دراما "داعش" الواقع بعيداً عن الأسباب
ربيع فران
ربيع فران
صحافي وناقد فني لبناني. من فريق صحيفة موقع العربي الجديد قسم المنوعات.
مباشر
أيّامٌ قليلة، وتبدأ المنافسة الدراميّة لموسم رمضان 2017. تساؤلات كثيرة حول بعض الإنتاجات الجديدة التي تطرح مسألة الإرهاب في العالم العربي، وبدا الاتجاه واضحا نحو تناول ظاهرة التنظيمات الإرهابية، لما تحمله فكرة الإرهاب، والواقع اليومي لهذه التنظيمات من تشويق وجذب للمشاهدين. لكن، هل تصل هذه الأعمال إلى مبتغاها، أم تبقى مجرد استعراض درامي تجاري، لرفع نسب المشاهدة؟
لعبت الدراما السورية منذ سنوات على وتر الحرب والتهجير والإرهاب. لكن حتى اليوم، لم يقوَ صناع الدراما على تفكيك أسباب الكارثة، أو شرح تفاصيل حقيقية لما حصل في سورية منذ بداية الثورة عام 2011. وكل ما عرض في السابق، لم يتعد إطار الرسائل العاطفية التي تقف على أطلال الحرب والدمار، في حين تأتي محاولات البعض لطرح قضية الإرهاب، كمجرد عامل مساعد يقوي من الترويج للمسلسل، وتفاعل الجمهور مع مادة يُقال عنها درامية، لكنّها لا تخرج من الإطار الترويجي الأقرب إلى التجارة.
"غرابيب سود"
لا يمكِن تصنيف عنوان مسلسل "غرابيب سود" إلا في دائرة اللعب على عواطف الجمهور. كلمة "غرابيب سود" مأخوذة من "سورة فاطر" في القرآن الكريم. وفُسِّرَت بأنها جمع للفظة غربيب. والغربيب، لغوياً، هو اسم الشيء الأسود الحالك في سواده.
ويبدو أن كاتب المسلسل الذي عايش الأحداث على أرض الواقع في سورية، وجد في ذلك مدخلاً لتفاصيل الأحداث، والتي بحسب المعلومات، جرت في مدينة الرقة، وفي الشمال من مدينة حلب، وهي مناطق شهدت أكثر الوقائع دموية في الحرب السورية. واستعان الكاتب، علي سليم، بمجموعة من المكونات التي فرضتها التنظيمات الإرهابية في وقت قياسي. وتتناول المشاهد بعض اليوميات لسيدات جنَّدْن في التنظيم الإرهابي نفسه. ويلعب الكاتب على وتر تناول قصة كل واحدة منهنّ، وكيفية تجنيدها والتحاقها بالتنظيم. وتُصوِّر بعض القصص حقائق حصلت في بعض المدن السورية، ثم يبدأ الكشف عن الممارسات التي ينتهجها التنظيم تجاه المنتسبات، وإغوائهنّ بشتى الوسائل. بدءًا من ذريعة الدين واللعب على الوتر العصبي الطائفي في أمور جوهرية، تجعل من أهل القرية أو المدينة ينقلبون على واقعهم بشكل لافت. ويطرح سليم في المقابل، مسألة تطويع بعض النصوص الدينية وتحريفها وإخراجها عن سياقها الموضوعي بما يتناسب مع غايات التنظيم الإرهابي السياسية التوسعية، ومصالح قادته الشخصية.
ويوضّح المسلسل كيف يتم استغلال الذرائع نفسها لامتهان المرأة، وزجّها فيما يُسمّى بـ "جهاد النكاح"، فيما يُقذف بالشبان والفتية، بل وحتى الأطفال إلى الموت، تحت مظلة فتاوى يتم تفصيلها على قياس قادة التنظيم وخدمةً لأهدافهم.
قصص متقاطعة في "غرابيب سود" وفق ما يفصّل، البيان الإعلامي عن المسلسل، وحياة كل شاب وفتاة ينتهي بهم المطاف فرائس في براثن الإرهاب. ولاحقاً، يرصد "غرابيب سود" ما يحدث للمنتسبين الجدد، إذ سرعان ما تفتر حماستهم ما أن يبدأوا باكتشاف حقيقة التنظيم، ليجدوا أنفسهم في مأزق يتمثّل في استحالة الهروب من المقرّ الذي يصبح، مع مرور الوقت، أشبه بمعتقل فكري ونفسي للمنتسبين، وتبدأ معه وحشية التنظيم الإرهابي في التعامل مع ضحاياه.
لعبت الدراما السورية منذ سنوات على وتر الحرب والتهجير والإرهاب. لكن حتى اليوم، لم يقوَ صناع الدراما على تفكيك أسباب الكارثة، أو شرح تفاصيل حقيقية لما حصل في سورية منذ بداية الثورة عام 2011. وكل ما عرض في السابق، لم يتعد إطار الرسائل العاطفية التي تقف على أطلال الحرب والدمار، في حين تأتي محاولات البعض لطرح قضية الإرهاب، كمجرد عامل مساعد يقوي من الترويج للمسلسل، وتفاعل الجمهور مع مادة يُقال عنها درامية، لكنّها لا تخرج من الإطار الترويجي الأقرب إلى التجارة.
"غرابيب سود"
لا يمكِن تصنيف عنوان مسلسل "غرابيب سود" إلا في دائرة اللعب على عواطف الجمهور. كلمة "غرابيب سود" مأخوذة من "سورة فاطر" في القرآن الكريم. وفُسِّرَت بأنها جمع للفظة غربيب. والغربيب، لغوياً، هو اسم الشيء الأسود الحالك في سواده.
