حذرت دراسة نُشرت اليوم الإثنين، من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بدون اتفاق، يمكن أن يؤدي إلى فقدان 600 ألف شخص وظائفهم حول العالم، فيما سجل النموّ البريطاني تباطؤاً كبيراً عام 2018، بوتيرة هي الأضعف منذ نحو 6 سنوات، ووقّعت بريطانيا وسويسرا اليوم اتفاقاً للحفاظ على علاقاتهما التجارية في حال خروج لندن من الاتحاد بدون اتفاق مع بروكسل.
في التفاصيل، درس عدد من الباحثين في معهد "آي دبليو اتش" في هالي شرق ألمانيا، ما يمكن أن يحدث في حال انخفضت الواردات البريطانية من دول الاتحاد الأوروبي الباقية بنسبة 25% بعد بريكست. وقالوا إن نحو 103 آلاف وظيفة ستصبح مهددة في ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، و50 ألفاً في فرنسا.
إلا أنهم أشاروا إلى أن التأثر ببريكست لا يعني بالضرورة الاستغناء عن الموظفين. واعتبروا انه "نظراً لنقص العمالة الماهرة في العديد من الدول المتقدمة، فإن الشركات قد تحاول الاحتفاظ بالموظفين من خلال خفض ساعات العمل أو فتح أسواق جديدة".
وفيما لم يتضح حتى الآن، ما إذا كانت بريطانيا ستتوصل إلى اتفاق مع بروكسل قبل موعد الخروج في 29 مارس/ آذار، صرّح أوليفر هولتيمولر الذي شارك في إعداد الدراسة، بأن الخروج من الاتحاد دون التوصل إلى اتفاق، سيؤدي إلى فرض الرسوم الجمركية "ما سيعرقل سلسلة الإمداد عالمياً".
وركّز الخبراء فقط على التجارة في السلع والخدمات، ولم يتطرقوا إلى التأثيرات الاقتصادية المحتملة الأخرى لبريكست، مثل التغيرات على تدفقات الاستثمار. وأشاروا إلى أنه "نظراً لأن الأسواق مرتبطة ببعضها حول العالم، فإن المزوّدين من خارج الاتحاد الأوروبي سيتأثرون كذلك" بخروج بريطانيا بدون اتفاق.
وداخل دول الاتحاد الـ27 الباقية، فإن نحو 180 ألف وظيفة في شركات تصدر مباشرة إلى المملكة المتحدة، مهددة. إلا أن 433 ألف عامل آخرين في الاتحاد الأوروبي وحول العالم سيتأثرون كذلك، لأن مرؤوسيهم يبيعون السلع والخدمات إلى شركات تصدر بدورها إلى بريطانيا.
على سبيل المثال، وجدت الدراسة أن نحو 60 ألف عامل في الصين و3 آلاف في اليابان قد يخسرون وظائفهم. وفي المملكة المتحدة، قالت الدراسة بأن نحو 12 ألف وظيفة تعتمد على إمداد الشركات في الاتحاد الأوروبي، بمنتجات تباع بعد ذلك إلى بريطانيا.
لكن دراسة نشرت في وقت مبكر من العام أجراها معهد "كامبردج اكيومتيريكس"، قدّرت أن عدد الوظائف البريطانية المهددة في حال خروج بريطانيا دون اتفاق، يصل إلى 500 ألف وظيفة.
وفي ألمانيا فإن قطاع السيارات سيكون الأكثر تضرراً، حيث يبلغ عدد الوظائف المهددة 15 ألفاً، العديد منها في بلدة ولفسبورغ مقر شركة "فولكسفاغن"، وبلدة دينغولفينغ حيث مقر "بي.إم دبليو". كما أن قطاع الخدمات في فرنسا سيكون الأكثر تضرراً، بحسب دراسة "آي دبليو اتش".
