منذ لقائهما الأول عام 1931، جمعت بابلو بيكاسو (1881-1973) وألبرتو جياكوميتي (1901-1966) علاقة أساسها الحوار حول ضرورة عودة الفن إلى الواقع؛ مقابلات عديدّة ونقاشات متشعّبة حول تجربتيهما وحول مستقبل التشكيل، خصوصاً ما بعد الحرب العالمية الثانية.
رؤية بصرية مدروسة تضمّ مجموعةّ من أعمالهما وتسجيلات توّثّق حواراتهما، يتضمّنها المعرض الذي افتتح أمس في "مطافئ: مقرّ الفنانين" في الدوحة، والذي يستمر حتى الحادي والعشرين من أيار/ مايو المقبل، بتنظيم من "متاحف قطر" بالتعاون مع "متحف بيكاسو الوطني" و"مؤسسة جياكوميتي".
يضمّ المعرض أكثر من 120 عملاً تتنوّع بين اللوحات الفنية والمنحوتات والرسومات والصور والمقابلات مع الفنانيْن، والتي يُكشف فيها عن صداقتهما. فرغم الفجوة العمرية بينهما، إلا أن هناك العديد من المواقف الشخصية والمهنية كانت مشتركة بينهما.
يتألّف المعرض من ستة أقسام، ملقياً الضوء على زوايا مختلفة للإبداع الفني الذي أنتجه كل فنان، حيث يتتبع مسار تطوير أعمالهما الفنية منذ مرحلة الشباب وصولًا إلى إبداعاتهم الحداثية، موضحاً التوافق بين أعمالهما ومدى تأثّرها بالحركة السوريالية وعودة الواقعية في فترة ما بعد الحرب.
ومن الأعمال المعروضة: "البورتريه الذاتي" (1901)، و"امرأة تلقي حجراً" (1931) و"العنزة" (1950) لـ بيكاسو، و"زهرة في خطر" (1932)، و"امرأة طويلة القامة" (1960)، و"الرجل الذي يمشي" (1960) لـ جياكوميتي، إلى جانب مجموعة من المنحوتات النادرة الرقيقة، وبعض المقتنيات التي اكتُشِفت مؤخراً ومنها رسومات وأرشيف للصور، إضافة إلى نسخ طبق الأصل من أعمال الفنانين مخصّصة للمكفوفين.
كما تُنظّم ضمن فعاليات المعرض سلسلة من المحاضرات والبرامج التثقيفية المكثّفة حول الفنانين منذ بداياتهما وصولاً إلى مراحل النضج، وقوة طروحاتهما الفنية والفكرية وحدّتها في الحياة الفنية في أوروبا.