يقول ناشط إعلامي من تدمر، طلب عدم ذكر اسمه لـ "العربي الجديد"، إن "الوضع في المدينة، يتغيّر يوماً بعد آخر"، موضحاً أنّه "في البداية، لم يتعاط عناصر التنظيم مع الأهالي، وخصوصاً بعدما أعلنوا في الجوامع ما هو مسموح وما هو محظور، فتجاوب معهم الأهالي". ويضيف الناشط أنّ "الأمور مع الوقت تغيّرت وأصبح التنظيم يضيّق على الأهالي ويتدخل في شؤونهم اليومية، في ظل ارتفاع الأسعار، بالتزامن مع ازدياد نسبة البطالة في المجتمع التدمري".
من جهته، يؤكد الناشط الإعلامي، فراس الحمصي، لـ "العربي الجديد"، أنّ "أهالي تدمر بدأوا يتململون من هذا الوضع، إذ شدّد التنظيم رقابته على سلع المحال التجارية، مصادراً معظم المواد بحجة أنها صناعة تركية أو خليجية". وقام التنظيم بمداهمات للمنازل وأجبر ساكنيها على تركها بحجة انتماء أبنائهم للصحوات، (كل من يخالف داعش من المعارضة أو الفصائل الإسلامية)، ليقطن عناصره مكانهم".
ويلفت الحمصي إلى أن "حركة النزوح عادت إلى تدمر، منذ أيام، بعد القصف العنيف الذي تعرّضت له المدينة من قبل طيران قوات النظام، وراح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، ما تسبب في نزوح نحو 15 ألف نسمة خلال ساعات"، مشيراً إلى أنّ "التنظيم يشترط النزوح إلى مناطق تقع تحت سيطرته، مثل القريتين أو الرقة أو دير الزور، إضافة إلى عدد من المخيمات المقامة على الحدود العراقية السورية".
اقرأ أيضاً: جريمة خالد الأسعد... التاريخ يخسر "حارس تدمر" ومكتشفها الحديث
ويشير الحمصي إلى أنّ "التنظيم لم يكتف بذلك، فقام، أخيراً، بدوريات تفتيش أجهزة هواتف السكان الخاصة، ومنع الموظفين من الذهاب إلى عملهم في أماكن سيطرة النظام المجاورة. كما تم إلغاء المدارس وإجبار الطلاب على ارتياد معاهد التنظيم، التي تعلمهم الفقه والرياضيات واللغة العربية". ويشرح الناشط الإعلامي أنّ "معاهد داعش تسمح بتعليم الفتيات ما دون الــ10 سنوات، والفتية ما دون الـ15 عاماً، ليلحقهم في ما بعد، بمعسكريْن أنشأهما التنظيم خصوصاً للأطفال، يتلقون فيهما تدريبات عسكرية، إضافة إلى دروس الشريعة"، مبيّناً أن "الالتحاق بالمعسكرات ليس إجبارياً، بعكس المرحلة التعليمية التي يعمل التنظيم من خلالها على التعبئة الفكرية للأطفال بمعتقداتهم الجهادية".
ويوضح الحمصي أنّ "التنظيم يحاول تعويض الناس عن تدهور أوضاعهم المعيشية، لإبقائهم في المدينة، من خلال تعويضات شهرية لكل عائلة، قدرها 50 دولاراً، إضافة إلى معونات غذائية كل شهرين"، لافتاً إلى "وجود مجموعات من الأهالي تعمل في المجال الإغاثي، من دون أي اعتراض من التنظيم".
وعلى الرغم من استمرار بعض السكان في ممارسة أعمالهم التجارية، إلّا أنّ التنظيم يفرض عليهم إغلاق محالهم في أوقات الصلاة، على أن تتوقف عن العمل عند الساعة الـ11 ليلاً"، وفقاً للناشط نفسه. أما الاتصالات في المدينة، يوضح الحمصي أنها تعتمد على الإنترنت، إذ "توجد في المدينة مقاهٍ خاصة للتواصل عبر الإنترنت خاضعة لرقابة التنظيم المشدّدة. فالراغب بالدخول إلى المقهى، يتم أخذ بيانات بطاقته الشخصية الكاملة، ويمنع من استخدام الإنترنت خارج المقهى، في وقت تقوم دوريات التنظيم بالتدقيق على المحادثات والمكالمات داخل المقاهي".
وللنساء قوانين خاصة يفرضها "داعش". يقول الحمصي إنّ "واقع النساء في تدمر لا يختلف عن باقي المناطق المهيمن عليها التنظيم، إذ يفرض عليهن ارتداء اللباس الشرعي، كما أنّ هناك هيئة شرعية للفتيات، تتولى متابعتهن وتفتيشهن ومعاقبتهن"، لافتاً إلى أن "التدقيق على اتمام النساء بالصلاة أقل منه على الرجال، إذ يمنع دخول النساء إلى المساجد، كما يسمح لهن بالتجول وقت الصلاة بلباسهن الشرعي". وحول "تطبيق الحدود"، يفيد فراس، أن "التنظيم ينزل أشدّ عقوباته بمن يخالف تعليماته، لكن الناس تحاول تفادي الأمر قدر المستطاع".
يشار إلى أنّ تنظيم "داعش" سيطر على مدينة تدمر في شهر مايو/أيار الماضي، متقدماً في ريف حمص الشرقي، من دون خوضه معارك تُذكر مع قوات النظام، التي عادت بطيرانها إلى قصف المدينة بعشرات الغارات، أخيراً.
اقرأ أيضاً: بيانات اليونسكو وتدمير الآثار: "قلق" و"استنكار" و"هلع"