على الرغم من الحملة الدعائية المُسبَقة التي قامت بها شركة الإنتاج NMP، للمنتج اللبناني، نديم مهنا، وذلك من أجل الترويج لمسلسل "بردانة أنا"، إلا أنَّ العمل سقط في الحلقات الأولى في فخ الضعف، وخصوصاً من ناحية أداء مجموعة من الممثلين أوّلاً، وبرودة النص والمواقف المفترض أن تكون مصيدة لجذب وشد المشاهد، ثانياً.
يتناول المسلسل قصّة جريمة قتل كانت ضحيّتها زوجة مُعنّفة في بيروت. حُكي عن القضية كثيراً في السنوات الأخيرة. واستقطَبت اهتمام الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى إثرها، تولّت العديد من الجمعيات المدنية والإنسانية مُهمّة الدفاع عن النسوة المُعنّفات. قضايا التعنيف أثارت اهتمام القائمين على المسلسل والكاتبة كلوديا مرشليان، إذْ اعترفت بأنها أخذت مجموعة من الأحداث في "بردانة أنا"، بعد قراءاتها عن حالات تعنيف ضد النساء في بيروت، وأضافت عليها طبعًا أحداثاً تخيليّة، كي تكتمل بنية المسلسل.
أظهرت الحلقات الأولى للمسلسل ضعفًا واضحًا في طريقة تصوير المشاهد، وأداء الممثلين. ويلاحظ المشاهد مُحاولة زائدة لتمثيل حالات انفعاليَّة، وخصوصاً عند بطل المسلسل، بديع أبو شقرا. نفس الملاحظة تنطبق على شريكته في البطولة، كارين رزق الله، علمًا أنّهما الأفضل أداء من الناحية التمثيلية في المسلسل. في حين تطغى البرودة الواضحة على الممثلين الباقين. والواضح، أن الممثلة المخضرمة، رولا حمادة، ليست في أفضل حالها في هذا العمل، رغم دورها المحوري، كأمّ قتلت ابنتها "حنين"، بسبب الإهمال والتغاضي عن مشاكل "حنين" مع زوجها وعائلته. ابتعدت رولا حمادة عن الغوص في شخصية الأم التي تحاول الترفع عن عاطفتها كأم غارقة في الحزن على فقيدتها، ورأب الصدع الذي سببته هذه الخسارة، أمام إخوة "حنين" ومنهم شقيقتها التوأم "دانيا". إذْ تسعى "دانيا" للثأر ممن تسبب في هدم حياة شقيقتها، ووصل به الأمر إلى حدود قتلها. صورٌ فيها بعد حقيقي لا شك، لكنها تفتقدُ إلى الروح والحياة، خصوصاً بعد أن تحوَّلت إلى مسلسل. وكان جديرًا إظهار مجريات الأحداث باستخدام حرفية فنية دقيقة، نظراً لحساسية الإشكالية الدرامية المطروحة.
ثمَّة ضعف في اكتشاف ماهية الشخصيات والبناء النفسي المفترض لها، والذي يجب أن يظهر دون عناء لدى المشاهد. إذْ يجب أن يشعر المشاهد بحقيقيّة القصّة، ولو أن القصة مُقتبسة من واقع ممزوج بالخيال، لزوم التسويق. بل إنّ المسلسل لا يستوفي الشروط كاملة، أو أقله يعزز القناعة، أن الأحداث الواردة فيه واقعية، وليست خيالية، وقد تحصل في أي منزل.
مهمة شاقة على ما يبدو، أضعفت الطرح والسياق الدرامي لدى المخرج. لا تحريك فنيا للممثلين أو إسقاط على حقائق واقعية. فمثلاً، رغم تاريخها الطويل في التمثيل، ظهرت الممثلة، جناح فاخوري، بقالب اصطناعي غير مشوق في الدور المكلفة به. إضافة إلى أخطاء بالجملة في طريقة نقل صورة الأم المتسلطة.
يفتقد "بردانة أنا" إلى الروح التي تجعلنا نتضامن، أقله مع المعنفات، ليفتح سجالاً جيداً، أو أن يتحول لدعوة في الحدّ من التعنيف الأسري، والزوجي منه على وجه الخصوص.