيفتها وآليات اشتغالاتها وكيفية حضورها، محلياً وعربياً ودولياً. إدّه وسلامة ومتري قادمون إلى الوزارة من اشتغالات ثقافية ووعي معرفي، لكن ظروف البلد أقوى منهم، والمتطلبات السياسية البحتة تفرض عليهم أنماطاً أخرى من العمل، مع أنّهم يحاولون عملاً ثقافياً ما.
إنْ يكن الوضع، زمن ميشال إدّه وغسان سلامة وطارق متري، مرتبكاً، ما يحول دون انطلاقة فعلية لهم في عملٍ يُشبههم إلى حدّ كبير؛ فكيف سيكون عليه الوضع الآن، بعد اختيار تابعٍ لجهة سياسية حزبية طائفية، ضمن التركيبة اللبنانية القبائلية، وزيراً للثقافة وللزراعة في وقتٍ واحد؟
الحكومة الجديدة معادية لـ"انتفاضة 17 أكتوبر"، وسينمائيات الانتفاضة وسينمائيوها لن يروا فيها استجابة لأحلامهم ومطالبهم وحقوقهم. هذا منسحبٌ على وزارة الثقافة، إنْ تُدمج بوزارة الزراعة أو لا. فوزارة الثقافة "منبوذة" أصلاً من صانعي النظام الحاكم والمنخرطين فيه، وقبول طرفٍ منهم بها استجابة، طائفية وسياسية، لتوازنٍ داخل الحكومة، لا أكثر. وسينمائيات وسينمائيون عديدون، كفنانات وفنانين كثيرين، غير آبهين بها، لأنّ اشتغالاتهم أهمّ وأفضل وأجمل.
تحتاج وزارة الثقافة اللبنانية، قبل دمجها بوزارة الزراعة أصلاً، إلى تفكيكٍ نقديّ، لشدّة افتراقها عمّا يُفترض بها العمل من أجله، وعمن يتوجّب عليها الاهتمام بهم. الدعم المالي مغيّب، وبعضه الحاضر يُحسَب لأزلامٍ يدّعون ثقافة وفنّا ومعرفة وعلماً. سينمائيون لبنانيون كثيرون لن يستفيدوا بأي دعمٍ رسمي، وهم يحتاجون إليه أمام جهات إنتاجية أوروبية مختلفة، تماماً كفنانين ومثقفين آخرين لن يعثروا في الوزارة على مُعين ومهتمّ. رغم هذا، يُقدّمون ملفاتٍ كاملة عن مشاريعهم إلى الوزارة، وفيها لجان مختصّة بالسينما، بعض قليل من أعضائها معنيّ بالفن السابع، مُتابعةً ومُشاهدةً واهتماماً. لكنّ الإهمال واردٌ دائماً، إنْ لم يكن "سياسة عمل" إزاء الثقافة. أما الدعم، إنْ يحصل عليه أحدٌ ما، فمثير للسخرية أيضاً، لأنّ قيمته المالية (والمعنوية) باهتة وسخيفة. أما السؤال السنوي عن الـ"أوسكار"، فلن تمنحه مفردة "فضيحة" حقّه، إذْ تُشكَّل لجانٌ من أناسٍ لديهم مصالح وعلاقات شخصية مع عاملين في الوزارة، ومع بعضهم بعضاً؛ ويتمّ اختيار المتّفق عليه سابقاً لـ"تمثيل" لبنان في هوليوود، وهذا يخدم مصالح وعلاقات شخصية أيضاً.
سينمائيات وسينمائيون لبنانيون عديدون يريدون دعم وزارة الثقافة، لأنّ الاسم كافٍ لترويجٍ مطلوبٍ لمشاريعهم في الغرب. فالوزارة جهة رسمية معترف بها، لكنّ وزراءها، باستثناء ميشال إدّه (1993 ـ 1996) وغسان سلامة (2000 ـ 2003) وطارق متري (2005 ـ 2008)، غير مُدركين وظيفتها وآليات اشتغالاتها وكيفية حضورها، محلياً وعربياً ودولياً. إدّه وسلامة ومتري قادمون إلى الوزارة من اشتغالات ثقافية ووعي معرفي، لكن ظروف البلد أقوى منهم، والمتطلبات السياسية البحتة تفرض عليهم أنماطاً أخرى من العمل، مع أنّهم يحاولون عملاً ثقافياً ما.
إنْ يكن الوضع، زمن ميشال إدّه وغسان سلامة وطارق متري، مرتبكاً، ما يحول دون انطلاقة فعلية لهم في عملٍ يُشبههم إلى حدّ كبير؛ فكيف سيكون عليه الوضع الآن، بعد اختيار تابعٍ لجهة سياسية حزبية طائفية، ضمن التركيبة اللبنانية القبائلية، وزيراً للثقافة وللزراعة في وقتٍ واحد؟
الحكومة الجديدة معادية لـ"انتفاضة 17 أكتوبر"، وسينمائيات الانتفاضة وسينمائيوها لن يروا فيها استجابة لأحلامهم ومطالبهم وحقوقهم. هذا منسحبٌ على وزارة الثقافة، إنْ تُدمج بوزارة الزراعة أو لا. فوزارة الثقافة "منبوذة" أصلاً من صانعي النظام الحاكم والمنخرطين فيه، وقبول طرفٍ منهم بها استجابة، طائفية وسياسية، لتوازنٍ داخل الحكومة، لا أكثر. وسينمائيات وسينمائيون عديدون، كفنانات وفنانين كثيرين، غير آبهين بها، لأنّ اشتغالاتهم أهمّ وأفضل وأجمل.