"خروج..آلهة وملوك"

30 ديسمبر 2014
كريستان بايل (العربي الجديد)
+ الخط -
اعتبر النقاد المصريون أنّ الأزهر هو وراء منع عرض فيلم "خروج..آلهة وملوك"، للمخرج الأميركي ريدلي سكوت، في مصر واتهموه بالقول: "هو الأيدي الخفية والعليا التي تقف وراء هذا القرار"، واصفين وزير الثقافة المصرية بأنّه: "يسعى إلى إعادة علاقته بالأزهر على حساب الإبداع الذي دفع الثمن". 

وأوضح رئيس هيئة الرقابة في مصر، الدكتور عبد الستار فتحي، في تصريحات خاصّة لـ "العربي الجديد"، أنّ:" سبب منع عرض فيلم" الخروج.."آلهة وملوك" في مصر، يعود إلى عدم تضمّنه حقائق تاريخية ويجهض التاريخ أساساً"، وتساءل: "كيف يسند صنّاع الفيلم بناء الأهرامات إلى اليهود، فهذه الجزئية وحدها كارثة وبها تزييف بشع للتاريخ، فكيف نعرضه في بلدنا؟" وأوضح أنّ: "مصر ليست الدولة الأولى التي تتخذ قراراً بمنع عرض الفيلم، بل سبق واتُخذ القرار نفسه في المغرب".

وأكمل عبد الستار قائلاً: "الفيلم بمعظمه مبني على عدة محاور لا تمت للحقيقة بصلة، وفيها الكثير من الكذب والمراوغات غير المبررة ويظهر المصريين كما لو أنّهم شعب غوغائي معذِّب لليهود"، مضيفاً: "من الصعب جداً أن يقال، أنّ منع عرض هذا الفيلم هو تكميم لصوت الإبداع وحرية التعبير. فما يوجد في هذا الفيلم ليس له أدنى علاقة بالإبداع، فكيف نقدّم وجبة من الزيف والخداع ونقول عليها إبداع".

ونفى عبد الستار، علاقة مؤسسة الأزهر الشريف بالتدخل في قرار منع الفيلم "لأنّ رجال الأزهر في الأساس لم يشاهدوه، فكيف إذاً يقال أنّهم وراء منع العرض"!

وأنهى رئيس الرقابة كلامه: "إنّ قرار منع عرض الفيلم نهائي وأخير ولا رجوع عنه مهما تعرّض إلى ضغوطات" مردّداً: "لن نتراجع عن القرار الذي كان بالإجماع مع كل فرد من العاملين في هيئة الرقابة على المصنفات الفنية. فهل نقدم للمصريين فيلماً يسلب كافة حقوقهم التاريخية؟ فالفيلم صهيوني بحت يعمل فقط لمصلحة العدو الصهيوني".

اللافت أنّه، على الرغم من تصريحات عبد الستار فتحي وتأكيده الشديد أنّ "الفيلم جاء مزيفاً للحقائق بشكل كبير"، إلاّ أنّ نقّاد مصر اعتبروا أنّ "قرار المنع يعد فصلاً جديداً في فصول كبت حرية الإبداع الذي لن ينتهي"، وعلى الرغم أيضاً من تأكيد رئيس الرقابة أن "الأزهر لم يتدخل"، إلاّ أنّ هناك من اعتبر أنّ الرقيب يحاول إبعاد الأزهر بعد حملة الهجوم مؤخراً عليه، بتدخله في الفن، ولكنّه هو صاحب اليد العليا في القرار.

الناقدة المصرية ماجدة خير الله، هاجمت منع عرض الفيلم قائلة: "اندهشت بشدة من التبرير غير المنطقي لعدم عرض الفيلم في مصر، استناداً إلى وجود تزييف للتاريخ وللحقائق". وتابعت: "إنّ الإصرار على استخدام هذا التبرير في الحجب ومنع عرض الأعمال الفنية على الجمهور، بات مستهلكاً ومملاًّ بشكل كبير. كتب التاريخ نفسها تحتوي على أخطاء تاريخية، فالتاريخ ليس كتاباً مقدساً، فهو لا القرآن الكريم، ولا الإنجيل كي لا يحمل اختلافاً في وجهات النظر ولا تحريف فيه".