أبطأ نموّ بريطاني في 6 سنوات
في غضون ذلك، سجل النموّ الاقتصادي في بريطانيا تباطؤاً كبيراً عام 2018، في وتيرة هي الأضعف منذ نحو 6 سنوات، كما أعلن اليوم الإثنين مكتب الإحصاء الوطني قبل أقل من شهرين على موعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، الذي لا تزال معالمه غير واضحة ووسط تراجع النموّ العالمي.
وأظهرت الأرقام التي نشرت اليوم بعد بيانات الأسبوع الماضي، أن قطاع الخدمات الكبير في بريطانيا توقف بشكل شبه كامل في يناير/ كانون الثاني.
كبير المستشارين الاقتصاديين لدى مجموعة نادي "إي.واي آيتم" للتوقعات الاقتصادية، هاورد آرتشر، قال إن "من الواضح أن الاقتصاد يعاني في الفصل الأول من 2019، وسط حذر كبير من جانب الشركات والمستهلك ناجم عن غموض متزايد إزاء بريكست، فيما نموّ عالمي أضعف له آثاره أيضاً".
وبلغت نسبة نموّ الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي 1.4%، أي بانخفاض عن نسبة 1.8% في 2017، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الوطني الصادرة اليوم الإثنين. وسجل النموّ 0.2% فقط في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2018، وفقاً لبيان للمكتب.
وقال مكتب الإحصاء: "في أعقاب تحسن النشاط في أشهر الصيف، لأسباب منها الطقس الدافئ وكأس العالم، فإن النموّ الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي تباطأ بشكل ملحوظ في الفصل الأخير من 2018، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4% في ديسمبر/ كانون الأول".
وأضاف أن "مردود (قطاعات) البناء والإنتاج والخدمات تراجع، وهي المرة الأولى التي يسجل فيها الناتج الشهري انخفاضاً واسع النطاق منذ سبتمبر/ أيلول 2012".
اتفاق على التجارة مع سويسرا
في سياق متصل، وقّعت بريطانيا وسويسرا، اليوم الإثنين، اتفاقاً للحفاظ على علاقاتهما التجارية في حال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق مع بروكسل.
ووقع وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس، ووزير الاقتصاد السويسري غاي بارميلين، اتفاق تجارة ثنائياً في برن اليوم الإثنين.
وقالت الحكومة السويسرية في بيان، إن "هذا الاتفاق الجديد يرسي الأسس للطرفين لمواصلة علاقتهما الاقتصادية والتجارية القوية، فور خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي".
وسويسرا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، إلا أن علاقاتها مع بريطانيا قائمة على أساس اتفاقات ثنائية بين برن والاتحاد. وفي حال تمكنت لندن وبروكسل من التوصل إلى اتفاق على خروج منظم من الاتحاد، فإنه سيستمر تطبيق الاتفاقات الثنائية بين سويسرا وبروكسل على بريطانيا، حتى نهاية المرحلة الانتقالية، بحسب البيان.
لكن في حال خروج بريطانيا من الاتحاد بدون اتفاق، فإن هذه الاتفاقات لن تسري على العلاقات السويسرية البريطانية، وستحل محلّها اتفاقات ثنائية جديدة.
وجاء في البيان أيضاً: "في حال خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، فسيبدأ العمل بهذه الاتفاقات على أسس انتقالية ابتداءً من 30 مارس/ آذار 2019".
وتُعدّ بريطانيا حالياً أكبر شريك تجاري لسويسرا، بينما تعتبر سويسرا خامس شريك تصدير لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي.
ووقّعت برن ولندن مجموعة من الاتفاقات لزيادة التعاون بينهما في قطاعات النقل البري والجوي والتأمين. كما وقّعتا اتفاقات للحفاظ على حقوق نحو 43 ألف بريطاني يعيشون في سويسرا، و35 ألف سويسري يعيشون في بريطانيا بعد بريكست.
(فرانس برس، العربي الجديد)