وتطرّق المُنتج الفني إلى مشاكل الشباب والظلم والقهر الاجتماعي والفساد وتغوّل أصحاب المال والأعمال وإخفاقات السلطة في تحقيق الحياة الكريمة للجزائريين، على الرغم مما تملكه البلاد من مقدرات، بالإضافة لإهدار السلطة المال العام، ومشاكل الصحة، والبطالة بين حاملي الشهادات الجامعية.
وتقمّص الشاب أنس تينا شخصية شاب جزائري اسمه فارس، المتشرد المشهور الذي يعيش وسط العاصمة الجزائرية، والمعروف بعبارة "يا جان راك زعفان"، وتعني "يا شاب هل أنت غاضب".
وانتقد أنس تينا تخويف السلطة الجزائريين بعودة الإرهاب واللاأمن، في إشارة منه إلى بث التلفزيون الجزائري نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي صوراً قاسية وصادمة عن المجازر التي ارتكبت في حق الجزائريين في سنوات الأزمة الأمنية الدامية في التسعينيات.
وتضمّن الفيديو إشارة إلى موجة هروب الشباب من الجزائر بسبب غياب الأمل في الحياة الكريمة، وانكماش الأفق بالنسبة للشباب، الذي بات يفضّل الهجرة السرية عبر قوارب الموت على البقاء في الجزائر.
ويقول الباحث المتخصص في الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، هواري حمزة، إن "فيديو "راني زعفان لأنس تينا يأتي في سياق موجة نشر عالمية للتعبير عن رفض التهميش والتعبير عن آلام الطبقات بالعديد من المجتمعات، حيث تعالج المنشورات سمات مشتركة كالعنصرية والتهميش والحرمان ضمن قوالب للتعبير عن أوجاع الشعوب ورغبتها بالحرية والعدل".
وعلّق هواري على فيديو أنس تينا قائلاً "جلي أيضاً أن أنس جاء بكلمات جديدة، وإن لم يأت بمواضيع جديدة ليعالجها، لأن الأوجاع ذاتها لم تتغير وذلك لأن الأوضاع لم تتغير"، واعتبر أن "هناك حالة من الإبداع في المنتج الفني عبر نفخ الروح في الكلمات الجزائرية، وفي نمط من التعبير الفني الملتزم، الذي اتخذ موقع يوتيوب ملاذاً له، لأنه ببساطة فضاء منفلت من أي سلطة يمكن أن تمارس عليه رقابة، وأيضاً فضاء لتحقيق الشهرة التي لم تكن يوماً جريمة، حيث حقق الفيديو 700 ألف مشاهدة في أقل من 12 ساعة بعد بثه". وتجاوزت مشاهدات فيديو "راني زعفان" مليون مشاهدة في أول يوم من طرحه على "يوتيوب"، ويتوقع أن يواصل الفيديو حصد المشاهدات خلال الأيام المقبلة.
وبحسب متابعين فإن تزامن توقيت بث هذا الفيديو مع الانتخابات البلدية التي ستجرى في الجزائر في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري هو محاولة لتحريض الناخبين على عدم التصويت، وصورة تعبيرية عن اليأس من إمكانية حدوث التغيير بواسطة الانتخابات، على الرغم من أن المضمون الفني لم يتطرّق إلى الانتخابات بشكل مباشر بخلاف تجارب سابقة.
وقبل فيديو "راني زعفان" الذي أنتجه الشاب أنس تينا، كان الشاب إلياس المعروف بـ"شمسو دي زاد جوكر" قد أنتج فيديو "مانسوطيش"؛ وتعني "لن أصوت أو لن أنتخب"، حرّض فيه الجزائريين على عدم التصويت بقالب فنّي جميل يستعرض إخفاقات السلطة في الاهتمام بالشباب في مختلف المجالات الحياتية.
ويعتبر الباحث هواري حمزة أن هذه التجارب تمثل تحوّلاً مهماً في طريقة النقد السياسي المباشر للسلطة باستغلال وسائل التوصل الاجتماعي كـ"يوتيوب"، ويقول الباحث إن "شمسو وأنس مبدعان متميزان، كيف لا وهما من استطاعا أن يصلا بخطاب سياسي بسيط إلى الملايين، في الوقت الذي تعجز فيه كل الأحزاب بمعارضتها وموالاتها عن تحقيق عشر الرقم رغم خطابها الشعبوي التهريجي عبر أجهزتها الإعلامية الثقيلة".