ويبدو أن كاتب المسلسل الذي عايش الأحداث على أرض الواقع في سورية، وجد في ذلك مدخلاً لتفاصيل الأحداث، والتي بحسب المعلومات، جرت في مدينة الرقة، وفي الشمال من مدينة حلب، وهي مناطق شهدت أكثر الوقائع دموية في الحرب السورية. واستعان الكاتب، علي سليم، بمجموعة من المكونات التي فرضتها التنظيمات الإرهابية في وقت قياسي. وتتناول المشاهد بعض اليوميات لسيدات جنَّدْن في التنظيم الإرهابي نفسه. ويلعب الكاتب على وتر تناول قصة كل واحدة منهنّ، وكيفية تجنيدها والتحاقها بالتنظيم. وتُصوِّر بعض القصص حقائق حصلت في بعض المدن السورية، ثم يبدأ الكشف عن الممارسات التي ينتهجها التنظيم تجاه المنتسبات، وإغوائهنّ بشتى الوسائل. بدءًا من ذريعة الدين واللعب على الوتر العصبي الطائفي في أمور جوهرية، تجعل من أهل القرية أو المدينة ينقلبون على واقعهم بشكل لافت. ويطرح سليم في المقابل، مسألة تطويع بعض النصوص الدينية وتحريفها وإخراجها عن سياقها الموضوعي بما يتناسب مع غايات التنظيم الإرهابي السياسية التوسعية، ومصالح قادته الشخصية.
Twitter Post
|
ويوضّح المسلسل كيف يتم استغلال الذرائع نفسها لامتهان المرأة، وزجّها فيما يُسمّى بـ "جهاد النكاح"، فيما يُقذف بالشبان والفتية، بل وحتى الأطفال إلى الموت، تحت مظلة فتاوى يتم تفصيلها على قياس قادة التنظيم وخدمةً لأهدافهم.
قصص متقاطعة في "غرابيب سود" وفق ما يفصّل، البيان الإعلامي عن المسلسل، وحياة كل شاب وفتاة ينتهي بهم المطاف فرائس في براثن الإرهاب. ولاحقاً، يرصد "غرابيب سود" ما يحدث للمنتسبين الجدد، إذ سرعان ما تفتر حماستهم ما أن يبدأوا باكتشاف حقيقة التنظيم، ليجدوا أنفسهم في مأزق يتمثّل في استحالة الهروب من المقرّ الذي يصبح، مع مرور الوقت، أشبه بمعتقل فكري ونفسي للمنتسبين، وتبدأ معه وحشية التنظيم الإرهابي في التعامل مع ضحاياه.
الاستعانة بثلاثة مخرجين للعمل نفسه، يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة، منها اعتماد التشويق أسلوباً للمسلسل بطريقة واضحة من خلال الإعلان الترويجي، القائم على "الأكشن" والمستمد من السينما الأميركية في تقديم موضوع يشغل الناس، على أمل زيادة جرعة الإثارة الدرامية من خلال ما يوفره موضوع الإرهاب من مشاهد تعتمد على المطاردات والإيقاع السريع.
وعلى الخط الذكوري العربي، يقدم المسلسل التراتبية الهرمية في القيادة للتنظيم، ومن يتولى المسؤوليات، في صورة مأخوذة عن واقع هذا التنظيم. فهناك الأمير وهو المدير المركزي للخلية، ويتكئ بدوره على مسؤول الإفتاء الذي يفصّل ويفسّر الأحاديث والآيات، فيُظهر ما يريد منها، ويغيّب ما لا يريد، محرّضاً وموجهاً إلى إبادة الآخر، ونبذ التعايش وضرب النسيج الاجتماعي واستهداف المدنيين والآمنين. إلى ذلك، نجد ديوان المال والمسؤول عنه الذي يحافظ على تحقيق موازنة مالية تضمن ولاء الجانب العسكري من ناحية، ودعم كل إمكانات الدولة الداعمة، وعمليات الجهاد الالكتروني وغيرها من ناحية. وهناك أيضاً، المشرف على الأطفال وكيفية تطويعهم وتدريبهم وإعدادهم عسكرياً، ومسؤول آخر عن تجهيز الهجمات الانتحارية.
"شوق"
تعودُ المخرجة، رشا شربتجي، في عمل جديد، لعله لا يبتعد في المضمون عن التركيز على الجو الإرهابي الذي تعيشه سورية. محاولة أخرى من مخرجة "الولادة من الخاصرة" لنقل حكايات عن الأزمة السورية في قالب لا تبتعد فيه عن استعمال النساء كضحايا في النزاع القائم، واتخاذ ذلك كنواة درامية للعمل كاملاً من خلال خطف النساء والتنكيل بهن أثناء الخطف، والرابط بين الحالة الاجتماعية والواقع المستجد، وفق صورة أعدتها شربتجي، ترتبط بالشؤون اليومية للشباب المهجرين، وحكايات الانتقال إلى بيروت. لا حكم نهائيا قيميا على المسلسلين، لكن، أسئلة كثيرة، مُرشحة لما بعد العرض، مع بداية رمضان، قد تكشف عن تفاصيل، لعلها أدق في رسم صورة واضحة عن الهدف الحقيقي لهذه الأعمال.
المساهمون
المزيد في منوعات