واتهمت ماجدة مؤسسة الأزهر بأنّها "صاحبة المنع لا لشيء، سوى لأنّ العمل يعرض النبي موسى عليه السلام، ولا يوجد سوى الأزهر هو الذي يرفض ظهور شخصيات الأنبياء على الشاشة، علماً بأنّ النبي موسى سبق أن تم تجسيده في فيلم "الوصايا العشر" الذي عرض في الخمسينيات للمخرج سيسيل دي ميل".

من ناحيته قال الناقد الفني المصري، طارق الشناوي: "إنّ الأزهر هو من يقف وراء هذا القرار بمنع عرض الفيلم، وليس هو فقط، بل وأيضاً الرقابة على المصنفات الفنية"، داعياً (الشناوي) وزير الثقافة المصري، إلى أن يكون له موقف حاسم حيال تدخل الأزهر بهذا الشكل في حرية الإبداع وضرورة معرفة كل شخص ومؤسسة لمهامها المحددة".

وفي لقاء تلفزيوني للروائي يوسف القعيد قال فيه: "لست مع قرار منع عرض الفيلم"، مؤكداً أنّ "القرار لن يمنع الفيلم من العرض أو الوصول إلى الجماهير والتأثير عليهم. فهناك العديد من الوسائل المتوفرة لأن يرى الجمهور الفيلم"، مشيراً إلى أنّه "ضد كل ما هو صهيوني"، واصفاً الفيلم "بالمعادي"، ولكنه في الوقت نفسه ضد منع العرض تماماً.

وأكمل القعيد قائلا: "إنّ وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور، حين قرر الرجوع إلى مؤسسة الأزهر قبل اتخاذ قرار منع عرض الفيلم، دلّ على أنّه يحاول إعادة إصلاح علاقاته بشيخ الأزهر التي توترت بشكل كبير للغاية بعد حديثه عن منع فيلمي الحسين شهيداً والحسين ثائراً".

وأنهى كلامه بالقول: "كنت أتمنى أن يتم الرد على هذا الفيلم، بفيلم لا يقل عنه أو بفيلم تسجيلي أو حتى كتاب، إذ نملك مكتبة كاملة ترد على مزاعم الصهاينة"، موضحاً أنّ: "دور الرقابة في دول العالم المتقدم أصبح يقتصر على تحديد الفئات العمرية التي تشاهد هذا الفيلم فقط، وليس أكثر من ذلك".


وكان فيلم"الخروج.. آلهة وملوك"، قد تعرض للمنع في المغرب أيضاً، إذ أصدرت السلطات المغربية قرارًا بمنع عرضه بعد ساعات قليلة من عرضه. إذ كانت قد وافقت على عرضه من دون أي مشاكل مع شرطها بالإشارة إلى عدم مشاهدة الفيلم لمن هم دون سن السادسة عشرة حتى لا يفهموا مضمون الفيلم بشكل خاطئ. إلاّ أنّها عادت وقررت سحب الفيلم من دور العرض المغربية، ما أدى إلى حالة من القلق والارتباك الشديد في دور السينما، ووجود علامات استفهام حول سبب هذا التراجع، علماً بأن بياناً إعلامياً صدر عن السلطات المغربية يؤكد قبل قرار المنع بإيجاز عرضه باعتباره عملًا فنياً حاول تصوير القصة في قالب إبداعي وفق تصور المخرج".

يُذكر أنّ خروج.. الآلهة والملوك ( Exodus: Gods and Kings) يروي القصة الملحمية للنبي موسى في العهد القديم، منذ ولادته والموت يحيط به من كل جانب، حتى إنقاذه بأعجوبة وهو رضيع، مروراً بتبنيه من قبل منزل العائلة الحاكمة في مصر، وصولًا لتحديه الفرعون وسلطته الطاغية. ويلقي الفيلم بظلاله على علاقة بني إسرائيل وفرعون وجنوده وكيف عانوا تحت حكمه من الذل والعبودية. ووصف محاولات موسى المضنية لإنقاذ بني إسرائيل من العبودية.

دلالات
المساهمون