انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير عرضته يوم السبت، الوضع في مخيّمات اللاجئين الصحراويين في جنوب غرب الجزائر، معتبرة أنه يبعث على القلق. وقال المدير المساعد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة إريك غولدستين: "لم يتوصل الباحثون إلى دليل على أي نمط لانتهاكات خطيرة، لكنهم حددوا مجالات عدة تبعث على القلق".
وحمل التقرير عنوان "خارج الرادار: حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين في تندوف"، ويعد الأول من نوعه الذي تصدره منظمة حقوقية، بحسب غولدستين. وتناول حقوق الإنسان من خلال سبعة جوانب هي: "حرية التنقل، حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، استخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين والتحقيق معهم، الاعتداء الجسدي من قبل قوات الأمن، العبودية، الاختفاء القسري، غياب المساءلة عن انتهاكات الماضي".
وقال التقرير إن "معظم اللاجئين الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش، قالوا إن البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) لا تمنع اللاجئين من السفر من وإلى مخيمات تندوف، بما في ذلك العودة للاستقرار في الصحراء الغربية الخاضعة للمغرب".
أضاف: "بشكل عام، فإن البوليساريو لا تلجأ إلى تقييد سفر سكان المخيمات إلى موريتانيا والصحراء الغربية بشكل تعسفي، لكن جبهة البوليساريو والسلطات الجزائرية تشددان الإجراءات الأمنية ونقاط التفتيش على طول الطرق، بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب في منطقة الساحل وضرورة مكافحة التهريب".
وذكر غولدستين أن "سبب هذه الإجراءات بحسب السلطات الجزائرية ومسؤولي البوليساريو، هو التخوف من النشاط الإرهابي". وفي ما يتعلق بحرية التعبير، قال التقرير: "لم نصادف أي حالة قامت خلالها جبهة البوليساريو بسجن شخص بسبب آرائه، أو تعبيره، أو نشاطه السياسي. وكانت الحالة الوحيدة التي انطوت على اعتقال بدوافع سياسية واضحة هي حالة مصطفى ولد سلمى، وهو رجل أمن انشق عن جبهة البوليساريو".
وانتقد التقرير "محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية من قبل السلطات الصحراوية". وأوصت المنظمة مجلس الأمن الدولي بوجوب "توسيع ولاية بعثة الأمم المتحدة من أجل الاستفتاء في الصحراء الغربية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان والإبلاغ عنها في كل أجزاء الصحراء الغربية التي يسيطر عليها المغرب، والتي تسيطر عليها البوليساريو، وفي المخيمات التي تديرها البوليساريو في الجزائر، أو تأسيس آلية أخرى تمكن الأمم المتحدة من المراقبة المنتظمة والميدانية لحقوق الإنسان في تلك المناطق، والإبلاغ عنها".
وأُنشئت مخيمات لعشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين في تندوف خلال النصف الثاني من عام 1970، بعد أن فروا جراء تقدم القوات المغربية. وتدير جبهة البوليساريو، بموافقة الجزائر، هذه المخيمات التي تعيش من المساعدات الدولية.
ودعت جبهة البوليساريو إلى "ضمان حق سكان المخيمات غير المقيد في حرية التنقل، واتخاذ تدابير استباقية حتى يتسنى لجميع سكان المخيم أن يعرفوا أنهم أحرار في مغادرة المخيمات، بما في ذلك، إذا رغبوا، الاستقرار في الصحراء الغربية الخاضعة لسيطرة المغرب".
وقال مسؤول الإعلام في السفارة الصحراوية في الجزائر محمد لمين، إن "التقرير تعتريه نواقص موضوعية كونه وجه اتهامات مبنية على شهادات شفهية غير موثقة، وهذا أمر يضرب مصداقيته". أضاف "هذه معالجة سياسية لوضع حقوقي، فالحديث عن قيود على السفر إلى المخيمات غير دقيق كون الأمر متاح للجميع، كما أن المنظمة تصف المناطق المحررة من قبل الصحراويين بالمستوطنات وكأننا في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وبدأت قضية إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء وجود الاحتلال الإسباني بها، ليتحول النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة. وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكما ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب جبهة البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم وفقاً للوائح الأمم المتحدة، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي النازحين الفارين من الإقليم بعد سيطرة المغرب عليه.