يأتي اكتشاف رواية مجهولة لطه حسين (1889 – 1973) كان قد نشرها عام 1915 على حلقات في مجلة "السفور" المصرية، متأخراً لعوامل تتعلّق بتجاهل المؤسسة الثقافية الرسمية عقوداً طويلةً أرشفة المجلة التي صدر العدد الأول منها قبل أكثر من مئة عام، وأثارت الجدل حولها بسبب جرأة طروحات كتّابها حيال العديد من القضايا الاجتماعية.
لكن يبدو أن الإعلان عن قرب صدور مجلّد يحتوي كامل أعداد "السفور" عن "دار الكتب والوثائق القومية" في القاهرة منذ أيام، ساهم في الكشف عن الرواية، وربما ظهرت كشوف أخرى لكتّاب آخرين نشروا في المطبوعة الأسبوعية ذاتها، ومنهم: محمد تيمور ومصطفى وعلي عبد الرازق ومحمد حسين هيكل ومنصور فهمي وحسن محمود.
على الأغلب، لن تمثّل رواية "خطبة الشيخ" أهمية على المستوى الفني، لأنها كُتبت في سن مبكّرة من حياة صاحب "دعاء الكروان"، بعد عودته بمدة قصيرة من الدراسة في فرنسا، إلاّ أنها توثّق لمرحلة شهدت صراعاً فكرياً بين نخب ليبرالية ومحافظة، وإن عُدّ ذلك تصنيفاً غير دقيق بالمطلق، إذ انحاز عدد من شيوخ الأزهر حينها إلى دعوات تحرّر المرأة وتشجيع الفنون والموسيقى.
في هذه الرواية، اعتمد صاحب "المعذبون في الأرض" على 15 رسالة متبادلة بين شخصيات روايته، وهم: الابنة المعلّمة إحسان، وصديقتها أسماء، والأب سيد رحمي، والخطيب الشيخ علاّم، وقاضي المحاكم الشرعية الشيخ زهران.
وتناقش أحداثها حق المرأة في التعليم وحرية الفكر والحياة والزواج، والجدال حول ما طرأ على الحياة من تطوّر في تلك الفترة، خصوصاً في ما يتصل بمفهوم العلاقات العاطفية، وغيرها من الأفكار التي تبدو صادمة للأعراف الاجتماعية والتقاليد في مصر آنذاك.