في أعقاب الكارثة التي هزّت بيروت في الرابع من الشهر الجاري، وقتلت أكثر من مئتي ضحية وأصابت الآلاف وأدّت إلى خسارة فادحة في الأحياء والبيوت ومساحات العمل على امتداد المدينة، أطلقت عدة جهات ومؤسسات ثقافية مبادرات مختلفة تسعى إما إلى دعم المجتمع الثقافي أو إلى مساهمة الثقافة في دعم المنكوبين.
من ذلك مبادرة مؤسستي "الصندوق العربي للثقافة والفنون - آفاق"، و"المورد الثقافي" اللتين أطلقتا مؤخراً حملة تحت عنوان "صندوق التضامن مع لبنان: حملة جمع تبرّعات لدعم المجتمع الثقافي والفني في بيروت"، والتي جاء في بيانها "ستبادر المؤسستان إلى تخصيص تمويل أوّلي من موازنتيهما وستشرفان على صرف التبرّعات للأفراد والمؤسسات المتضررة في القطاع الثقافي والفني في بيروت".
اتصل كلود لومان بعدد من الفنانين وطلب منهم أعمالاً فنية تكريماً لبيروت
ولفت البيان إلى أن المبادرة تعتمد "على ما سبقها من تعاون بين "المورد الثقافي" و"آفاق" في إطلاق صندوق التضامن لدعم الكيانات الفنية والثقافية في لبنان في شهر أيار/ مايو الفائت استجابة للتّحدّيات المتزايدة وقتذاك من انهيار اقتصادي وقيود مصرفية وتضخّم مالي غير مسبوق"، وأضاف "أتاحت لنا هذه المبادرة القيام بمسح للمؤسسات الثقافية والفنية والاطّلاع عن قرب على احتياجاتها وتحدياتها، مما سيسمح لنا الآن بتوظيف هذه التجربة والمعرفة في الاستجابة للاحتياجات المستجدّة".
تخصص التبرعات لإعادة البناء الطارئة لضمان سلامة المباني والممتلكات أو تسديد إيجار أمكنة مؤقتة في حالة التضرر الكامل؛ حماية وإيواء ونقل المجموعات الثمينة (صور، أفلام، أرشيف موسيقي وغيرها)، وإعادة تأهيل الأمكنة (أثاث وشبكات البنى التحتية للكهرباء)، وتصليح و/أو استبدال المعدّات الضرورية، ودعم الفنانين والفنانات الأفراد ممن خسروا منازل ومساحات عمل وأدوات خلال الانفجار.
من جهة أخرى، أعلن "معهد العالم العربي" في باريس عن مزاد سيقام في دار "كريسيتز" أيلول/ سبتمبر المقبل، يضم لوحات من مجموعة المقتني كلود لومان، الذي شهد جزءاً من الحرب الأهلية في لبنان، والمعروف بمبادراته المختلفة لدعم الفن والفنانين العرب.
دعوات إلى حملة إلكترونية لشراء أعمال الموسيقيين اللبنانيين
لومان سوف يعرض مئة مطبوعة ليثيوغراف لعشرات الفنانين، مأخوذة من مجموعته الشخصية، في مزاد في دار كريستيز بباريس، وتضم أعمال ثلاثة عشر فناناً هم شفيق عبود، ويوسف عبدلكي، وإيتيل عدنان، وأسدور، وضياء العزاوي، وفريد بلكاهية، وعبد الله بن عنتر، ومانابو كوتشي، وحسين ماضي، وماريو مورو وآخرين، وسيتم التبرع بمداخيل أعمالهم مباشرة إلى "الصليب الأحمر اللبناني".
وكما في وقت حريق نوتردام دي باريس، اتصل لومان أيضًا بعدد من الفنانين وطلب منهم أعمالاً فنية تكريماً لمدينة بيروت، حيث سيعرض حوالي خمسة عشر فنانًا من جميع أنحاء العالم أعمالهم في الشهرين المقبلين حول مدينة يرتبطون بها بطريقة أو بأخرى، ومن المشاركين ضياء العزاوي، وأيمن بعلبكي، وشوقي شوكيني، وسيمون فتال، وفاطمة الحاج، وعبد القادري، وبطرس المعري، ومحمود العبيدي، وفادي يازجي، وسوف تعرض هذه الأعمال على موقع معهد العالم العربي.
تعرض مسرحية "يلا باي" أمام مبنى معهد العالم العربي في باريس
سوف يفيد بيع الأعمال من مجموعة "تحية لبيروت" الفنانين أنفسهم ومتحف المعهد من أجل تمويل المعرض الكبير للفنانين اللبنانيين "أضواء لبنان"، الذي سيقام في آذار/ مارس المقبل، ويضم أعمال أربعة أجيال من فناني لبنان.
كما أعلن رئيس معهد العالم العربي، جاك لانغ، عن تظاهرة بعنوان "24 ساعة من أجل لبنان" سيعلن عن تفاصيلها لاحقاً، إلى جانب عرض "يلا باي" المسرحي أمام مبنى المعهد في باريس، والذي يقام من 20 إلى 22 من الشهر الجاري، وهو من إخراج جان كريستوف دوللي.
يقدم هذا العمل تقاطعًا بين شخصيتين تواجهان تصورات مختلفة جدًا عن لبنان: رجل ترك بلده ليعيش في فرنسا ويهرب من الحرب، وامرأة اختارت لبنان كوجهة سفر لها مدفوعة برؤية استشراقية اصطدمت بسرعة بواقع أقل شاعرية.
كذلك اشتركت منظمات ومؤسسات موسيقية في إطلاق نداء لحملة إلكترونية، تشجع شراء أعمال الموسيقيين اللبنانيين التي سيجري التبرع بثمنها لدعم الصليب الأحمر.
أيضاً أطلقت "جمعية تيرو للفنون" اللبنانية معرضاً افتراضياً بعنوان "من أجل بيروت" يدعو الفنانين من مختلف دول العالم إلى المشاركة بأعمال فنية من شتى أشكال الفنون البصرية تتناول لبنان وبيروت بالخصوص.