نشرت صحيفة "الغارديان" مقالاً بعنوان "عار بريطانيا، واجب بريطانيا"، انتقدت فيه المقاربة البريطانية، في التعامل مع الدور السعودي في مأساة اليمن، ووصفت حصار قطر بـ"المبادرة الهوجاء" التي "بدت كأنها قد تأتي بنصر سريع، لكنها تحولت إلى مأزق".
واعتبرت الصحيفة أن اختتام زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لبريطانيا، الجمعة الماضي، تزامن مع إعلانين مهمين: الإعلان الأول كان صفقة مساعدات قيمتها 100 مليون جنيه إسترليني، وصفت فوراً على أنها "عار وطني". بينما تقول وزارة التنمية الدولية البريطانية إنها ستعتمد على مجموعة من الخبرات لدعم البنى التحتية في الدول الفقيرة، يقول منتقدوها إن هذه الصفقة جاءت لتنظيف صفحة المملكة العربية السعودية، والتي تحتاج لـ"حملة علاقات عامة" من هذا القبيل لدورها الرئيسي فيما يجري في اليمن.
أما الإعلان الثاني فكان من قبل شركة "أنظمة بي إيه إي" للصناعات الدفاعية، إذ كشفت عن إتمام صفقة طال انتظارها بتقديم 48 طائرة تايفون مقاتلة للسعودية. وتمتلك السعودية 72 طائرة في أسطولها الجوي حالياً، ويستخدم بعضها حالياً في الحرب في اليمن.
ونقلت الصحيفة عن "الحملة ضد تجارة الأسلحة"، والتي تتخذ من لندن مقراً لها، أن الحكومة البريطانية منحت رخصاً بصفقات سلاح للسعودية بما قيمته 4.6 مليارات جنيه إسترليني منذ بدء حملتها الجوية في اليمن عام 2015.
وعلى الرغم من أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عبرت مراراً عن "قلقها العميق" بشأن الحرب، في محادثاتها مع ولي العهد، وفي حين تتباهى بريطانيا دائماً بتوفير المساعدات الإنسانية، إلا أنها تستمر في توفير السلاح الذي يزيد من استعار أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وتدعم الحملة الجوية السعودية".
ووفقاً لتصريحات الأمم المتحدة، يواجه 8.5 ملايين يمني خطر المجاعة حالياً، بينما وصفت أوضاع المعيشة هناك بأنها "كارثية"، بالإضافة إلى الوضع الصحي المتردي.
إلى ذلك، رأت "الغارديان" أنه يتوجب على مبعوث الأمم المتحدة الجديد الخاص باليمن، مارتن غريفيث، محاولة إعادة إحياء فرص الحل السياسي، فـ"مهما كانت آمال ولي العهد السعودي، لا حل عسكريا في اليمن".
وأضاف كاتب المقال أن حرب السعودية في اليمن أصبحت تُعرف باسم "فيتنام السعودية"، وهو ما "تلقفته إيران بسعادة، فقد أوقع دعم إيران للمتمردين الحوثيين عدوتها اللدودة في فخ حرب تستهلك مواردها وأرواح المدنيين اليمنيين (..) إن المحاولات السعودية لإيجاد مخرج من هذا المأزق، والتي تجلّت في محاولة إقناع حليف الحوثيين والرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بالانقلاب ضدهم، تكللت بنجاح لم يعش طويلاً، وانتهى بمقتل صالح على يد الحوثيين".
أما الرئيس اليمني الحالي والمعترف به دولياً، عبد ربه منصور هادي، والذي خلف صالح في إطار "الربيع العربي"، الذي انقلب عليه الحوثيون، "يقود حكومة وجودها على الأرض ربما لا يذكر".
وحرصت "الغارديان"، في المقال، على تحديد رؤيتها للحل في اليمن، بالتأكيد على "مبادرة سلام ناجحة، يجب أن تشمل جميع الأطراف المحلية والخارجية، والذي ربما يبدو شديد التعقيد، إلا أن صفقة بسيطة لا ترتبط بالواقع لا يمكن لها أن تصمد. سيتطلب الأمر أن تكون الرياض أكثر وضوحاً وواقعية في مطالبها. أما دور بريطانيا المخجل في اليمن فيفرض عليها حملاً أكبر في أن تتابع هذا الحل، ولكنها تركز الآن على الهواجس الأمنية ومبيعات طائرات التايفون فقط".
وبالإضافة إلى ما وصفته "الغارديان" بـ"اندفاع" ولي العهد في حرب اليمن، أشارت إلى أنه أتبع ذلك بـ"مبادرة هوجاء أخرى بحصار قطر، الذي بدا وكأنه قد يأتي بنصر سريع، لكنه تحول إلى مأزق حالياً".
وأبرزت الصحيفة أن "ولي العهد، البالغ من العمر 32 عاماً، الحاكم الفعلي للبلاد، قد تم الاحتفاء به لتقديمه إصلاحات اجتماعية وثقافية، حيث سمح للنساء بقيادة السيارات، وأعاد دور السينما للبلاد بعد منع دام 35 عاماً، إلا أنه يحكم قبضته على السلطة في البلاد في الوقت ذاته، ومن دون رحمة".